ماذا سَيَجنيِ المطبعون؟!بقلم د. عبد الرحيم جاموس
تاريخ النشر : 2020-02-17
ماذا سَيَجنيِ المطبعون؟!بقلم د. عبد الرحيم جاموس


ماذا سَيَجنيِ المطبعون ..؟!
بقلم د. عبد الرحيم جاموس
لسنا أعداء لليهود، ولكننا أعداء للمشروع الصهيوني الإستعماري الإستيطاني في أرض فلسطين، والذي جاء تنفيذه وقيامه على أرض فلسطين، كخلاصة لمخططات الإستعمار الغربي التي تستهدف من خلاله الكل العربي، ولا حاجة لنا أن نذكر بوثيقة كامبل بنرمان التي مؤداها العمل على تقسيم الوطن العربي إلى كيانات ضعيفة وغرس كيان سياسي مناهض ومعادي لها يفصل شرقها عن غربها ويكون على مقربة من قناة السويس بعد سقوط الدولة العثمانية، هذا ما تعهدت به الدول الإستعمارية بعد الحرب العالمية الأولى، وتمكنت بريطانيا وتحالف الدول الإستعمارية من تنفيذ هذه الخطة بنجاح منذ العام 1918م إلى اليوم 2020م، فقد مرّرت هذا المخطط خطوة خطوة، وشرعنة هذا المخطط الإستعماري بإحكام عبر النظام الدولي القائم والمهيمن عليه اليوم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، التي تَتَولى رعاية هذا المشروع الذي وضع في بداية القرن العشرين، بعد سلسلة حروب من عام 1948م و 1956م و 1967م و 1973م، وإجتياح لبنان 1982م، سعياً لفرض الكيان الصهيوني ودمجه في الوطن العربي، وذلك عبر سلسلة من الإجراءات والإتفاقات، وتكريس دوره المنوط به، في إبقاء العالم العربي في حالة من التأزم وعدم الإستقرار والتجزئة والتخلف.
في هذه المرحلة الخطيرة من مراحل تنفيذ هذا المخطط الإستعماري تأتي مرحلة ربط هذا الكيان الصهيوني مع الدول العربية في علاقات رسمية طبيعية تؤكد التسليم بوجوده، بل بات يمثل إقامة مثل هذه العلاقات معه من وجهة نظر الولايات المتحدة، المدخل لرضاها والفوز بدعمها ورعايتها، ودون ذلك لا تكتمل شرعية النظم الحاكمة في الدول العربية، وعليها التناسي أن هذا المشروع يغتصب الحقوق الثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني في وطنه، ويشيد نظام فصل عنصري جديد، يتنافى مع روح العدل والقانون وروح العصر والتاريخ، ويمثل عدوانا مستمراً ومباشراً على القانون الدولي والشرعية الدولية.
قد إضطرت بعض دول المواجهة أن توقع معه إتفاقات سلام منفردة، وأن تقيم معه العلاقات الطبيعية على المستوى الرسمي، فماذا جنت هذه الدول من هذه الإتفاقيات لغاية الآن، حتى تتشجع الدول غير المواجهة له، كي تسعى لتوقيع إتفاقات أو تفاهمات معه تؤدي إلى إقامة علاقات طبيعية ؟!
دول الجوار قد إضطرت إلى ذلك لعدم قدرتها على الإستمرار في المواجهة العسكرية معه، لما يحظى به من الدعم العسكري والمادي المطلق من قبل الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي تعتبر أمنَ هذا الكيان وتفوقه غايتها القصوى، إلتزاماً بإستمرار نجاح مخطط هيمنتها ونفوذها في المنطقة.
أتسائل هنا كيف لهذه الدول مثل السودان الشقيق أن تتغافل عن الدور المباشر الذي لعبه في دعم الإنفصاليين السودانيين وصولاً إلى تقسيم السودان ؟! فماذا تنتظر منه أيضاً ؟
إن التوجه الذي أعلن عنه مؤخراً رئيس مجلس السيادة الحاكم في السودان، هل يكفي لتبريره أن ترضى الولايات المتحدة عن تسلمه السلطة في الخرطوم، وبعض الوعود السرابية بمساعدة السودان في بعض القضايا الأمنية والإقتصادية والسياسية، كي يدوس السودان على الأمن القومي السوداني والعربي وعلى آلام وتطلعات الشعب الفلسطيني، لقاء هذه العطايا والوعود الأمريكية، إن هذه الهدايا الموعودة لن تخرج السودان من أزمته، بل سوف تعمق من أزماته وفقره وعدم إستقراره، ليس لدى هذا الكيان الصهيوني ما يقدمه للسودان الشقيق أو غيره سوى مزيد من الإبتزاز وخرق سيادته ونسف وحدته.
د. عبد الرحيم محمود جاموس
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
E-mail: pcommety @ hotmail.com
الرياض 17/02/2020م