حكام ماكرون ومعارضة هزيلة وشعوب ساذجة بقلم:ماهر الصديق
تاريخ النشر : 2020-01-22
حكام ماكرون ومعارضة هزيلة وشعوب ساذجة بقلم:ماهر الصديق


حكام ماكرون و معارضة هزيلة و شعوب ساذجة

قد نتفهم وسائل الحكام الخبيثة في شيطنة معارضيهم ، و إلصاق التهم بهم !

ابتداءً من الاتهام  بالخيانة و انتهاءً بالانحراف الاخلاقي . فهم و من اجل البقاء على رأس الدول و التصرف بالاموال العامة و حتى يبقى نفوذهم و مكاناتهم الاعتبارية يمكن ان يقوموا بأي شي ، من القتل و الاعتقال الى تشويه صورة الخصم السياسي و الفكري .  يوظفون لتلك الغايات افرادا و مؤسسات  و اختصاصيين ، بل يمكن ان يستوردوا متخصصين و مستشارين و مخططين من خارج الحدود و بمبالغ طائلة حتى يتمكنوا من اخضاع المعارضين ، بل و محوهم من الوجود . هذا تصرف بديهي و معروف عند كل مستبد، يحكم البلاد وراثيا او شبه وراثي . اذا كان ملكا او شبه ملك ، اذا كان انقلابيا و يتحكم بالعسكر . 

كل ذلك يمكن فهمه من زعماء يقودون البلاد على طريقة زعماء العصابات .

دائما تجدهم محاطون برجال يفتقدون للكرامة و مجردون من الضمائر .

رجال يرتدون البزات العسكرية و النجوم على اكتافهم ، او يخفون عيونهم بالنظارات السوداء و اجسامهم بالبذلات الواسعة التي تتسع للمسدسات  و الرشاشات الصغيرة . و برجال دين لا يتوقفون عن الدعاء لولي الامر و لاسرته و اقاربه و معارفه ، و يُسقطون عليه الايات و الاحاديث التي تحث على طاعته العمياء و الرضى بكل ما يأتي منه و الاستسلام لاهوائه و سياساته و ارتجالاته . و يتوعدون من يعارض الحاكم بحساب عسير يوم 
 القيامة ، و بحياة نكدة في الدنيا ! و تجد حول الحاكم جيش متفرغ من الاعلاميين و الردّاحين و اشباه المثقفين و ادعياء العلم و مروجي الشائعات و المزمرين و السحيجة الذين يتحدثون عن انجازاته العظيمة و يوعزون كل تقدم في اي مجال من المجالات الى حكمته و رعايته . كل انجاز ناتج عن جهوده الجبارة و تشجيعه  و عطائه . بطبيعة الحال فانهم  يغضون البصر عن البطالة و الغلاء و الجريمة  المتفشية و الادمان و تراجع المستوى التعليمي و انعدام الخدمات العامة ، و لا  يتكلمون عن السمسرة و الرشاوى في الدوائر الحكومية و لا عن الاهمال الطبي و انتشار الامراض و الاوبئة ، و لا عن العوز و الفاقة حيث لا يجد البعض
قوت يومه عوضا عن تكاليف الطبابة و التعليم و الاحتياجات الضرورية .   

 تتبع الحاكم عشرات الكاميرات التي تسجل كل فعل من افعاله ، حتى لو  قاد دراجه هوائية او تكلم مع مواطن عادي او زار مستشفى او مشي في الشارع .

اذا شيد مبنى او عبّد شارع او بنى  مستشفى او مدرسة كل هذا من فعل الحاكم و كأن اموال البلد هي امواله يمُن على الشعب بها .  لو قدمت مساعدة لمريض او لعائلة فقيرة او لتلميذ كل هذا يكون من كرمه و نبله و عطفه ، و ليست حقوق تذهب لاصحابها و ملاكها من ابناء الشعب ! و تجد حول الحاكم المستبد قضاة
لا يفقهون من القضاء الا اسمه ، لا يعلمون ثقل الامانة التي يحملونها ، و لا يدرون قيمة العدل و فداحة الظلم . يحكمون بمشيئة الحاكم ، ليس بالدليل و الشهود .

كل مخالف للحاكم متهم و قد يصل حكمه للاعدام ! يصدر القاضي حكمه و هو منشرح السريرة و لا يعلم بانه سيتقاضى يوما ما  امام قاض لا يُظلم عنده احد ؟

يحكم بالجملة ، يسمع من الطرف القوي و لا يلتفت للضعيف ، كل ما يريده هو رضى الحاكم البائس ، الذي يمكن ان تقتله حشرة صغيرة ، او يصاب فجأة في عاهة تلزمه حتى يهلك . اذن هذا هو الحاكم و رجاله و حاشيته و جوقته ، لا يترددون عن فعل اي شئ ، و ليس امامهم محرمات اطلاقا ، كل شيئ مباح في سبيل غاياتهم
و مكاسبهم . كل معارض عميل  و فاسد و مفسد و مهرب و ارهابي و منحل خلقيا .

كل شيئ يمارسه الحاكم و زبانيته من ارتباط بجهات خارجية و تعامل مع الاعداء  و نهب للمال العام و ارتكاب لكل المحرمات يلصقها بخصومه ، يشيطنهم ، يجعلهم و عائلاتهم و اقاربهم  و اصحابهم و معارفهم و اهل مدينتهم او قريتهم و عشيرتهم "ان كانت لهم عشائر " ، بل و كل من سلم عليهم في الشارع  او تحدث عنهم و ابتسم في وجوههم او غضب على ظلمهم او تحدث عن مناقبهم . كل اؤلئك متآمرون  ضد الوطن . يريدون الفوضى في البلاد ، يقوّضون السلم الاجتماعي ، يريدون نهب الثروات ، لهم اطماع في السلطة ، يريدون تدمير المنجزات و العودة بالشعب للعصور المتوسطة ! اتهامات بلا ادلة و نيل من كرامة المعارضين و محاولة تقزيمهم و التقليل  من شأنهم و حصرهم في خانة التآمر و الخيانة ! اذن  لا بد من الفتك بهم ، و ممارسة 
اقصى اشكال التنكيل و التعذيب و القتل و الابعاد ، كل هذا حفاظا على الوطن !

و كم خسرت الاوطان من رجال مخلصين يعشقون اوطانهم ، جاهزون لتقديم الارواح من اجل بلدانهم ، ذهبوا الى حيث لا عودة ، إما للقبور و إما خلف القضبان و إما خلف الحدود . و فوق كل ذلك تلطخت سيرهم بقصص ملفقة ، و باحاديث لا اصل لها ، و بشائعات من بنات افكار مخترعيها ، ذهبوا و بقي عشقهم  لاوطانهم و بقيت الحقيقة ضائعة ، و بقي الظلم يلاحقهم حتى في غيابهم .

لكن اية معارضة في بلادنا ، ما هو دورها ، ما هي ممارساتها ، اين يعيش  قادتها ؟ معارضة منقسمة و غير متجانسة و غير متفقة على قواسم مشتركة .

معارضة بلا اهداف واضحة . انتهازية تبتعد عن السلطة مادامت تتجاهلهم و تدير  ظهرها لهم و تتعامى قصدا عن أنشطتهم . معارضة  تقترب من الحكم مادام لها  شيئ من الكعكة ، مقعد نيابي او وزارة ثانوية او حتى رئاسة بلدية بل حتى  مجرد السماح بصحيفة او مهرجان او تجمع جماهيري او حتى معرض فني .

معارضة هزيلة غير قادرة على اي تغيير عوضا عن ايجاد برنامج حقيقي يحاكي الواقع و يجمع الجماهير حوله حتى يصل بهم الى تغيير النظام الاستبدادي .

 نعم حكام لم يُختاروا اختيارا حرا من شعوبهم ، جاؤا اما على ظهر دبابة  او من خلال خداع انتخابي او بتوريث من آبائهم . جاؤا الى حكم مطلق ابدي .  منزهون عن النقد ، فوق العدالة و القانون ، يملكون المال العام ويملكون السلطة و الشعب ، لا صوت مسموع الا صوتهم ، و لا هواء نقي الا هوائهم ، و لا اعتبار لاي شيئ الا ما يسمحون به ، و مع كل هذا و ذاك
يجدون شعبا طيعا مستسلما و مصدقا لكل ما تصدحه المنابر الرسمية ، كل شيئ يأتي من القصور الفارهة مقدس ! اكثرية فقيرة لا تعرف مصالحها ، يضحكون على ذقونهم بشعارات فارغة ، يثيرون مشاعرهم  بحب الوطن و كأن  الوطن هو الحاكم و عائلته و حزبه و رجال حكمه و جيشه و زبانيته و منافقيه .

يخوفونهم من القوى الخارجية و لا يقولون لهم انهم عملاء لتلك القوى الخارجية .

يخوفونهم من الفوضى و لا يبيّنون لهم انهم وراء كل فوضى و انهم من يصنعون  الفوضى و يوظفون شذاذ الآفاق  و يمولونهم من اموال الشعب الى ان يأتي وقتهم فينشرونهم في الشوارع لتنفيذ مخططاتهم في اشاعة الفوضى و الاعتداء على الممتلكات العامة و الخاصة و تعريض امن الناس للخطر مما يجعل من الضرورة  
بل و من اولويات مطالب الناس  سيطرة  القوى الامنية على الشارع لمنع الفلتان و فرض القانون ، و هو ما يستدعي احكام قهرية كفرض منع التجول و فرض الاحكام العرفية  بحيث  يتصرف الحاكم فوق كل القوانين فيعتقل و يقتل و يقمع بلا اي رادع . هذه خديعة تشترك فيها كافة  الحكومات المستبدة  في بلادنا .

و هذه حقيقة عرفها الانسان منذ مئات السنين و مازلنا نخدع بها ، و لن تتحق لنا كرامة في بلادنا الا اذا اخترنا من يحكمنا بارادتنا و بحريتنا ، ليس لنسبه و لا لماله و لا لحزبه و لا لخطبه الرنانة بل  لاننا نراه الافضل لقيادة البلاد .
ماهر الصديق