طلاسم الريح!!بقلم: محمود حسونة
تاريخ النشر : 2020-01-26
طلاسم الريح!!بقلم: محمود حسونة


1- شُروقي!!
وأنا أمرّ في الطريق إلى مدرستي كنت أراقب ضوء الشروق وكيف يلامس خديك؛ فيفرح… يرسم ظلك الطويل؛ ليعانق ظلي؛ أنا مَدينٌ لهذا الشروق!!
فتتغيّر رائحة الهواء، نكهة فستق وكاكاو، ويعتدل الطقس.. لا أتكلم مع أحد يصادفني؛ لأني مرتبك!! أغني ويغني معي ضوء الشروق!!
يأخذكِ الخجل لشارع جانبي، ترتبين دهشتك وملامحك، أكُلُّ هذه الملامح لكِ؟! هل ستمرّين غدا في مثل هذا الوقت، وفي هذا الطريق وقت الشروق!!
ربما أتأخر خمس دقائق؛ لأن أمي تلحّ عليّ كل صباح أن أسقي حوض نعناع فوق سطوحنا!!
ماذا لو اندلعت الحرب وأغلقت المدارس والشوارع؟!
أيمكن أن نهرب معا إلى مدينة بها شارع وحيد؟! تمرّ به صبيّة جميلة، أنتِ!! ومدرسة وحيدة وشروق!!
ونرتب ما تبقى من ظلينا، وندعو جميع العصافير البريئة والعشاق المجانين!!
نسيت أن أخبرك أنّي سأغلّف سماءها فلا تفاجئنا رصاصة ماكرة... وسأجرّب أن أحتفظ بوقت الشروق طويلا!! ونقرأ قصيدة لشاعرة تشبهكِ أصابها عشق مفاجئ!!
معي كلام كثير كثير سأحكيه لكِ عن وقت الشروق!!

2- غيمة!!
وأنتبه لنفسي ومعها خيالي، سلاحي الثقيل!! وكيف سيشكّل خطواتي!! فلا داعي لعدّ خطواتي أو تتبع أثر الآخرين...
ولم أنتبه إلى التواء الطريق … وكم سيكون حادّا وكثيفا هذا الطريق!!
والفكرة أن أحتفظ بصدق خيالي، لآخذ من تنتظرني إلى زمان بعيد!!
والأسئلة أخذت تهيج في رأسي ولها شبح الأكاذيب!! ماذا لو لم أجد مَنْ انتظرتها؟! وهل أنّي رأيتها ولم أبالِ بها؟! نظرتُ حولي لكنّي نسيتُ خيالي!!
كان خدر كالنعاس يجتاحني… حين اقتربتْ مني وسألتني عن اسم هو اسمي!! وعنوان هو عنواني، وتفاصيل ملامحي!!
تمنيت أن أضع يدي بيدها ونهرب معا إلى الأمام ثلاثين عاما!!
أنا الذي خذلتُ هذه المرة خيالي، سلاحي الثقيل!!
3- نُزهة!!
سأرافقها على سطح سفينة في مشهد تمثيلي…نتّفق على المشاهد الأولى… وللإثارة وقبل أن يصيب المشاهدين الملل؛ قررنا أن نُغرق السفينة!! ربما أقنعني المخرج بذلك، فهناك ألف سبب لتُغرق سفينة ولا تغرق، وهناك سبب واحد والسفينة تغرق!!
ولأنها تجيد فن البكاء وافقتْ، وأرسلتْ رسالة وداع أخيرة لأهلها وجيرانها وللذين لا يفهمون طلاسم الريح ، وبكيتُ معها فقد احتجنا مزيدًا من الدموع الكاذبة!!
وفي المشهد الأخير نجحت في إنقاذها من الغرق والمخرج نجح في إنقاذ السفينة!!
وقبل أن ألتقط أنفاسي، أصابتها رصاصة طائشة!!
أقسم المخرج أنّ الرصاصة الطائشة القاتلة لم تكن ضمن المشهد!!
وأنا بقيتُ مبللا بسوء الحظ، تائها بين تيارات البحر!!

4- لمسة مضحكة!!
كنت صامتا مشغولًا بجرح قاتل أصابني،أغطيه بمعطفي، هي تعرفه!! وظلّت تتحدث عن طفولتها وآبائها ومفاتنها...
فجاة قطعتْ الحديث ووقفت؛ ربما لترسم لها ظلا باهتا، ثمّ استادرت وغادرت!! تركتْ شيئا يشبه تهديدا، واندفعت إلى جوف الليل…
أحاط بي رجال كالعصابة… بقيت جالسا أستمع لصوت المطر… وأنا أرسمهم!!
أحدهم كان ثملا يُشهرعينيه كصبي صغير، وآخر نظر إلى حذائي الأسود النظيف، ومنهم من زمَّ شفتيه وتحسسَ وجهه، حين تأمّل ما أرسم!!
حين أتذكرها وهي تتحدث تلك الليلة؛ أنظر لصورتهم التي رسمتها؛ لأضحك!! ستحتاج وقتا طويلا لتعرفني!!
بقلم: محمود حسونة (أبو فيصل)