دُفنِتُ في غزة بقلم: محمود عبد العزيز قاسم
تاريخ النشر : 2020-01-25
دُفنِتُ في غزة بقلم: محمود عبد العزيز قاسم


دُفنِتُ في غزة

دُفنِتُ حيث الموتى يبعثون كما قال الكاتب الرائع يسري الغول في كتابه الرائع
الموتى يُبعثون في غزة إلا أنني أختلف معه تماماً فيما قال لأن ما رأيته في غزة أن الأحياء يُدفنون وتدفن أحلامهم وآمالهم وتطلعاتهم ومشاريعهم ولا أحد يشعر بمعاناتهم ومنهم من حاول الهرب من الدفن في ترابها الطاهر ليدفن في بحر لُّجِّيٍّ بعد أن تتلاقفه أمواج البحر وتتلاطمه وتجعل منه بالوناً منتفخا بالمياه ومن ثم يقذفه ليتلقفه البر الذي كان قد طارده كما تطارد السباع القوية الفريسة الضعيفة فالذي سلك طريق البحر مهاجرا هاربا من القطاع كان يعلم ويعرف مصيره ويعلم أنه سيواجه الدفن لكنه يعتقد أيضا أن البحر أكثر حنانا من غزة التي أصبحت كأنثى النمل الناري تُدرك أنَّ الذكر في عالمها كائن كسول، ولا يفعل شيئًا سوى الاسترخاء، وتناول الطعام، والتزاوج؛ ولذلك فهنّ لسن بحاجة للكثير من الذكور للقيام بهذا العمل.
ولهذا عندما تُرزق أنثى النمل الناري بأطفال جدد؛ تقتل عددًا كبيرًا من الذكور بين صغارها لكونهم عالة على مجتمعهن، وتترك منهم أعدادًا قليلة لإتمام مهمة التكاثر؛ بينما تترك جميع الإناث لأنهن من يتولين العمل في مملكة النمل ، لكن التفرقة في غزة تختلف نوعا ما فالتفرقة تكون بين أبناء الأحزاب الأكبر والأصغر وأبناء أصحاب النفوذ فالتنافس بين هذه الطبقات خلق الطبقة المسحوقة والمنسية التي أصبحت تعتقد أن الموت بقذيفة صاروخية أو الموت في مسيرات العودة بطلق متفجر أقل ألماً من من الموت جوعاً ومنهم من يعتقد أن الموت في بحر لُّجِّيٍّ أكثر تفضيلا من الموت برصاص القناص الاسرائيلي الذي يستمتع أو أنها تستمتع * المجندة الاسرائيلية * بقتل شباب غزة على الحدود وأنها تشعر بالنشوة حين تفتت قدمه وتفتك بجسده المنهك قبل اصابته و الآلاف من الشباب دخلوا وتسللوا إلى أراضينا المحتلة اعتقادا منهم انهم سيُصلون في القدس لكنهم قتلوا واعدموا بدمٍ بارد فهم هربوا من واقع صبروا عليه أكثر من عشر أعوام ولم يتغير والواضح أنه لن يتغير إلا للأسوأ فكل يوم يزيد سوءا أكثر من الذي سبقه ، فالحصول على فرصة عمل ي غزة يتطلب منك ما لا يتطلبه المقاتل في ساحة المعركة حتى أن الشركات والمؤسسات أصبحت وبسبب العدد الهائل من الخريجين تطلب على سبيل المثال من عامل النظافة أن يحصل على بكالوريوس في أحد التخصصات والأهم أن يكون حاصلا على فيتامين ( و) من أحد مراكز القرار في القطاع أما الحصول على الشهادة الجامعية فهو لا يتطلب الاجتهاد في الدراسة فهي تتطلب منك أن تكون قادر على تسديد الرسوم وشراء مستلزمات الدراسة وعن الفساد الجامعي في فلسطين قال البرفسور/ عماد البرغوثي :
بما أن فلسطين تحتل المرتبة الثانية عربيا بعد لبنان من حيث مظاهر الفساد المختلفة، وفي نظري أن أسوأ أنواع الفساد هو الفساد الأكاديمي.
وهنا أقول: الفساد الأكاديمي في بلدي وصل الى مراحل متقدمة جدا يصعب علاجها أو محاسبة المسؤول لأن الفساد في المناصب كلها من رأسها الى قاعها، وبالتالي، من يحاسب من؟ ومن مظاهره التي أعرفها :
- الفساد في التعيينات، من توافق عليه الأجهزة الامنية هو الآمن وغيره في مهب الريح.
- التدريس في الجامعة والتقييم ورصد العلامات، حدث ولا حرج، شلفقة.
- الترقيات في معظمها غير صحيحة وتعطى لمن لا يستحق، زبطني بزبطك.
-السرقات العلمية يتم اكتشافها ولا يحدث شيء.
-الغش في الامتحانات وفي مشاريع التخرج ورسائل الماجستير واضح للجميع ولكن دون تطبيق القوانين.
-المحاباة والمجاملة في مناقشات الرسائل الجامعية ومشاريع التخرج.
في بلدي الحصول على درجة البكالوريوس أسهل بكثير من الحصول على الثانوية العامة، والحصول على الماجستير أسهل من البكالوريوس والدكتوراة أسهل من كل هذا فهي أقل من مشروع تخرج أو بحث محترم في مساق ما، المهم ادفع الرسوم والشهادة تأتي.
وأخيرا أقول العديد ممن هم أساتذة جامعات أو أصحاب كراسي عليا في الإدارات الجامعية لا يحق لهم الوقوف أمام أبواب الجامعة.
أما الحب فقد دفن إلى أجل بعيد فلم يعد في غزة ما يسمى بالحب فأصبح الزواج لمن لديه القدرة المالية على الزواج أما من لم يستطع فعليه بالصيام أو الهجرة أو عليه أن ينسى رجولته إلا أن الكثير منهم سجن بسبب ديون ( قروض تيسير الزواج ) أي أنه أصبح كابوسا مؤلما يؤرق الشباب .
.
دفن الحب في وطن الحب
دفن السلام في وطن السلام
دفن الأحياء حيث الموتى يبعثون
دفنت آمال ومشاريع لو أنها لم تدفن لغيرت وجه العالم
فيتامين ( و ) مصطلح أطلقه شباب قطاع غزة على الواسطة .
بقلم / أ. محمود عبدالعزيز قاسم