بدون مؤاخذة- جلد الذات فلسطينياً
تاريخ النشر : 2020-01-26
بدون مؤاخذة- جلد الذات فلسطينياً


جميل السلحوت:

بدون مؤاخذة- جلد الذات فلسطينيا

ما أن أعلنت أمريكا نيّتها الإعلان عن "فصعة القرن" حتّى انبرت أقلام فلسطينيّة وعربيّة لمهاجمة منظمة التحرير الفلسطينيّة، والسّلطة الفلسطينيّة، وتحمّلها مسؤوليّة سياسة القوّة الأمريكيّة التي تفرض ما تريده أمريكا كقوّة عظمى على العالم. وأنا هنا لا أدافع عن منظّمة التحرير ولا عن السلطة الفلسطينيّة، بمقدار ما أدافع عن حقوق شعبي وأمّتي الطبيعيّة وغير القابلة للتّنازل أو الرّضوخ مهما كانت التّضحيات. لكنّ اللافت أن من يهاجمون المنظمة والسّلطة لا يتطرّقون للسّياسة الأمريكيّة والإسرائيليّة المعادية للشّعوب العربيّة وحقوقها المشروعة في أوطانها، بل ولحقّها في الحياة. ويتناسون التّحالفات العربيّة الرّسميّة مع أمريكا وإسرائيل، ويتناسون تريليونات الدّولارات العربيّة التي ضُخّت وتُضخ في الخزانة الأمريكيّة، وجزء منا يُحوّل كصفقات سلاح أمريكيّة لإسرائيل، ولتمويل الإستيطان اليهودي في الأراضي العربيّة المحتلة، تماما مثلما يتناسون الحصار المالي لمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينيّة.

صحيح أنّ منظمّة التّحرير وذراعها في الأراضي المحتلة قد ارتكبت أخطاء مثل خطيئة أوسلو وغيرها، لكن جلد الذّات لا يبرّر القفز عن الظروف الدّوليّة المحيطة، ولا يبرّر التّغاضي عن مكائد الأعداء والأخوة الألدّاء. فمنظّمة التّحرير هي الآن في أصعب الظّروف، وهي بحاجة إلى الالتفاف حولها والوقوف معها أكثر من أيّ وقت مضى، فالقضيّة الفلسطينيّة تمرّ في أصعب مراحلها. وجلد الذّات يصبّ حتما في مصلحة الأعداء. 

ومن يركّزون سخطهم وغضبهم في هذه المرحلة على منظّمة التّحرير ويتعاملون مع السّلطة الفلسطينيّة وكأنّها دولة عظمى، فهل يعلمون أنّ السّلطة 

ليست دولة مستقلّة، وأنّها تحت احتلال، ولا سلطة لها على أرض الواقع؟ ومع ذلك فهل تنازلت السلطة عن ثوابت الشّعب الفلسطينيّ؟ وهل منظّمة التّحرير والسّلطة الفلسطينيّة هما من أضاعتا فلسطين حتّى تستحقّان كلّ هذا الغمز واللمز؟ لمنظّمة التّحرير وللسلطة الفلسطينيّة أخطاء، ومن يعمل يخطئ، لكنّ هذا لا يعفي الأخوة العرب دولا وشعوبا من مسؤوليّاتهم تجاه قضيّة العرب الأولى. وفصعة القرن الأمريكيّة الإسرائيليّة التي تعمل على تصفيّة القضيّة الفلسطينيّة، وحرمان الشّعب الفلسطينيّ من حقّه في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلّة بعاصمتها القدس الشّريف، تعمل على ترسيخ السّيادة الإسرائيليّة على الشّرق الأوسط برمّته، ولن تكون فيه الشّعوب العربيّة سوى "حطّابين وسقّائين" حسب التعبير التّوراتي، كما أنّها بداية البداية لتطبيق المشروع الأمريكيّ"الشّرق الأوسط الجديد" الذي يعمل على إعادة تقسيم المنطقة إلى دويلات طائفيّة متناحرة، وسيلحق التّقسيم دولا مثل: العراق، سوريّا، لبنان، السعوديّة، اليمن، ليبيا وحتى الجزائر، كما أنّ الأردنّ مطروح كوطن بديل للفلسطينيّين. فهل ننتبه إلى ما يخطط لنا...والحديث يطول. 

25-1-2020