سورية والإصلاح.. عدالة المطلب وفساد الطريقة بقلم:د. خيام الزعبي
تاريخ النشر : 2020-01-16
سورية والإصلاح.. عدالة المطلب وفساد الطريقة بقلم:د. خيام الزعبي


سورية والإصلاح.. عدالة المطلب وفساد الطريقة

الدكتور خيام الزعبي- مدير مكتب صحيفة العالم الجديد بدمشق

يزخر مجتمعنا السوري برغبة عارمة في الإصلاح، كونه يمر بظروف حساسة أثقلت كاهل الشعب، دفع السوريون تكاليفها من دمائهم وتكاليف معيشتهم، وأصبح من الضروري على الحكومة السورية السعي الجاد لخلق التغيير المنشود لتحقيق كافة التطلعات والآمال التي يتطلع إليها الشعب بكافة فئاته للوصول إلى ظروف أكثر أمناً وأقل عنفاً وفساداً.

من هنا كان الإصلاح مطلب شعبي، وهم كل مواطن سوري، كونه إرادة ثابتة ومصلحة وطنية ويسعى إلى التطوير ومواكبة روح العصر بما يعود بالفائدة على الوطن والمواطن ويحقق سبل الرخاء للأجيال القادمة. 

فمعادلة التفوق والكفاءة هي هبة موجودة لدينا وفطرة وجدت لدى الكثير من المواطنين، لكن في الجانب الآخر يوازيها دلالة الانحياز وحسابات الواسطة التي قضت على آمال الكثير من شبابنا، والتي أخرجتهم من حالة الأمل الى خيار التغيير والبحث عن دافع جديد من الإصلاح، كون الشباب هم وقوداً لحركات التغيير في كل المجتمعات. 

إذاً فأين نحن من الإصلاح والأزمات التي تعصف بنا من كل جانب والتي غيّبت عنّا فرص التفوق، بل أعطت الفرصة لأشخاص يميزهم فقدان التفوق عن ضياع فرصة الإصلاح، فالمتتبع مثلاً لواقع معظم الجامعات والمؤسسات يجد أنه واقع مصغر حقيقي بحاجة الى إصلاح في جانبه الأكاديمي والإداري، فالمهم هنا أن ندرك بأن الإصلاح في أي من المسارات الإدارية والتربوية والثقافية والقانونية يتطلب قوة اجتماعية تبنى على اطروحات الإصلاح وتسعى إلى تحقيقه. وأثبتت التجارب الكثيرة أن العديد من النكسات والخسارات والمشاكل في العمل كان سببها سوء إدارة العمل وبالتالي فإن تقدم المجتمعات وتطورها مرهون بالاختيار السليم لكوادرها وقياداتها.

وللأسف، كثيراً ما نجد أشخاص لا يكون اختيارهم وتعيينهم على أسس الكفاءة العلمية أو التربوية بل تكون على أساس الصلة أو المعرفة الشخصية، وهذا إجحاف كبير لحقوق العناصر المتميزة ذات الكفاءة الأحق وينعكس مدلول ذلك السلبي على المجتمع والوطن بأفدح الخسائر، فعدم إسناد الوظائف والمناصب الى مستحقيها وإسنادها الى البعض طبقاً للمحسوبيات والواسطات هو السبب الرئيسي في التخلف والرجوع إلى الوراء و انتشار الفساد المالي والإداري وانعدام العدالة وعدم المساواة في الحقوق بين الناس، لأن الشخص الغير مناسب يأتي بأشخاص غير مناسبين من حوله ويعينهم وهكذا ....... ، ولولا وجودهم لما وصلنا الى ما نحن عليه الآن من فساد وضياع الأموال العامة وسوء إدارتها.

لقد آن الأوان بالمبادرات الوطنية من أجل الوطن، وهي إحدى ركائز المواطنة التي يفترض أن نتوارثها جيلاً بعد جيل، لذا علينا أن نوحد الصفوف وأن نتعاون لأننا جميعاً نهدف الى تحقيق المصلحة العامة والى رقي الوطن وتقدمه، وعلينا أن ننهض بسورية وأن نجعلها في مصف الدول المتقدمة، وأن نتوجه الى الطريق الصحيح بالتوجه نحو وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وهذه الخطوة هي الطريق نحو الإصلاح الإداري، والذي يعتبر الرافعة القوية لجميع برامج الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي كونه يهدف الى تعزيز هوية الإدارة العامة وإعادتها الى ألقها.

وفي النهاية يمكن القول أن وضع المجتمع السوري على سكة النهضة الشاملة المطلوبة يتوقف على قدرتنا في أن نشجع جميع الأفراد على تحمل مسؤوليتهم والمشاركة من موقعهم في العمل على التغيير وهذا يستدعي تغييراً في أخلاقيات المجتمع واستعادته لقيم الصدق والصراحة والأمانة، كما يتوقف نجاح العملية الإصلاحية على مدى إيماننا بها، وبأهميتها لمستقبلنا وضرورة العمل بروح الفريق الواحد لضمان نجاحهم بالرغم من كال المعيقات التي ستواجهنا. 

وهنا أعيد وأذكر بأن وطننا الكبير "سورية" غني بأبنائه المؤهلين والمخلصين والقادرين على تجنيب هذا الوطن الكوارث والمنعطفات الخطرة وهذا وطننا ولسنا بحاجة إلى من يزايد أو يجعل أبناءنا وبناتنا وقوداً لأخطائه. فسورية محتاجة للجميع للملمة جراحها ، مهمتنا الآن غلق الصفحات السوداوية التي ملأتها سيئات الماضي الكئيب وفتح صفحات جديدة ناصعة البياض نرسم فيها مستقبلنا المشرق ونخطط في ثناياها ملامح قادمنا الجميل  في سورية.
[email protected]