المؤسسة السياسية والجيش ورضا الشعب
تاريخ النشر : 2020-02-20
المؤسسة السياسية والجيش ورضا الشعب


  المؤسسة السياسية والجيش ورضا الشعب
دكتور ناجى صادق شراب
 
المؤسسة ورضا الشعب دعامتان أساسيتان للنظام الديموقراطى ، فالمؤسسية نقيض للشخصانية والفردانية التي تقوم عليهما الأنظمة ألأبوية السلطوية.والمؤسسية أحد أعمدة الحكم الرشيد، وتقوم على التخصص الوظيفى وتوزيع السلطات، وعدم إحتكارها في مؤسسة واحده، أو في تنظيم أو جماعة . والمؤسسية تنقسم إلى المؤسساتية السلطوية ويقصد بها السلطات الثلات التقليدية المتعارفه في علم السياسة التنفيذية والتشريعية والقضائىة، والعلاقة بينهما يحكمها طبيعة النظام السياسى رئاسى أو برلماني ، لكنها في كل الأحوال تقوم على الفصل فى وظائفها،والحيلولة دون توغل إحداهما على ألأخرى ، وهنا كما نرى في نظام الكوابح والجوامح الذى يحكم العلاقة بين السلطات الثلاث في ألولايات المتحده. وكما يقول مونتسيكيو السلطة تحد من السطة ، والهدف الحفاظ على ديموقراطية النظام ، والمؤسساتية تبقى والشخص يذهب، وهو ما يضمن الإستمرارية وإستقرار النظام السياسى ، وهذا أحد أهداف النظام الديموقراطى الرشيد.والمستوى الثانى الذى يكمل الشبكة المؤسساتية مؤسسات المجتمع المدنى والتي تقوم بوظيفة كبح النظام السياسى او السلطة من التوغل وألإنحراف، فتحدث قدرا من التوازن السياسى ، فهى تمارس وظائف مهمة وضروية لتجديد وتفعيل النظام السياسى الديموقراطى والحفاظ على حيوته وفعاليته فهى تقوم بوظيفة التجنيد السياسى أي تهبئة للمواطن للممارسة والوظيفة السياسة ،ووظيفة التنشئة السياسية بزرع الثقافة وألقيم الديموقراطية وأساسها المواطنه العامه ، ووظيفة المشاركة السياسية في الحياة السياسية العامة والمشاركة في الانتخابات.وتعتبر مؤسسات المجتمع المدنى أحد أهم الركائز الاجتماعية للديموقراطية ، فالديموقراطية تقوم على جناحين المؤسساتية السياسية والمؤسساتية المجتمعية ، وكلاهما يكمل الآخر.والركيزة الرئيسة التي تعرف بحجر ألأساس لأى نظام ديموقراطى هو رضا الشعب، فالأصل في تعريف الديموقراطية حكم الشعب وبواسطة الشعب وللشعب. وهذا التعريف نحن في حاجة ماسه لإستعادته اليوم لفهم التحولات السياسية في عالمنا العربى وما لمسناه من دور مهم وحيوى وحتمى للمؤسسة العسكرية الحامية للنظام السياسى في مصر والجزائر.فالأساس في الحكم هو الشعبـ لأن الحكم لا يكتمل إلا بقاعدته الشعبيه، بمعنى أن الحاكم لا يشعر انه حاكم إلا إذا توفر له  رضا من يحكمهم، والحكم غايته رضا الناس ، وحفظ كرامتهم الوطنية. وأى حكم يعمل على تحقيق هذا الهدف فهو للشعب أيا كان شكل الحكم، المعيار هنا بالرضا، وما يميز الحكم الديموقراطى هو هذا الهدف وعليه يمكن ان نطلق هذا الحكم على اى نظام حكم يحقق نفس الغاية. ولتحقيق هذه الغاية يتم الحكم بواسطة ، وهنا ألأشكال تتعدد، والمقصود بذلك ان يختار الشعب من يحكمه ، ويعبر عن مطالبه وإحتياجاته، وبإختيار من يعبر عن إرادته ومن هنا أهمية ألإنتخابات ، وإختيار الشعب لمن يمثله فيما يعرف بالسلطة التشريعية أو النيابية أو التمثيلية ، ومن هنا تتعدد وسائل الرقابة الشعبية والتي من أبرزها الرقابة والمساءلة البرلمانية ، والإستفتاءات الشعبية التي تعبر عن راء الشعب من قضايا الحكم، واهمها الإستفتاء على الدستور او بعض نصوصه أو الحاجة لتعديل بعض مواده، فهذا حق للشعب ، وليس لشخص أو حزب أو جماعة. إذن ألأساس في الحكم هو الشعب ورضاه والتعبير عن هذا الرضا بوسائل وآليات متعدده. ومن هنا بتنا أمام نماذج للحكم جديده من أهمها مثلا الحكم الرشيد والذى يوازى في راى الحكم الديموقراطى.وفى هذا السياق يمكن أن نفهم دور المؤسسة العسكرية كما رأينا أخيرا في الجزائر وقبلها مصر، فالمؤسسة العسكرية مثلها مثل باقى المؤسسات السياسية ، لكن ما يميزها أن أهم وظائفها حماية المؤسسات السياسية القائمة ، وحماية الدستور وحماية مصالح الشعب عندما تتعرض للإنتهاك بسبب حكم معين حتى لو جاء بالإنتخاب، الانتخابات ليست مبررا للحكم السلطوى الإستبدادى. فالمؤسسة العسكرية في البلدين من أكبر المؤسسات ، ولو تعرضت للإنهيار والضعف فالنتيجة الحتمية إنهيار كامل للنظام السياسي . ولعل من أهم ألأسباب التى تدفع للتدخل العسكرى أن يذهب الحاكم بعيدا في حكمه ، ويحول المؤسسات السياسية إلى مؤسسات خاصه يسيطر عليها ، ويحول الحكم إلى حكم شخصانى  ،فردانى تستفيد منه قلة منتفعة فاسده، هنا التدخل الشعبى المسنود بالجيش وهذا ما رأينا في النموذجين. وإذا حاول تنظيم معين كما فى الأخوان وسيطرتهم ومحاولاتهم تغيير كل نظام الحكم ، والسيطرة على المؤسسة العسكرية ، هنا التحرك الشعبى المسنود بحماية الجيش، وقد يصعب في نظمنا التمييز الدقيق بين دور المؤسسة العسكرية السياسى ودور المؤسسات السياسية ، ولكنها في النهاية هي الحامية للقانون والدستور وضمان رضا الشعب. في هذا المنظور يمكن ان نفهم النموذج الذى يقوم به الجيش بدور سياسى دستورى..

[email protected]