الديمقراطية تلفظ أنفاسها الاخيرة بقلم:علي التميمي
تاريخ النشر : 2020-01-18
الديمقراطية تلفظ أنفاسها الاخيرة بقلم:علي التميمي


الديمقراطية تلفظ أنفاسها الاخيرة
علي التميمي
المنهج السلمي في إحتواء أي صراع لا يأتي بين ليلة وضحاها، ولا تصنعه التمنيات والأحلام، إنه منهج حياة للفرد والجماعة والمجتمع ككل، وهو نظام حياة كلي يبدأ من الطفل الى مؤسسة العائلة ثم المدرسة يليها محيط العمل والشارع، بكلمة أكثر إجمالا إنه طريقة للعيش بسلام تُجنب الجميع ويلات الصراع من أدنى
الدرجات، كالخلافات الفردية وصولا لأوسعها وأشدّها كالحروب بين الدول أو بين الجماعات، وفي حال أنتهى الجميع إلى إن الصراع صفة من صفات الخَلق، نشأت في الإنسان مع ولادته ولا يمكن إزالتها أو محوها بالإجبار، فإننا في هذه الحالة نضع أيدينا على العلّة كما يُقال، ويمكن الانطلاق نحو الحلول الناجعة، وهي تتجسد في جملة واحدة تحيل الصراع إلى منافسة، من خلال مختلَف أساليب الاحتواء والحوار والإقناع بين الأقطاب المتضّادة .
نشهد في هذه المرحلة تحولا جذريا على مستوى إدارة الدولة، أعتمد التأزم منهجا وسياسة للتعامل مع قضية تسيير العمل السياسي، جعل أغلب المتابعين يرى أنه بداية نفق مظلم، لا نهاية له وكل ما يدور هو آراء وإجتهادات شخصية، بغياب تام
للمسألة الاساسية التي تنشأ عليها أي تجربة سياسية كانت أو إجتماعية وهي الوطن والمواطن، لذلك نرى واقعا مريرا فرض لغة جديدة بدأت بالتنامي والانتشار، هي عدم فهم الواقع والعمل على فرض إرادات أغلبها يتم بطريقة سلبية، يحيط بها
الفشل بكل الجوانب جعل من بعض الجهات تناسي أن النظام الذي يتم التعامل معه هو ديمقراطي بعد فشل وإنهيار الدكتاتوري السابق .
الواقع يفرض التسليم له مهما كانت النتيجة، وأستشرافه يمر عبر مراحل معقدة وشاقة، تحفها مخاطر محاكاته ودراسة مشكلاته بغية تقويمها، وإعادة صياغتها وفقا لمتطلبات الحاضر وضرورات المستقبل، التقاطعات والتشتت في كثير من المواقف وضع التجربة الديمقراطية على المحك، إعتقادات خاطئة أعتمدت قواعد لأنطلاق أفكار لا تمت للواقع بصلة، أنعكس سلبا على متبنين للنهج الوطني، والسبب هو إرتفاع الاصوات القادمة من خارج البلد، متسلحة بمقبولية مزيفة نشأت وترعرعت بجو ملائم
وارضية رصينة، أدامها وحافظ عليها منتفعين أصحاب المصالح الخاصة، مبتعدين بذلك مسافات كبيرة عن بلدهم وأبناء جلدتهم .
تعتريك حالة من الذهول والعجب لما يصادفك من تناقضات، وانت تعتقد وتؤمن بحرية رأيك والتصريح بموقفك، تعود بعد ذلك للرضوخ والتسليم لواقع غير ما بنيت عليه اساس تعاملك معه، والحال ينطبق على الكثير ممن يحملون مبادئ واساس العمل
الديمقراطي، لكن رغم ذلك يبقى الاستشراف فعلا إيجابيا يحرك النقد والمراجعة، ورصدا متواصلا للواقع ربما يتحول الى نقطة إنطلاق بأتجاه التجديد والاصلاح، لتحقيق ما يمكن تحقيقه من الوطنية والعدل، ما يدعوا القلق والتساؤل هو ماذا لو تعارض الواقع مع قناعات مرتبطة بفكر مشوش؟ مؤكد النتيجة بعيدة عن القراءة العميقة لقادم مجهول، تتم بعده مرحلة البحث عن البدائل خوفا من الدفع بأتجاه الفشل، لعدم الوصول الى فهم ماهية تجديد الفكر بما يوازي تسارع الاحداث، كم نحن الآن بأمس الحاجة الى لملمة شتات الامور، وإعادة الروح الى تجربة قُدمت من أجلها الكثير من التضحيات، وجاهد لنشر مفهومها المجاهدون الوطنيون .