خطاب الأمل والسراب بقلم:خالد صادق
تاريخ النشر : 2020-02-13
خطاب الأمل والسراب بقلم:خالد صادق


خطاب الامل والسراب
خالد صادق
خطاب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس اول من امس في الامم المتحدة لم يخرج من دائرة «التسوية» فكل الجهد الذي يبذله رئيس السلطة الفلسطينية الغرض منه العودة الى مسيرة التفاوض العبثية, فرغم اعلانه تمسكة بالسلام كخيار استراتيجي ووحيد, ومطالبته بالعودة الى التفاوض من جديد, وتمسكه باتفاقية اوسلو المشؤومة ونبذه للمقاومة التي سماها «الإرهاب», وانه سيبقى يعيش الحلم والامل حتى يتحقق, وطالب دول العالم بألا يقتلوا الامل لدى الشعب الفلسطيني, كل هذا الكلام الذي يعبر عن الازمة التي يعيشها رئيس السلطة الفلسطينية وفريقه المفاوض والتي تمثلت في تمكن «الهزيمة» منهم الى حد بعيد, رد عليها ممثل «اسرائيل» في الامم المتحدة المدعو داني دانون بوقاحة شديدة وبتهديد مباشر من فوق منبر الامم المتحدة للرئيس عباس بالقول « «لن يكون أي تقدم في عملية السلام ما دام أبو مازن في منصبه», وهاجم دانون رفض أبو مازن للخطة الامريكية وقال :»ان كان حقا يريد المفاوضات، لكان لم يكن الان في نيويورك، انما في القدس. قولوا له ان يأتي للتفاوض بدلا من الخطابات هنا», على الرغم من وجود ابو مازن معه في نفس قاعة الامم المتحدة لم يرد مخاطبته والتحدث اليه مباشرة , انما قال قولوا له, وهذا يعني ان «اسرائيل» تتجاهله ولا تراه بالعين, فما الذي ينتظره السيد عباس اكثر من ذلك, كي يدرك ان «اسرائيل» لا تريد السلام, وليست مستعدة للتنازل والعودة للمفاوضات على اساس قرار الشرعية الدولية, وان المجتمع الدولي لم يعد يعنيها بتاتا.

من المفترض ان يكون هذا الرد كافيا لرئيس السلطة الفلسطينية وفريقه المفاوض لكي يدركوا ان «اسرائيل» لا ترغب بالسلام, ولن تعود لمسيرة التسوية مجددا الا وفق ما تسمى «بصفقة القرن», وعليه الا يحلم بتحقيق حلمه وان يقتل الامل الذي بداخله, فقد بات الامل كابوسا مرعبا يقض المضاجع ويصيب الناس بالهذيان, للأسف الشديد فرئيس السلطة لا يجيد مخاطبة العالم, فالخطاب العاطفي المليء بالمشاعر الجياشة لا يجدي نفعا, ولا يحقق اية مكاسب, ليس بتعداد الدول التي تعترف بك سيادة الرئيس تحقق الانتصارات, فالدول التي تعترف بالسلطة اكثر من الدول التي تعترف «بإسرائيل», فماذا فعلته هذه الدول لنصرة القضية الفلسطينية وزي ما بيقولوا في المثل «العدد في الليمون» كل هذه الدول التي تعترف بالسلطة تنظر الى مصالحها اولا ومن ثم تبقى فلسطين على هامش اهتماماتها, تخيل سيادة الرئيس ان مجرد تقديم مشروع قرار للأمم المتحدة لإدانة صفقة القرن التي تنكرت للقرارات الاممية فشل, بإشارة واحدة من امريكا التي اوصت بعدم تقديم القرار فانصاعت على الفور كل الدول بما فيها اندونيسيا وتونس خوفا على مصالحهما, وسعت فرنسا وبريطانيا للضغط عليهما لأجل سحب القرار فما الذي تنتظره من هؤلاء, انه الوهم, ولا ادري سيادة الرئيس الى متى ستبقى تعيش وهم التسوية «السراب», ولا ادري كيف ستواجه هذه الانتكاسة الاممية الجديدة, والتي تدل على ان المجتمع الدولي ينظر الى «صفقة القرن» على انها معيار للتفاوض مع الاحتلال.

عندما يتحدث داني دانون ان السلام لن يتحقق طالما ان ابو مازن على رأس السلطة, فهذا يعني ان «اسرائيل» تبحث عن بديل يقبل بصفقة القرن كحل للقضية الفلسطينية, وبات رئيس السلطة امام خيارين لا ثالث لهما, فإما ان يحمي نفسه من غدر الاحتلال ويعدد من خيارات المواجهة معه, ويطلق يد الشعب خاصة في الضفة المحتلة للرد على صفقة القرن, ويمضي نحو المصالحة الداخلية وانهاء الانقسام, ويدعو الى اجتماع عاجل على مستوى الامناء العامين للتحاور والتوافق على برنامج وطني جامع, واعادة تفعيل المنظمة وفق الواقع الجديد بمشاركة حماس والجهاد الاسلامي والدعوة لانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني والانتخابات الرئاسية والتشريعية, واما ان يعلن حل السلطة والتنحي عن ادارتها واعتزال الحياة السياسية قبل ان تقدم «اسرائيل» بجبروتها على ارغامه على فعل ذلك «بالقوة», فإسرائيل تساندها في سياستها الادارة الامريكية, والمجتمع الدولي, وغالبية الدول العربية والاسلامية, واصبحت اسرائيل مهتمة بشكل اكبر باقامة تحالفات مع الدول العربية وخاصة الدول المستقرة اقتصاديا «كدول الخليج» لتحقيق حلمها بفك عزلتها والتحكم في سياسات المنطقة, والتصدي «للخطر الايراني» فهذا هو العنوان العريض لإقامة التحالفات مع الدول الخليجية التي اخذت على عاتقها مواجهة «الخطر الايراني» ودعم أي كيان سيحارب ايران ويسعى لتدميرها, بل وتدمير محور المقاومة في المنطقة, وبذلك تكون «ايران» القاسم المشترك في العداء بين «اسرائيل» والدول الخليجية, هكذا تتحرك «اسرائيل» يا سيد عباس وتتجاوزك .. فمتى ستتجاوزها انت؟!.