منسأة سليمان - ميسون كحيل
تاريخ النشر : 2020-01-20
منسأة سليمان  - ميسون كحيل


منسأة سليمان

لماذا تركها زوجها تذهب لاستلام المساعدة؟ لماذا خرجت بالليل وفي هذا الجو الماطر؟ أين والدها عنها؟ ماتت النخوة.. مات الشرف!! لو كانوا رجال ما سمحوا لها بالخروج!! هذه مجمل التعليقات على وفاة المواطنة الفلسطينية رنا النقلة جراء حادث سير؛ وأصيبت فيه طفلتها ذات الخمسة أعوام أيضا!! أمس الأول. 

يعتريني الحزن والأسى على ما وصلنا له من انحدار أوصلنا له السادة العبيد الذين لا هم لهم سوى ملء جيوبهم وكروشهم. مواطن فلسطيني مقهور يحمل مواطن فلسطيني مقهور مثله وأكثر فقراً سبب الوضع المزري الذي يحياه. فالفقر والبطالة اللذين يتفشيان كالنار في الهشيم ولا يشعر بالمواطن أحد. طالما البيوت عامرة والمواكب جاهزة والمعابر مفتوحة لأصحاب الحظوة والمشاريع الحزبية. مواطن يُحمل مواطن آخر مسؤولية فقره وهوانه على الناس أجمعين؟ لمن نسى أو يتناسى، إن كان زوج ووالد المرحومة رنا قد أذنبا؛ فمن المسؤول إذن عن موت العديد من الأطفال حرقاً بسبب انقطاع الكهرباء؟ من المسؤول عن هجرة شبابنا؟ من المسؤول عن غرق شبابنا وأطفالنا في عرض البحر الأبيض المتوسط؟ من المسؤول عن محاولات العديد من شبابنا احراق أنفسهم وهم أحياء؟ هل نسيتم يحيى كراجة؟! وغيرهم وغيرهم على مدى أكثر من 12 عام من الحصار والفقر والبطالة وافقار الناس بشكل متعمد؟  .. وهنا لا بد من التنويه للمواطن -الذي يُحمل والد وزوج رنا المسؤولية- أنه لا بد قد إنتبه خلال سيره في شوارع غزة الرئيسية أن الشوارع والمباني اختلفت. فكثير من المباني هُدمت وأقيم مكانها أبراج عالية خلال فترة قياسية!! من أين؟ ولمن؟! الجياع يزداد عددهم و أصحاب الملايين يزدادون ثراء.

وأعود هنا للمواطن الفلسطيني المقهور الذي يلوم قرينه المقهور في غزة، تفحص وضعك جيداً فأنت تسير نحو مصير عائلة رنا النقلة وإن كان ببطء فأنت ذاهب لنفس المصير المحتوم طالما لا تزال تُحمل قرينك الذي سبقك للفقر والقهر مسؤولية غيره بكل تأكيد يتحملها. فمن انقلب وقاتل من أجل الاستفراد بحكم غزة بحجة تحرير فلسطين يتحمل المسؤولية كاملة عن كل مواطن يعيش في هذا المكان. والحلول التي يظنوا انها قد تنجح.. ستفشل فتحرير فلسطين لا يمر عبر افقار وتجويع الناس واهانتهم. والعصا وإن لا زالت ثقيلة سيأتي اليوم لتكون كمنسأة سليمان.

كاتم الصوت:
المواطن إنسان إلا في رؤية السياسيين!

كلام في سرك: ما لم تكن قوياً وما لم يكن لك ظهر..اعتمد على الله وعلى جنون التعاليم الدينية!