يوم كشمعة في الظلام بقلم:هالة محمد درويش
تاريخ النشر : 2020-02-19
في شهرِ تموز من عام ألفين والسبعة عشر من القرن العشرين، قررت وزارة التربية والتعليم إصدار نتائج الثانوية العامة، كُنت قد أتممتُ أربعةُ سنين بين رهبتها وكُل المحاولات قد فشلتْ.
أشهرٌ وسنينُ كأنهم دهر من عُمري، لَبثتُ في كومِ من الجدرانِ المخيفة جعلتني أجلس دائماً مثل القرفصاء أحتضن نفسي ، وسقفُ حُلمي في كل مرة يتقلص، وتصيبني رهبة الضيق في كل محاولة فاشلة، على الأغلب كُنتُ قد فقدتُ الأمل ولو بذرة من هذهِ المجرة، إلا أنّ هذه الأربعة وعشرين ساعة قَلبتْ سقفَ أحلامي رأساً على عقبِ.
جاء يوم صدور نتيجة الثانوية العامة، كان يوماً مثل أيّ يوماً قد مضى، لكنهُ قَلَبَ ناصية أحلامي،في تمامِ ساعاتِ الفجر المُنيرة و نسمات البرد التي تصيبُ بالقشعريرةِ، إشتعلتْ مَواقد فؤادي وهبَّ صوتي كالأصم الذي استطاع الحديث لأول مرة، إنهُ يوم بألفِ عيدٍ على التوالي، كيف أصابني جنون الحماس وكأني نسيتُ ما مضى، فرحٌ وبهجةٌ في لحظةٍ كانت شبية هزيز الرياح القوية، أنهمرت مدامعي وبدأتُ بصلاواتي شاكرة ربي على ما أهداني شعوري لا أستطيع الإتيان به بهذه الحروف الرقيقة،
إنها ساعاتٌ أضاءت شمعةَ كبريائي وثقتي بذاتي، أصبحتُ أرقص على أطراف أصابعي وكأن الأضواء مُبثة كُلها نحوي، أيقظتُ أُمي وأبي، ليتكم شاهدتم تعابير وجهيّهما، كانت صاعقتهم الأولى في نجاحي كوني أنا أول فرحة لهم ، كان ردهم : بعدُ أربعةُ سنينَ خرجتي من مأزق الثانوية، نعم خرجت من هذا المأزق، لا تتعجبوا إنه بالفعل مأزق بل هو سِجن قيد أضلُعي وأخذني إلى ظلام الخفافيش الموحش.
نَسيتُ ألم المفاصل الذي أصابني من كُثرة اللوم وتعبُ الذاكرة الموشح بالعُجاج، وأصبحتُ الملكة على عرش الاطمئنان.
بدأتُ أرسم من جديد أحلام المستقبل الجديد، وأُقَلّب صفحات الماضي وأحرقها بأشواقِ الجياشة.
هذا اليوم المليئ ببداياتِ الجديدة، جعلني أنسى كُل الذكريات الموحشة والمريرة، نِعمة من الله الواحد الأحد، والحمد لله على كل ما مضى.