ماذا أيقظت الطائرة الأوكرانية في نفوس الناس
تاريخ النشر : 2020-01-17
ماذا أيقظت الطائرة الأوكرانية في نفوس الناس


ماذا ايقظت الطائرة الاوكرانية في نفوس الناس 17-1-2020
بقلم : حمدي فراج
كادت حادثة اسقاط الطائرة الاوكرانية بصاروخين ايرانيين في وقت قصف القاعدتين الامريكيتين في العراق انتقاما لإغتيال قاسم سليماني ، كادت ان تبدد حالة "الانتصار" التي شكلتها القيادة الايرانية مع جموع الشعب الذين خرجوا بالملايين احتراما للفقيد وغضبا على امريكا وافعالها الاعتدائية في المنطقة والعالم ، بل ان الحادثة فعلت فعلا اقترب كثيرا من الاعجاز ، حين قلبت الامور رأسا على عقب ، وكأنها ايقظت شيئا كان نائما في نفوس الناس ، وقرعت في رؤوسهم ان أفيقوا من أفيون الحكومات ، فها هي حكومتنا التي كادت ان تنجح في تمرير مسرحيتها بقصف محدود لقواعد العدو على ارض غيرنا ، شقيقنا وجارنا وامتداد عمقنا ، وضمن اتفاق شبه مجمع عليه ، اسقطت طائرة ركاب مدنية بصاروخين قضت بهما على جميع من كانوا على متنها وعددهم 176 انسانا ، الاغبياء فقط والمؤفينون – بفتح الفاء – هم من سألوا عن دينهم ولونهم وطائفتهم وجنسيتهم ، ووفق الجواب الذين يتلقونه يحددوا موقفهم ، ولهذا خرجت جماهير غفيرة الى الشوارع تندد حزنا وغضبا على ارواح هؤلاء الضحايا . 176 شخصا قتلوا بالخطأ والصدفة والاهمال بصاروخين ، ولم يقتل جندي امريكي واحد بالتصويب و الترصد والاعداد بثلاثين صاروخ بعضها بالستي من طراز فاتح وقيام وذو الفقار.
وكذبت الحكومة ، كعادة كل الحكومات ، حين قالت انها قتلت 80 جنديا ، ثم كذبت حين اخفت حقيقة اسقاط الطائرة الاوكرانية ، ثم كذبت حين قالت بصاروخ واحد بعد اعتقاد الحرس الثوري ان الطائرة عبارة عن صاروخ معاد موجه نحوهم ، وكأن الطائرة كانت في حالة هبوط لا اقلاع ، ثم تبين انها اسقطت بصاروخين ، ثم كذبت حين اعتمدت الضحايا شهداء ، ماذا لو لم يكونوا مسلمين ولا يؤمنون بالشهادة ؟ ثم كذبت حين ادعت اشياء عن الصندوقين الاسودين الذي لم نعرف حتى اليوم خباياهما ولم يتم تسليمهما لأصحابهما الاوكران .
لقد فتّح اسقاط الطائرة المدنية اذهان الكثيرين ، على امتلاك السلاح النووي الذي لا يحتمل خطأ قتل عشرات الناس الابرياء ، بل ابادة الحياة بأكملها انسانا وحيوانا ونبات ، من غير المعقول ان يمتلك من لا يستطيع التفريق بين الطائرة المدنية والصاروخ سلاحا نوويا ، ولحسن الطالع ان رأس الجمهورية صرح اكثر من مرة ان الدين الاسلامي يحرم علينا استخدام مثل هذا السلاح ، فهل يحلل علينا اسقاط طائرة مدنية ؟ وهل يحلل الدين المسيحي الذي تدين به امريكا استخدامه في هيروشيما التي لم ينبت فيه نبتة منذ تلك اللحظة التي جللت وجه امريكا بالعار ومعها وجه الانسانية كلها . ويقال انه عندما تم ضرب المدينة الثانية ناكازاكي ، كانت اليابان قد اعلنت استسلامها . هناك اخطاء نخطؤها تستغرقنا ثلاثين سنة لمحو آثارها ، كتوقيعنا نحن الفلسطينيين اتفاقية اوسلو على سبيل المثال .
نشرت نيويروك تايمز مؤخرا شريط فيديو عن صاروخين يضربان جسم الطائرة الاوكرانية بتاريخ يعود الى الوراء شهرين ، حتى ان صح ذلك كمؤامرة امريكية فإنه لا يعفي الحكومة الايرانية من مسؤولية ان الطائرة اسقطت على ارضها .