إسرائيل ما بين فلسطين والفلسطينيين!بقلم:د. ناجى صادق شراب
تاريخ النشر : 2020-02-17
إسرائيل ما بين فلسطين والفلسطينيين!بقلم:د. ناجى صادق شراب


 إسرائيل ما بين فلسطين والفلسطينيين!

لعل الإشكالية الكبرى التي تواجه إسرائيل انها جاءت على نفس الأرض التي نشأ وعاش عليها الفلسطينيون لآلف السنين، وأنها تريد هذا الأرض كاملة لها لتحقيق نبؤاتها الدينية ، وهى نجحت أولا في في قيام دولة على المساحة اتلى أقرتها لها ألأمم المتحد وفقا لقرار 181 بمساحة تقارب ال55 في المائة ، والقدس تحت الوصاية الدولية ، ثم نجحت في المرحلة الثانية بعد حرب 1948 ان تمدد هذه الدولة على ما مساحته 80 في المائة  ما نبسته 25 في المائة ، ثم مرحلة التمدد الثالثه بعد حرب 1967 لتضم كل فلسطين بكل من يعيش عليها من شعبها لتجد نفسها امام إشكالية كبرى في كيفية الجمع بين ألأرض والسكان. فهى تريد مسح فلسطين من على الخارطه السياسية للمنطقة كلها وتريد ان يحل محلها دولة إسرائيل اليهوديه. وكانت عينها على منطقة الضفة الغربية لأسباب كثيره انها تشكل ما نسبته 19 في المائة من مساحة فلسطين ، وانها تتسم بأهمية إستراتيجية وجيوسياسيه كبيره و منطقة العمق القلب لنواة دولتها الكبرى ، وتسكنها غالبية الشعب الفلسطيني ، ولعل الظروف التاريخية قد ساعدتها ووفرت لها ظروفا وفرصا تاريخية كبيره حيث ان معظم المنطقة الفلسطينية بقيت خالية من سكانها بسبب التجمع السكانى في قلب المدن الفلسطينية في الضفة فكانت فرصتها بالشروع بعملية بناء إستيطانى كبيره تكتمل بها مفهوم إسرائيل الكبرى ، فقامت وبسهولة بمصادرة الآراض وبناء المستوطنات وملئها بالمستوطنيين بهدف تحقيق معادله سكانية أولا ثم تفوقا على العنصر السكانى ، وكان لها ذلك بوصول المستوطنيين اليوم لأكثر من 650 الف مستوطن في الضفة و400 ألف آخرين في القدس ،  ولعل مما ساعد أيضا على هذا البناء الإستيطانى إتفاق أوسلو الى منحها فترة هدؤ سياسى لتبنى مستوطناتها بدون مقاومة تذكر.ولتحقق إنجازا بإعتراف أمريكا على لسان وزير خارجيتها بشرعنة المستوطمنات، تمهيدا لمرحلة ضم منطقة غور الأردن الإستراتيجية والتى تفصل فلسطين عن عمقها العربى ، وتحولها لمنطقة جغرافية معزولة في داخل كانتونات ومناطق عزل جغرافيه ، وكل هذا لهدف إستراتيجى وهو شطب إسم فلسطين  والتعامل معها كمجموعات سكانية لهم بعض الحق الاقتصادية والإجتماعية ولا ممانعه من سلطة حكم ذاتى فلسطينية ذات طبيعة إدارية بدون أي سلطات سياديه وهى من سمات ومكونات اى دولة ، والخيار الثانى تفعيل الخيار البديل وهو الأردن كدولة. وفى هذا السياق يمكن فهم المقاربات الإسرائيلية في التعامل مع غزه التى من منظورها لا تزيد أيضا عن كتلة سكانية كبيره تصل لمليونيين نسمه، فهنا في نموذج غزه الضغوطات اقل بكثير من الضفة الغربية ،من ناحية مساحة صغيرة جدا لاتصلح لقيام دولة قويه مستقله قابله للحياة ، ومن ناحية أخرى خصائصها الجغرافية والجيوسياسية تجعل منها منطقة يمكن التحكم في كل مداخلها البرية والبحرية والجوية ، ففي النهاية وإن كانت تقع في قلب الدائرة الأولى لأمنها لكن يمكن التحكم فيها من خلال خيار سيناريو الحرب المستمرة التي تجهض قدرات المقاومة بها، ومن خلال الحصار المسيطر عليهأ او من خلال التوصل لهدئة طويلة المدى تنزع من المقاومة سلاحها. وتجعل من غزة منطقة حياة وسكن ، وحتى في حال تحولها لكينونة سياسية مستقله فهذا يصب في تحقيق هدفها الإستراتيجى وهو شطب إسم فلسطين كدولة وكإسم سياسى ، وهذه هي وظيفة الإنقسام السياسى الذى تعمل إسرائيل على تحويله لحالة فصل سياسى مستفيده من الإنقسام ، ورغبة حماس بقيام كينونة لها تحفظ لها بقائها وتساعدها في ذلكعوامل إقليمية كدور دول مثل تركيا وقطر والأخوان، ولا تمانع إسرائيل لهذا الدور طالما أنه يصب في تحقيق هدفها الإستراتيجى وهو شطب إسم فلسطين كدولة . ويبقى المستوى الثالث لشطب فلسطين الملف اللاجئيين الفلسطينيين ، وقد بدأت خطوات نزع الشرعية والتفكيك، ولعل اكبر تواجد للمخيمات في الأردن ولبنان، وكما يبدو لنا السياسات التي تمارسها بدعم أمريكى بتوطين كامل للاجئيين الفلسطينيين في لبنان مع توسيع هذا المفهوم. وهذا قد يفسر لنا الضغوطات التي تتعرض لها ألأردن، وهنا تتعددد الوسائل بإغراءات الهجرة ، وتقليص دور الوكالة وخدماتها . واما اللاجئون الفلسطينيون في سوريا فهم الآن في مرحلة هجرة قسرية ، ولا يبقى الا التعامل مع المخيمات في داخل الآراضى الفلسطينية واليوم التعامل معهم ليس كلاجئيين بل كمجرد عدد او رقم يضاف للسكان, وبالعمل الجاد على إنهاء دور الوكالة في داخل فلسطين تمشيا مع هدف شطب إسم فلسطين. هذه هي مقاربات إسرائيل في التعامل مع القضية الفلسطينية التعامل معها ليس كدولة بل ككتل سكانية بحقوق إقتصادية وإجتمناعية وقليل من الحقوق السياسية التى لا تصل لمستوى السياده وهذا هو مضمون صفقة القرن.

دكتور ناجى صادق شراب
[email protected]