حوادث!!بقلم: محمود حسونة
تاريخ النشر : 2020-01-16
حوادث!!بقلم: محمود حسونة


1- كثيراتٌ ووحيدة!!
في مدينتي سمراوات كثيرات لكنك أنت الوحيدة؟!
أيّة حكايا هذه، التي هي عينيك؟! وما هذا الصخب وأنا أنظر إليكِ فيركض في دمي؟! كان يحدث هذا معي أوقات الحرب!!
في مدينتي شقراوات كثيرات، فكيف اكتشفتكِ فجأة كابتسامة شاسعة وصرت أنتِ الوحيدة ؟! أحسكِ أنا لصق القلب لكنك أنتِ البعيدة!!
أقرأ كفي كعرّاف أحمق يستجدي الطريق، يلاحق فكرة شاردة فيها بيتٌ، ونسمةٌ تعبره كل مساء من الجهة الغربية، جهة الغيم!! أيلائمك هذا البيت؟!
ستكون بوابته شمالية حيث الباحة، حيث تحطّ العصافير؛ فيكون الصباح أجمل فلا تراكِ سوى الطيور وأنا، وتفرح بكِ حارتنا الكئيبة!!
مَنْ سيمنعني لو أتقمص دور ساحر وأخطفكِ من هذا النص فتزداد الدهشة؟!
وسيبقى يتساءلون حيرى عن هذا الساحر، ولماذا اختاركِ من كل هؤلاء لتكونين أنتِ الوحيدة؟!

2-أحيانا دائمة!!
حين تعجُّ الطريق بالأزياء، والمتنكرين بربطات العنق والقبعات، وبالمتكبرين الراقصين!!
حين يغرقون في روائح الغبار والسخام!! وتُربككَ أنت إشارات المرور!!
حين تلعننا الأخطاء الفادحة والنشيد الوطني، وتشتمك عيون الفقراء وملامح المفلسين… فكيف لا نعرف من أين يظهرون، وإلى أين سيذهبون؟!
حين تعجز عن حمل عينيك وكتفيك وحكايتك، وتُثقلك الرزايا وتحبو كالزواحف كأنك فوق مسامير… ألا نخجل من صورنا فنهرب من كاميرات التصوير؟!
حين تمشي مِشيةً بلهاء، وتتفقد أشياءك، كأنك كنت هنا من مئات السنين…
ستقهقه ساخطا… و ينتابك الخوف،و يستفزك عقلك الضعيف وستستخف بكل الكلام الهزيل!!
يشتاق أن تجتازي معه هذا الطريق… ترتشفي فوق جدار الليل كأسا مرّا حارا، حين تؤلمك الصور والنظر في الأفق البعيد!!
سيُذكركِ، أنّه لا بأس لو كان هناك كأسا ثانيا وثالثا… فقد يتسع الخيال وتشعُّ ابتسامتكِ وأنتِ تعتلين صهوة الريح!!

3-قليل الحظ ...
ثم دخلتِ دكانا… ماذا اشتريتِ؟! وهل أعجبكِ الثمن؟! ومن قابلكِ؟! وهل غازلكِ؟! هل انتبه لأساورك، وللشقيان في عينيكِ: الأسود والأبيض… وكيف يتجاور الضدان في عينيك؟!
هل أخبرتيه أن الطقس بارد جدا في الخارج، وأن هناك مَنْ ينتظركِ بسذاجة، ويفرك الثواني والدقائق، ويُدفئ كلماته ليؤلف حكاية يحكيها لك، ويمسك بها فلا تهرب!!
سبعون دقيقة وهو ينتظر!! وكيف انتبه له أحدهم وأخبره
أنّ هذا ليس دكانًا!! إنه مدخلٌ مزيّن يفضي لشارع آخر!! وسوف تضحكين كثيرا… لقد ضيّعكِ كما يُضيّع مغفل حقائبه… لقد رحلتِ قبل أن تردّي إليه ولو قليلا من فرحته!!

4- لا يشبهه شيء…!!
ولأن ليل الشتاء في بلادنا طويل، ولأني مللت المقاهي والثرثرة والتسكع والإذاعات، ولأنّي كل مرّة أكتشف بلادتي العلمية، وأن الأشياء لا تتحرك وحدها؛ سأبقى الآن هادئا ووحدي...
ستغريني الوسوسة؛ فأرسمني قائدا جشعا مولعا بالانتصارات. أرسم على الورق معارك بأسلحة قديمة، وأتلاعب بالجيوش بجرة قلم سريعة ماكرة!!
أُوقّع الانتصار باسمي وأتناسى الضحايا الطيبين!! وأبكي الأطفال والثكالى واليتامى وأهديهم أغنية وطنية !! فثمة أشياء لا تقبل القسمة إلا على واحد!!
ربما تماديت في التفاصيل، وأخذ البرد بقسوة يصفعني، لكني سأُخبرك أن الحبّ لا يشبهه شيء!! فهو الوحيد الذي يقبل القسمة على اثنين!! ستكون الخاتمة سعيدة لو أنّك تقاسميني وتحبيني أكثر؟!
بقلم: محمود حسونة (أبو فيصل)