اللاجئون الفلسطينيون ومسؤولية منظمة التحرير بقلم: عماد عفانة
تاريخ النشر : 2020-01-20
اللاجئون الفلسطينيون ومسؤولية منظمة التحرير بقلم: عماد عفانة


اللاجئون الفلسطينيون ومسؤولية منظمة التحرير

كتب: عماد عفانة

يبدوا أن المعاناة، هي ما بات يجمع أبناء الشعب الفلسطيني سواء داخل فلسطين، أوفي مخيمات الشتات، أو في بلدان اللجوء الأوروبية، تلك البلدان التي هاجروا إليها أملا في حياة أفضل، إلا أن المعاناة تأبى أن تفارقهم.

وفي نظرة أعمق إلى هذا الجامع (المعاناة)، نجدها ليست نتيجة للاحتلال الصهيوني الذي تسبب بهذه النكبة لشعبنا الفلسطيني فقط، ولكنها أيضا نتيجة لغياب رؤية بعيد المدى لدى مؤسسات منظمة التحرير القائمة منذ أكثر من خمسين عاما، تماما كما في مختلف الفصائل، التي تتعامل مع أوضاع اللاجئين منذ عشرات السنوات كوضع مؤقت، وتكتفي ببعض المساعدات العينية التي لا تضمن ولا تخلق بيئة ضامنة لصمود اللاجئين سواء في مخيمات الداخل أو مخيمات الشتات.

غياب البعد الاستراتيجي في واقع منظمة التحرير التي بدأت بالضعف والتلاشي منذ خرجت من بيروت 1982، ترك ملايين اللاجئين في مختلف المخيمات يواجهون المعاناة وحدهم دون دعم او اسناد، تارة تستفرد بهم الدول المستضيفة، وتارة تلطمهم الحروب والأزمات التي تقع في هذا القطر أو ذاك، وتارة يسحقهم الحصار الذي تساهم فيه منظمة التحرير وسلطتها لقطاع غزة، وتارة تتخلى عنهم منظمة التحرير في بلاد اللجوء الأوروبي التي ترفض منحهم أوراق إقامة رسمية ما يجعلهم عرضة للترحيل من جديد ليس الى فلسطين ولكن نحو اللاوجود. 

من الجريمة استمرار الوضع الفلسطيني الحالي كما هو عليه الآن، وعدم تقدم الفصائل الكبيرة في ظل غياب منظمة التحرير بمشاريع فكرية وخطط استراتيجية لجهة تعزيز صمود الفلسطينيين في شتى أماكن اللجوء، سنحصد تأثيراتها المدمرة بعد سنوات قريبة.

فالفلسطيني في أوروبا التي ترنوا إليها عيون كل الحالمين بحياة أفضل، والتي ما وصل إليها الفلسطيني إلا بعد أن ضحى بالغالي والنفيس لديه، وخاض ربما غمار البحار والمخاطرة بالموت في سبيل الوصول، ليتفاجأ بمعاناة مضاعفة، لأن الدول الأوروبية لا تراعي خصوصية اللاجئ الفلسطيني، نظرا لعدم إمكانية ترحيلهم الى بلدهم الأصلي نتيجة الاحتلال الصهيوني.

 ومع غياب أي دور لمنظمة التحرير أو حتى للسلطة الفلسطينية، تواصل بلجيكا والسويد واليونان وغيرها حرمان آلاف اللاجئين الفلسطينيين من موافقات على طلبات لجوئهم، وتهددهم باستمرار بترحيلهم، ولكن إلى أين.

فهو لا يستطيعون العودة إلى العراق أو سوريا أو لبنان أو حتى إلى قطاع غزة.

ولم لا يعلم فان فلسطينيو السويد يعانون من عدم حصولهم على إقامات، ومنهم من لا يزال يقيم في السويد منذ 14 عاماً دون أي حقوق معيشية، ما دفعهم للاعتصام في أحد ساحات مدينة يتوبوري السويدية.

وفي بلجيكا، ترفض الحكومة منح أكثر من 2400 لاجئ فلسطيني حق اللجوء، وتهددهم بالترحيل أو العيش دون حقوق معيشية.

أما في اليونان فإنه لا يزال آلاف الفلسطينيين عالقين في جزر هذا البلد مع تردي المساعدات الإنسانية وظروف الطقس المريعة.

السؤال الذي يطرحه البعض: أين ذهبت عشرات المليارات من الدولارات التي حصدتها منظمة التحرير على مدى عشرات السنوات من تاريخها!

 ولماذا لم تستثمر منظمة التحرير جزء منها في مخيمات اللاجئين في الداخل والشتات، لصالح خلق بيئة قابلة للعيش دعما لصمودهم وللحيلولة دون الاندفاع للهجرة بحثا عن حياة أفضل!

وهل ساهمت منظمة التحرير من حيث تعلم أو لا تعلم في تحقيق المخططات الصهيونية، وتفريغ الأراضي المحتلة كما مخيمات اللجوء من سكانها، تحت يافطة المعاناة وبحثا عن حياة أفضل، لأن منظمة التحرير لم تعمل على إقامة بنية تحتية طويلة الأمد لأجيال اللاجئين، لتؤمن لهم الحياة والعمل بالحد المقبول إنسانيا، حتى العودة إلى ديارهم التي هجروا منها!