لا حياة ولا كرامة للعراقيين ما دام الأميركيون في بلادهم بقلم : حماد صبح
تاريخ النشر : 2020-01-17
لا حياة ولا كرامة للعراقيين ما دام الأميركيون في بلادهم بقلم : حماد صبح
ما إن طلب البرلمان العراقي من حكومة تصريف الأعمال برئاسة عادل عبد المهدي العملَ على إخراج الأميركيين وسائر قوى التحالف من العراق ؛ حتى انهالت التهديدات الأميركية قذائف مسددة إلى الدولة العراقية والشعب العراقي : تهديد بتدفيع العراق ثمن قاعدة جوية كبيرة ، وتهديد بالاستيلاء على الأرصدة العراقية في المصارف الأميركية المقدرة ب 35 ملياردولار ، وتهديد بحصار أشد ضررا وخطرا من حصار إيران . كل هذه التهديدات اعتداء جائر غير مشروع على السيادة العراقية ، وتلاها تهديد أوقح في الاعتداء على تلك السيادة ، ونقصد به التهديد المتصل بنية العراق شراء صواريخ س 400 الروسية . وكل التهديدات تؤكد أن أميركا تعامل العراق بصفته خاضعا لاحتلالها ، وأن حديثها عن سيادته بعد انسحاب القسم الرئيس لقواتها في 2011 وإبقاء 5200 جندي وفق اتفاق جديد بين البلدين ؛ ليس إلا تضليلا ومخادعة . البلد المستقل ذو السيادة لا تقيم أي قوات في أرضه إلا بموافقته ، وهو حر في إخراجها متى شاء . وبان بعد طلب البرلمان العراقي انسحاب القوات الأميركية وغيرها من القوات الأجنبية ، وبعد معارضة أميركا لصفقة صواريخ س 400 أن الحال ليست هكذا في العراق . فأميركا تعامله على أنه بلد خاضع لها خضوعا مباشرا كاملا ، ويجب أن يتصرف تبعا لهذا الخضوع ، ولا مشكلة لديها في الكلام الزائف المخادع عن استقلاله وحرية إرادته . فما عسى أن يفعل العراقيون لمواجهة التهديدات الأميركية الخطيرة الجادة ؟ ! ما عساهم أن يفعلوا ذودا عن استقلالهم وحياتهم وكرامتهم الوطنية والإنسانية ؟!
مقتدى الصدر ، زعيم التيار الصدري ، دعا لمظاهرة مليونية ضد الوجود الأميركي ، وتابعه فورا حزب الله العراقي معلنا عن ملحمة شعبية تشارك فيها عشائر الأنبار والموصل لمواجهة الاحتلال الأميركي ، وفي الخارج ، تعمل إيران وحزب الله اللبناني على إخراج أميركا من العراق ، وبعض القواعد التي " تستضيف " جنودا أميركيين مثل قاعدة التاجي هوجمت بصواريخ الكاتيوشا . وكل هذا ليس كافيا لإقناع أميركا أو إرغامها على الانسحاب من العراق ، ويزيد من عدم كفايته وجود قوى عراقية مذهبية وعرقية لا تريد هذا الانسحاب ، ويقول بومبيو وزير الخارجية الأميركية : " إن كل القادة العراقيين أخبروه في مجالس خاصة أنهم يؤيدون الوجود العسكري الأميركي في بلدهم " . وهذا التباين الحاد في مواقف القوى العراقية من الانسحاب يسهل على أميركا البقاء في العراق ، ويفتح الطريق لاحتدام نزاعات ربما تكون دامية بين هذه القوى ، ويغذي فاعلية نشاط خصوم إيران من العراقيين ، ويغري أميركا بإحياء عمليات داعش في العراق وتوسيعها ، فهي التي اختلقتها وقوتها مع إسرائيل والنظام السعودي . العراق فعلا يواجه مشكلات كثيرة مفتوحة على توقعات خطيرة ، إنما لا مفر من طرد الأميركيين منه ، فلا حياة ولا كرامة للعراقيين ما دام الأميركيون فيه ، ولننظر حال أفغانستان مع وجود الأميركيين وبعض حلفائهم الأوروبيين فيها . حتى الألمان حلفاء أميركا في الناتو يشكون من سوء معاملة سفراء أميركا للمسئولين الألمان ، وأحد هؤلاء المسئولين قال عن السفير الأميركي الحالي إنه يعاملهم كأنه ضابط في قوة احتلال . وصفحات التاريخ توضح أنه ما من قوى وطنية رحبت بالغزاة إلا جلبت الخراب على شعبها ووطنها ، وما من قوى وطنية استبسلت في مقاومة الغزاة إلا فتحت لشعبها ووطنها طريق الحياة الحرة الشريفة ورفعة القدر بين شعوب العالم . إسرائيل التي تتنفس الهواء بأنف أميركي تصر على حرية قرارها ، وعندما اقترح الرئيس الأميركي رونالد ريجان بعد الغزو الإسرائيلي للبنان في 1982" حلا " للصراع الفلسطيني الإسرائيلي خاطبه بيجن رئيس وزراء إسرائيل صارخا : " هل نحن جمهورية موز ؟! " . ثقافة الحياة الحرة الشريفة ورفعة القدر اختفت من العالم العربي ، ولعلها تعود انطلاقا من العراق بمؤازرة القوى العربية والإسلامية . دائما كان العراق منطلقا لكل ما هو عظيم في التاريخ والحضارة العربية والإسلامية ، ولدوره هذا استهدفته أميركا والغرب وإسرائيل بالعدوان والتخريب وتحطيم مقومات سيادته الوطنية .