الحرب على السلام بقلم:عمر حلمي الغول
تاريخ النشر : 2020-01-27
الحرب على السلام  بقلم:عمر حلمي الغول


نبض الحياة 

الحرب على السلام

عمر حلمي الغول 

إدارة الرئيس دونالد ترامب، رغم الأزمات، التي تعصف بها داخليا وخارجيا، مازالت تقود حربا مجنونة مع حكومة الفاسد، نتنياهو لتصفية عملية السلام على المسار الفلسطيني الإسرائيلي، وتصفية القضية الفلسطينية كليا عبر ما يسمى الإعلان عن الشق السياسي لصفقة القرن الترامبية قبل يوم الثلاثاء القادم 28/1/2020 ، وعشية وصول رئيس حكومة تصريف الأعمال الإسرائيلية، الملاحق بعدم منحه الحصانة، بعد توجيه تهم الفساد والغش وسوء الأمانة والتحايل، للقاء سيد البيت الأبيض، الذي بدأت محاكمته في مجلس الشيوخ لإستكمال ما قرره مجلس النواب الأميركي بالموافقة على عزله. 

رجلان من طينة واحدة، غارقان في مستنقعات آسنة من الفساد، وهوس الإمساك بكرسي الحكم، ومضاعفة تأزيم الصراعات الإقليمية والدولية، والحرب على السلام من خلال فرض صفعة العصر على الشعب العربي الفلسطيني، التي باتت ملامحها منذ نهاية عام 2017 وعام 2018 واضحة وجلية، ولم يعد فيها ملفا اساسيا من ملفات الحل النهائي غامضا، او ملتبسا، وغير مطروح، ولم تأخذ الإدارة الجمهورية قرارا وإجراءً به. ومع ذلك يحاول الرئيس الأميركي وأركان إدارته الإدعاء، ان ما نشر وتسرب لا يعكس جوهر الصفقة؟ وماذا بقي من الخطة الأميركية لم يطرح: ملف القدس إنتهى، وأعلن عنه، ونقلت السفارة الأميركية من تل ابيب إلى القدس؛ ملف اللاجئين وملاحقة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، إنتهى، وأخذت قرارات معلنة وجلية؛ ملف الحدود ماذا بقي فيه غير معلن؟ ملف الإستيطان الإستعماري أمسى منتهيا ايضا؛ ملف الأغوار والسيطرة الأمنية الإسرائيلية، أميط اللثام عنه؛ والمنطقة C ايضا تم تحديد مصيرها ومستقبلها بمنح السيادة على معظمها لدولة إسرائيل الإستعمارية؛ ماذا بقي غير معلن؟ هل بقي الجسر المعلق بين الضفة وغزة؟ وماذا يعني عمليا، إن كانت الأرض لا تخضع للسيادة الفلسطينية، والحدود تحت السيطرة الإسرائيلية، والأجواء وتحت باطن الأرض تخضع للقرار والسيطرة الإسرائيلية؟ 

يتفضل الرئيس ترامب وفريقه المعني بالملف يعطي اي عاقل في الأرض ما سيحمله الشق السياسي من الصفقة، هل سيحمل إسم "فلسطين الجديدة"؟ ما هي هذة الفلسطين؟ وما حدودها؟ وما هي ملامحها؟ وما هو مستقبل ابناء الشعب العربي الفلسطيني في الشتات؟ هل التوطين، هو الحل؟ ومن قال أن الشعب ونخبه السياسية تقبل بذلك؟ وعلى اي اساس سيقبل الفلسطينيون التوطين؟ ولماذا تقبل القيادة الفلسطينية بضم القدس الشرقية؟ ما هو الأساس القانوني والديمغرافي والسياسي والإقتصادي لذلك؟ وهل يقبل الرئيس وإدارته بتقسيم واشنطن العاصمة، أو اية عاصمة لدولة في العالم؟ ولماذا الحياد وعدم الإلتزام بما قررته الشرعية الدولية، وإلتزمت به حكومات إسرائيل وإدارات الولايات المتحدة المتعاقبة والسابقة على إدارتك؟ لماذا الإخلال بمعاييرونواميس الشرعية الدولية والمعاهدات الدولية؟ هل الشعب العربي الفلسطيني رقم زائد عن البشرية، يجب دفنه حيا؟ وهل الشعب والقيادة الفلسطينية مسؤولة عن محرقة اتباع الديانة اليهودية، ام انها كانت تاريخيا الحاضنة لهم، والمؤمنة لهم العيش الكريم في ربوع فلسطين؟ واليس العرب جميعا منذ مؤتمر مدريد عام 1991، وهم ملتزمون ومتعانون مع الإدارات الأميركية المتعاقبة؟ وألم يقروا مبادرة السلام العربية عام 2002 في قمة بيروت بالإنسجام مع الرؤية الأميركية والإسرائيلية؟ وما بقي من المصالح العربية لم تحصل عليه الولايات المتحدة والغرب الرأسمالي عموما؟ وايهما ابقى وأرخص لدافع الضرائب الأميركية بقاء دولة الإستعمار الإسرائيلية عنوانا للحروب والإرهاب الدولاني في المنطقة والعالم ونهب اموال دافع الضرائب الأميركي، ام العرب، الذين يشترون الأسلحة ويبقونها في المستودعات الأميركية دون إستخدام؟ وأليست ودائعهم المالية موجودة في البنوك الأميركية والغربية الرأسمالية؟ واليست القواعد الأميركية منتشرة كالفطر في الوطن العربي؟ مما تخاف أميركا والغرب؟ وهل من مصلحة أميركا كسب عداء الشعوب العربية، أم كسب ودها؟ ولمصلحة من بقاء سياسة العداء والإبتزاز الرخيص للقيادات العربية؟ ماذا تريد ايها السيد الأفنجليكاني المسكون بنزعة الحروب الدينية؟ ولماذا لا تكف عن الأساطير والخزعبلات اليدنية والميثولوجية؟ 

صفقة القرن الترامبية، هي الوصفة الحقيقية لإعادة الساحة الفلسطينية والعربية والإسرائيلية لدوامة العنف والإرهاب والحروب، الخاسر الأبرز فيها الولايات المتحدة وإسرائيل الإستعمارية، وليس العرب والفلسطينيون. فكروا قليلا بمصالح الولايات المتحدة الحيوية قبل ان تعلنوا صفقتكم المشؤومة. لإن العرب لن يموتوا، ولن يفنوا بعكس أعداءهم، الذين يعيدوا إنتاج المحرقة النازية ضد اليهود والفلسطينيين العرب. أوقفوا حربكم ضد السلام، وأمنحوا السلام فرصة لبناء جسور التعايش والتعاون والتطبيع الحقيقي، لإن ما هو قائم ليس تطبيعا مقبولا، ومازال مرفوضا، ولن يقبل به العرب والفلسطينيون. وما لم يتمكن الفلسطينيون من الإستقلال والسيادة الناجزة على ارض دولتهم المستعمرة والمحتلة في الخامس من حزيران عام 1967 والقدس الشرقية عاصمتها الأبدية، وضمان عودة اللاجئين على اساس القرار الدولي 194، والمساواة الكاملة لإبناء شعبهم في ال48 لن تقوم قائمة لسلام عادل وممكن.

[email protected]
[email protected]