الفضيلة بقلم: م . نواف الحاج علي
تاريخ النشر : 2020-01-19
الفضيلة بقلم: م . نواف الحاج علي


الفضيله
كلمة الفضيله مشتقه من الفضل وهو الزياده ، ومعناها العام هو الخلق الطيب . اختلفت آراء الفلاسفه في معنى الفضيله ، فبينما رأى " سقراط " ان الفضيله هي المعرفة ، فالانسان جبل فطريا على الخير ، ولا يقدم على الشر الا عن جهل بنتائجه . اما " فلاطون " فيرى ان اصول الفضيله هما الحكمة والشجاعة والعفة والعدل ، بينما يرى " ارسطو" ان أساس الفضيله هي خضوع الشهوات لحكم العقل ، ويرى انها تكمن في الاعتدال ، فهي وسط ما بين رذيلتين : فالشجاعة وسط بين التهور والجبن ، والكرم وسط بين التبذير والبخل , وهكذا -- الا ان ذلك لا ينطبق على كل الحالات كالصدق والعدل مثلا . اما " ابن رشد " فقد قسم الفضيلة الى اقسام اربعه : العفه والشجاعه والعدل والسخاء - وهو بذلك يتفق مع " افلاطون " في كثير من المعاني ، بينما يرى الشيخ " الشعراوي " ان الفضيلة تعني طاعة الله عز وجل وهي تقود الى الجنه ، بينما الرذيلة هي المعصيه والتي تقود الى جهنم .
هناك فضائل شخصية كضبط النفس وتهذيبها ، وهناك فضائل عامه ، كالتعامل مع الناس بميزان العدل والصدق والامانه ، والفضيلة العامة ناجمة عن الفضيلة الشخصية للفرد . تختلف قيمة الفضائل ما بين امة واخرى : فالفضيلة في الامة المهددة بالحروب والمستعمره تعتبر الشجاعة في مقدمة الفضائل ، والامه التي تعيش في امن واستقرار ترى الفضيلة في العدل والمساواه ، كما تختلف الفضيلة بحسب العصور والازمنه والظروف ، فبينما كان يعتبر الاحسان للفرد في العصور الوسطى وفي الدول المتخلفه فضيله ، الا انه اصبح حاليا في الدول المتقدمه غير مرغوب فيه ، بل غير مشروع ، فهو يقعد الافراد عن العمل ، ويميت ما في نفوسهم من شرف واباء ، وقد استبدل ذلك بالجمعيات الخيريه التي تركز على تدريب العاطلين عن العمل ، وايجاد المشاريع التي توفر لهم فرص العمل ، وتنقذ البائسين واصحاب العاهات والامراض ، كذلك تختلف الفضيلة من شخص لآخر ، حسب ظروف كل واحد منهم، ففضيلة الكرم كمثال بالنسبة للفقير، ليست باهميتها بالنسبة للغني ---
لا بد للمجتمعات من غرس الفضائل في نفوس الافراد اولا ، فيجب غرس العادات التي تكرس الفضيلة في نفوس الاطفال منذ الصغر ، فللوالدين دور اساسي في ذلك ، كما ان للمدارس وخاصه في المراحل الاولى دور كبير في تنشأه الاجيال على الفضيله - ثم للقراءة دور كبير في غرس الفضيله خاصه قراءة سير الابطال والمصلحين ، فالقدوة الصالحة تحيي الضمير وتحفز الشخص على الفضيله .
ان الفضيلة في الاسلام تكمن في (( التقوى )) ، فالتقوى تحمل في طياتها كل معاني الفضائل الخلقيه ، وهي اتباع منهج الله عز وجل : ( افعل او لا تفعل ) ، وقد تراوح ترتيب الفضيلة ايضا في الاسلام حسب الظروف والاماكن ، ففي بداية الفتوحات الاسلاميه كانت اولوية الفضيلة تكمن في الشجاعة وبذل النفس في سبيل نشر الاسلام ، ولما استقرت احوال المسلمين في فترة من فترات الدولة الاموية ، كانت اولوية الفضيلة تكمن في العدل ، كما حدث في زمن الخليفة " عمر بن عبد العزيز" ، ولا يعني ذلك اهمال الفضائل الأخرى . وتعتبر العبادات من اهل الاركان في تثبيت وترسيخ الفضيلة في النفوس ، على اية حال فان الناس جميعا مطالبون بفضائل عامه من صدق وعدل وعفة وشجاعة وكرم وامانة وحسن تعامل مع الغير، والابتعاد عن كل ما يعكر صفو المجتمع من الرذائل ، فالفضيلة تمثل الخير بكل جوانبه ---