"الرئيس الأمريكي و الدولة العميقة"
تاريخ النشر : 2020-02-16
"الرئيس الأمريكي و الدولة العميقة"


"الرئيس الأمريكي و الدولة العميقة"
*  مروان اميل طوباسي 
ترامب كما العديد من رؤساء أمريكيا كما ترومان أيضا  هو صناعة الدولة الامريكية العميقة وهو يعبر بالنهاية عن مصالحها وعن المصالح "القومية الكبرى" الاقتصادية والأمنية والسياسية وعن شبكة مصالح الصناعات الكبيرة وتحديداً منها العسكرية بالولايات المتحدة التي تسعى لاثارة الحروب بالعالم. إضافة إلى ترجمة المفاهيم الايدولوجية لليمين المحافظ بل والمتطرف بالولايات المتحدة وعن فكر جماعات الافنجليكين "Evangalicals" التي يتجاوز تعدادها حوالي 100 مليون فرد أي بنسبة 41% من الشعب الأمريكي الذين يعرفون انفسهم من هذه الفئة او من المتجديدين " born again" ونسبتهم في تزايد مستمر وهنالك انتشارات اليوم لهم في ارجاء أخرى من العالم مثل انتماء رئيس البرازيل اليميني المتطرف  بولسونارو  لهم, وهم الان يتجاوز عددهم بالعالم  700 مليون شخص. بالإضافة إلى مؤيدي الفكر المسيحي – الصهيوني ومن اليمين المتطرف في أوروبا المرتبط بهذه الجماعات، ذلك الفكر الذي يتصاعد في أوروبا خاصة في بعض دول أوروبا الشرقية و الذي لايمت بصلة للتعاليم المسيحية الحقة من خلال تفسيراتهم التوراتيه الخاصة و الذين يؤمنون من خلالها  بحق اليهود في كامل "ارض إسرائيل الكبرى"، وان السيد المسيح له عودة ثانية ليقيم مملكته وفق اعتقادهم المشوه حول ذلك  بما يخدم رؤيتهم المزعومة. وهم ينظرون إلى الحركة الصهيونية كحركة متحضرة كجزء من "الغرب" مقابل العرب "الغير متحضر".وتعبيراً عن ذلك كان الاعتراف بالقدس الموحدة كعاصمة "لدولة إسرائيل" بداية في عهد ترامب ونقل سفارتها لها واستمرت الحكاية من باب ايمانهم ومن ثم شرعنة المستوطنات اليهودية. لقد هؤلاء الافنجليكين  Evangalicals" شكلوا القاعدة الانتخابية لترامب منذ 2016 وهم من مؤيدي إسرائيل ويعتقدون برابط مع "الشعب اليهودي" بالأراضي المقدسة وفق مقولاتهم وبالتالي شرعية ضم كافة الأراضي التي احتلت عام ٦٧  لسيطرة وسيادة إسرائيل عليها تمهيداً ليوم عودة اليهود "لارض الميعاد".وللتذكير فقط، فان وزير الخارجية بومبيو  ومايك بينس نائب الرئيس الأمريكي الذي هو من تلك الجماعات  قد صرحوا بمقابله في آذار الماضي "بان الله كان هنا في عمل"، بما يتعلق بسياسات ترامب تجاه إسرائيل.تلك إحدى محددات السياسة الخارجية الأمريكية التي لا يمكن القفز عنها او تجاهلها بجانب محددات أخرى لها علاقة بالوجه الاحلالي و فكر التطهير العرقي التي اعتمدتها و  تعتمدها سياسات الهيمنة  الاستعمارية  لإيجاد نظام عالمي احادي يفتقر الي العدالة و ينشر الفوضى و بؤر التوتر و الحروب الاقتصادية و العسكرية و يطمع بالسيطرة على ثروات العالم و الشعوب من نقط و غاز و مياه و معادن، انها الراسمالية المتوحشة في صورة اليمين العقائدي المتطرف الان. ان ما يدور من سياسات لترامب و منهجه الفكري لا يستهدف فقط شعبنا الفلسطيني بهدف تصفية قضيتنا العادلة و تنفيذ المشروع القومي اليهودي  الصهيوني على أرض فلسطين التاريخية، بل كذلك فإن القانون الدولي مستهدف و إطار هيئة الأمم   و ميثاقها  و السلم العالمي بالإضافة إلى مبادئ العدالة و الديمقراطية ذاتها  في كل العالم مستهدفة.لكن هذا الأمر لن يسود طويلا، فالتاريخ لا يعرف السكون، هنالك إمبراطوريات سقطت و دول صعدت و شعوب تحررت رغم محاولات تشويه التاريخ و إشاعة ظلم هذا الفكر، و النظام العالمي لن يتوقف عند نقطة محددة امام حقوق الشعوب التي لا بد من أن تنتصر و ينتصر شعبنا لحقوقه التاريخية و السياسية. كما انتصرت شعوب كثيرة من قبل *   

 مروان طوباسي سفير دولة فلسطين لدى اليونان