ذكرياتنا منحه بقلم: محمد أبوالفضل
تاريخ النشر : 2020-01-26
حياتنا مليئه بالذكريات وذكرياتنا ما بين فرح وحزن، مرح وسرور  وألم ووجيعه وقليل الذين يستثمرون أحزانهم، متعالين عليها ومتجاوزين لها أولئك الذين يحولون آلامهم آمالا. 

كلنا بشر من لحم ودم، وليس كل البشر بنفس القدرة والعزيمه والأرادة التي تمكنهم من إحداث ذلك النوع من التغيير، لكن بيننا أناس أثبتوا بمزيد من ذكريات الآلام والمواجع، بل وهم يعيشونها ويحيونها لحظة بلحظة، أنهم قادرون على صنع الفوارق والمضادات لمثل ذلك الواقع الذي ينهار أمامه كثيرون.

في مثل تلك الذكريات الموجعه  ما يقوى  أحد منا ويمنحه مخارج

 ما كانت لتتهيأ له لو كان غارقا في الدعة والراحه والنعم وخلو نفسه من المشاكل والآلام والمواجع .

 ذكريات مثل تلك تتيح لك فرصه للأنتباهه أو بعض الأنتباهه للمحيطين بك . 

للذين لم تكن تراهم بالعين المجردة رغم أنهم أمامك وحولك . لم تكن تبالي بمعاناتهم وآلامهم ، أو تهتم بما يكابدون. 

كأن هذا العالم وجد كي تكون فيه مرفها منعما وحدك، وكي تتنقل من رفاهيه إلى ما يفوقها من النعيم فتمنحك مثل تلك اللامبالاة رصيدا معدوما في الحس والشعور ، ونفيا من الإنسانية التي من الطبيعى أن تكون أحد المنتسبين إليها.

تتيح مثل تلك الذكريات دروسا في إمكانيات الفرد الخرافية والعملاقة. 

إمكانات تبرز دوره الحقيقي الفعال، ومكانته الطبيعية واللائقة به في هذا العالم. المكانة التي فيها صك من رب العزة خالق الأكوان بتكريمه. 

ولا يمكن أن يكون الأنسان مكرما ويستسلم لأنكساره ولضعف ووهن وآلام ومواجع وحصار ذكريات. كلها فى الحقيقة محض وهم أمام ما منحه الله من هبات وطاقات هو من يعطلها، وهو من يؤجلها بفعل غمامة هم وغم ، أو بفعل سحابات وهم تحول بينه وبين رؤية طاقاته الحقيقية ، وهو بإمكانه تغيير الكثير ممن يظن أنه ضربة لازم وقدره الذي لا مبدل له حتى تلك الأمور التي له يد في الأنعطاف بها وتغييرها لتكون فى صالحه وصفه ، وبالتالي لصالح الأفراد ممن ينتسبون له ومن حوله.

في الذكريات الأليمة الموجعه ما يجعلك ترى الصورة المقابلة في واقع الحياة. 

تلك التي يفر منها الكثيرون، ولا يؤمن بها الكثيرون أيضا، وخصوصا أولئك الذين جاؤوا إلى العالم وهم بمنأى عن مثل تلك الذكريات بفعل رفاهية وسعة ورغد العيش وأنفصالا عما يكدر وينغص حياتنا اليوميه ، بأستثناء الموت الذي لا يد طولى لهم فيه،فلا أجهزة تحكم أو أموالا يدفعونها للحيلولة دون قيام الموت بدوره فكل من عليها فان 

وفي الجانب الآخر من الصورة، تبرز ذكريات الفرح والمر، تلك التي تحفزنا وتحرضنا وتقوينا على كسر دائرة الحصار التى  ربما وضعنا أنفسنا فيها بخيارنا تلقائيا من دون أن نشعر، بأنكسارنا وخنوعنا وأستسلامنا ولواقع قطعنا بألا مجال نهائى لتغيير مساراته، ليعبث بما تبقى فينا من طاقات وعزائم نريد لها أن تتوارى وتتلاشى نهائيا.

والذكريات في جانبها المفرح على وجه الخصوص هى خزان نعود إليه كي نأخذ حصتنا من القوة والدافعية المحفزه عند الحاجه لأستئناف الأدوار التي يجب أن نضطلع بها لأنها فى الحقيقة تشبهنا وتشبه أرواحنا، الأدوار التي حالت بيننا وبينها آلام ومحن ومواجع . كما أن الذكريات في جانبها المؤلم والمؤلم الجارح مخزون حصانة كذلك ، فكثر هم من صنعت منهم الآلام والمواجع والمحن عظماء، بعظمة قدرتهم على تجاوز تلك الآلام والمواجع والمحن، وعبقرية التعامل معها وأستثمارها لصالحهم .

الذكريات نحن من يضاعف تأثيرها سوءها أو حسنها ،المؤلم منها والمفرح، تلك التي تصعد وترقى بنا سموا بأنفسنا، أو نكوصا ونزولا بها إلى أسفل حيث لا يليق بإنسانيتنا، والتكريم الذي خصنا الله سبحانه وتعالى به .

وأكثر الأفراد مقدرة على تجاوز ذكرياتهم السيئة الموجعه أولئك الذين لديهم المقدرة والمبادرة الفطرية نحو تحقيق السعادة والفرح ورسم الأبتسامة على شفاه الذين يمرون بأطوار الشعور بعزلتهم عن العالم، وأنهم وحدهم الذين يعيشون كل صور ومعاني المأساة والمعاناة .

وحتى أولئك الذين ينعمون بذكرياتهم السعيدة المفرحة ومازالوا يعيشون تفاصيلها لحظة بلحظة، سيشعرون بأضعافها مضاعفه حين يبادرون بصنع الأشياء المفرحه للذين يفتقدون ملامح الفرح وأسباب السعادة ، ما يدفعهم إلى الشعور المؤلم بأفتقاد معنى الحياة الحقيقى وجدواها.