ماذا يعني التخبط الإيراني؟ بقلم:منى سالم الجبوري
تاريخ النشر : 2020-01-26
منى سالم الجبوري
منذ إندلاع إنتفاضة 15 نوفمبر/تشرين الثاني2019، وماأحدثته من هزة غير عادية في داخل نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية خصوصا بعد الشعارات المطالبة بإسقاط النظام وتغييره وتلك التي أطلقت ضد المرشد الاعلى للنظام، فإن حالة من القلق والتخبط تسود في أوساط هذا النظام وقد تعمقت وإزدادت هذه الحالة بروزا بعد مقتل الارهابي قاسم سليماني وبعد إنتفاضة 11 يناير/کانون الثاني2020، على أثر الکذب الذي مارسه النظام بخصوص عدم إعترافه بإسقاط الطائرة الاوکرانية، ومن دون شك فإن الاوضاع السيئة جدا التي يعاني منها النظام وإزدياد عزلته الدولية والاقليمية بصورة ملفتة للنظر وتصاعد الانتفاضتين العراقية واللبنانية ضد نفوذه وهيمنته، جعل ظلالا من الخوف الاستثنائي تخيم على هذا النظام بحيث صار هناك حالة من عدم الثقة بمستقبله من جراء تزايد التحديات والتهديدات وعدم قدرة النظام على مجابهتها والحد منها، وهذا ماجعل من التخبط في المواقف والتصريحات ظاهرة باتت تفرض نفسها على النظام وليست مجرد ظاهرة طارئة أو مٶقتة.
إعلان النظام الايراني عن إستعداده لإرسال الصندوق الأسود للطائرة الأوكرانية الى أوکرانيا ومن ثم تراجعه عن ذلك، وکذلك بالنسبة لما يتعلق بمواقف النظام من الاتفاق النووي الذي صار في حکم الميت سريريا، الى جانب الموقف من هلاك الارهابي سليماني والتناقض في المواقف المتبعة ازاءه وأمور أخرى غيرها، تعطي إنطباعا کافيا لملاحظة حالة التخبط التي باتت ملموسة في طهران ولم يعد بالامکان إنکار ذلك.
التهديد الذي أطلقه علي لاريجاني، رئيس البرلمان الإيراني، قبل فترة قصيرة، ضد أوروبا بإنهاء تعاون ايران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بسبب تفعيلها "آلية فض النزاع" النووي، مشددا على إن النظام الايراني في طريقه لإتخاذ قرار جدي مع قضية الطاقة الذرية، لايجب أخذه على محمل الجد، فهذا النظام وخلال هذه الفترة تحديدا يمثل الشئ ونقيضه، فهو وإن أطلق هذا التهديد على لسان لاريجاني، فإننا يجب أن ننتظر بعد ذلك خروج أحد القادة والمسٶولين الايرانيين ليعلن خلاف ذلك أو ليخفف من اللهجة ويجعل التهديد يسير بإتجاه مختلف تماما.
حالة التخبط هذه من الممکن أن تزداد أکثر بعد التصريحات الاخيرة التي أدلى بها برايان هوك، المبعوث الامريکي الخاص بالاوضاع في إيران والتي قال في معرض رده على سٶال بخصوص رفع الحظر عن الحوار مع منظمة مجاهدي خلق بأنه" من الضروري للغاية أن نلتقي مع المعارضين الإيرانيين المنفيين و نسمع ملاحظاتهم وحالات قلقهم ونقوم بإشراك استراتيجيتنا وسياسة خارجيتنا والدور الرادع في إضعاف النظام وإضعاف القوات العاملة لها بالوكالة وسنواصل تلك الأنشطة."، وهذا في حد ذاته رسالة حازمة وصارمة لطهران وتحمل الکثير من المعاني التي ستعمق بالتأکيد من حالة التخبط ذلك إن المستقبل يزداد غموضا بالنسبة للنظام فيما يزداد وضوحا وإشراقا بالنسبة للشعب والمعارضة الايرانية.