خطاب الرئيس أمام مجلس الأمن والشرعية الدولية بقلم:د. رياض عبدالكريم عواد
تاريخ النشر : 2020-02-14
خطاب الرئيس أمام مجلس الأمن والشرعية الدولية بقلم:د. رياض عبدالكريم عواد


خطاب الرئيس أمام مجلس الأمن والشرعية الدولية
د. رياض عبدالكريم عواد

يكفينا كثيرا لو لخصنا خطاب الرئيس فقط بهذه العبارة الشاملة "ارفض صفقة القرن لانها لا تمنح شعبي أبسط حقوقه السياسية والوطنية، ومن حق هذا الشعب ان يرفض الصفقة وان يقاوم الاحتلال". رفض قاطع واضح للصفقة واصرار على مواصلة المقاومة، ودعوة الشعب للمقاومة من على أعلى منبر في نيويورك وامام العالم، ماذا تريدون أكثر، كيف قيمتم أن هذا خطاب هزيل واستجداء، لا انتظر اجابتكم، فالمقال ليس موجه لكم في الأساس؟!

رفض الرئيس في خطابه الخطة بوضوح وعلل بما يلي:

1. لأنها تشبه "الجبنة السويسرية" ولا تحقق السيادة للشعب الفلسطيني.

2. لما تضمنته من مواقف أحادية الجانب ومخالفتها للشرعية الدولية.

3. يكفي أن تكون مرفوضة من قبلنا كونها تخرج القدس الشرقية من السيادة الفلسطينية.

4. هذه الصفقة ألغت قانونية مطالب الشارع الفلسطيني وحقه المشروع. كما شرعت ما هو غير قانوني من استيطان ومصادرة وضم للأراضي.

سأل الرئيس الحضور "من يقبل منكم أن تكون دولته هكذا". وأضاف "جئتكم من قبل 13 مليون فلسطيني لنطالب بالسلام العادل فقط".

التأكيد على حل الدولتين والسلام العادل:

مستعدين للتفاوض في حال وجود شريك إسرائيلي،

كما حذر الإسرائيليين من أن سياساتهم الحالية وانتهاج خطة ترامب لن يوفر لهم الأمان. ليس لدينا سوى خيار وحيد لنكون شركاء وجيراناً كل في دولته المستقلة وذات السيادة، فلنتمسك معاً بهذا الخيار العادل قبل فوات الأوان.

الموقف الامريكي

دافع صهر الرئيس الأمريكي وعراب خطة السلام الأمريكية جاريد كوشنر أمام مجلس الأمن الدولي عن ضرورة التخلي عن "العادات" القديمة لدى التعامل مع المشكلة الأكثر صعوبة في العالم. كما مارست أمريكيا ضغوطا قوية جدا على بعض الدول، تحديدا تونس واندونيسيا، العضوين غير الدائمين في مجلس الأمن، مما اجبر تونس على اقالة سفيرها لدى الأمم المتحدة؟!

الموقف الإسرائيلي

تعليقا على خطاب رئيس السلطة الفلسطينية قال داني دانون سفير تل أبيب لدى الأمم المتحدة إن لعباس "باعا طويلا في الخطابات المزدوجة". وأضاف: إن عباس يأتي إلى الأمم المتحدة مدعيا أنه ملتزم بالسلام لكنه عندما يعود إلى الأراضي الفلسطينية فإنه يحث على العنف. لقد دعا الفلسطنيين قبل سفره إلى الاحتجاج والقيام بأعمال عنف ضد الإسرائيليين. وكانت النتيجة المؤسفة هي وقوعُ خسائر لدى الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي" ختم السفير الإسرائيلي كلامه.

وأكد دانون "لن يكون أي تقدم في عملية السلام ما دام أبو مازن في منصبه".

مدير مركز موشي ديان للدراسات عوزي رابي صرح لوكالة فرانس برس: إسرائيل تبحث عن رئيس فلسطيني “براغماتي” شاب معتدل، خلفًا للرئيس عباس لتنفيذ خطة السلام الأميركية.

الموقف الشعبي الفلسطيني

اظهر استطلاع للرأي نشر حديثا أن أغلبية ساحقة من الفلسطينيين (94%) ضد خطة ترامب، هذا اضافة الى الحراك الشعبي القوي في كل من غزة ورام الله الذي يتناقض مع ادعاء الإدارة الأمريكية من أن الخطة مرفوضةٌ فقط من جانب القيادة الفلسطينية.

الموقف العربي

رفضت جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد الأفريقي، خطة ترامب. بينما حضر سفراء البحرين، وعمان، والإمارات إعلان الرئيس الأمريكي عن خطته للسلام وإلى جواره رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو الذي عقد اجتماعا في بداية الشهر الجاري مع عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني.

اوراق بيد الرئيس

أكد أولمرت في المؤتمر المشترك مع الرئيس في نيويورك إن الرئيس محمود عباس فعل كل ما هو ممكن للتعبير عن التزامه بالسلام، والعمل على إيجاد بيئة مناسبة لتحقيقه بين البلدين. وأكد أن الطريقة التي تعالج بها الولايات المتحدة عملية السلام ليست الطريقة الصحيحة، مضيفا أن الرئيس عباس هو رجل سلام.

وتابع: كشريك للسلام أؤمن أن الشريك الفلسطيني الوحيد للسلام والذي يمثل الشعب الفلسطيني وهو مستعد للمفاوضات، وكان يمكن التوصل لاتفاق معه في ذلك الوقت هو الرئيس محمود عباس، وأنا أثق به لأنه كانت هناك جسور بيننا.

كما عرض الرئيس ابو مازن رسالة من 300 ضابط إسرائيلي يرفضون خطة أمريكا للسلام. هؤلاء اعضاء في جمعية شكّلها ضباط سابقون من جيش الاحتلال والشاباك وأذرع أمنية مختلفة، وأطلقوا عليها "ضباط لأجل أمن إسرائيل". حيث حذّروا " من أية خطوات إسرائيلية أحادية الجانب لضم مناطق بالضفة، واعتبروا أن أي ضم كهذا سيشكل خطرًا كبيرًا على أمن دولة الاحتلال. هذا اضافة الى التظاهرات الإسرائيلية التي قامت في تل أبيب لرفض الوثيقة".

إضافة إلى رسالة من مجلس النواب الأمريكي بها توقيع 107 عضوا عليها، ورسالة من مجلس الشيوخ الأمريكي وقع عليها 12 عضوا، وكلهم يرفضون الصفقة وبعضهم مرشحون للرئاسة.

هذا هو جوهر خطاب الرئيس ابو مازن واهم ما صاحبه من ملابسات من الأطراف الرئيسية للصراع. علينا ان نفهم ان هذا الخطاب جاء في إطار الظرف الموضوعي والذاتي الراهن الذين يمكن ذكر عناصره الأساسية كما يلي:

فقدان الفلسطينيين لحليف رئيسي قوي على الساحة الدولية، خاصة إذا عرفنا أن جل النجاحات السياسية التي حققها الفلسطينيون كانت في إطار وجود المنظومة الاشتراكية بقيادة الاتحاد السوفيتي وبدعم متواصل وبدون شروط منه ومن منظومة عدم الانحياز.

تغول اليمين الأمريكي وسيطرته على الحكم وتبنيه لمطالب ورؤية اليمين الصهيوني لحل الصراع في الشرق الأوسط.

استمرار سلخ غزة عن السلطة الوطنية التي فقدت من خلال ذلك بعدا جماهيريا مناضلا في غزة أفقدها كثيرا من كفاحيتها.

رداءة الوضع العربي وانشغال الدول العربية الأساسية في مشاكلها الداخلية

انتهاء مرحلة الكفاح المسلح وعدم إمكانية ممارسته في الداخل والخارج وتحول تجربة غزة العسكرية إلى وبال وتدمير للحياة في غزة وضعف للسياسة الفلسطينية العامة.

أي اننا كفلسطينيين ذهبنا إلى الأمم المتحدة ونحن نعرف جيدا إمكانياتنا وواقعنا العربي والدولي ونعرف أن منابر الشرعية الدولية هي طريق هام للشعوب المناضلة لحشد التأييد الدولي لقضاياها العادلة، لكنها ليس الطريق الوحيد.

إن الاستخفاف بهذه الوسيلة النضالية والاستهانة بالنضال السياسي والديبلوماسي، وطرح إستراتيجيات خاطئة وغير ممكنة ولا نمتلك وسائلها وامكانياتها، مثل المطالبة بالعودة إلى الكفاح المسلح أو قلب الطاولة على الجميع، إضافة إلى كثير من العنتريات التي لم نسمعها فقط من نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي وإنما أيضا من بعض الكتاب والمثقفين.

ان هدف هذه الأطروحات هو تيئيس الناس بتحميلها فوق إمكانياتها ومقدرتها، إضافة إلى تضليل وتعزيز الاتجهات العوغائية في المجتمع، خاصة بين الشباب، التي تطرب لسماع التهديدات العنترية ولصوت الحروب حتى ولو كان نتيجتها الدمار المحقق.

أن مهمة المثقفين طرح الرؤيا الصحيحة أمام الجماهير وتعليمهم الموضوعية وأهمية فهم موازين القوى السائدة في اللحظة التاريخية المحددة.

ليس أمامنا كشعب احتلت أرضه من عقود طويلة الا مواصلة النضال والمقاومة والبقاء على ارضنا، وهذا هو ارقى أشكال المقاومة، التي يحب أن تتواصل سلميا على طول الأراضي المحتلة، على ان نحافظ على سلميتها وأهدافها وشعاراتها الموضوعية، ونتمسك بالسلطة الوطنية ونعززها ونطورها، كحاضنة اجتماعية وسياسية للنضال الوطني في الأراضي المحتلة.