إيران والصاروخ الفالح الوحيد في ردّها بقلم: منجد صالح
تاريخ النشر : 2020-01-14
إيران والصاروخ الفالح الوحيد في ردّها بقلم: منجد صالح


إيران والصاروخ الفالح الوحيد في ردّها

أستغرب بأن إيران وعلى لسان عسكرييها، وبفم وحنجرة قائد حرسها الثوري، الجنرال حسين سلامه، اليوم الأحد، 12 كانون الثاني 2020، ما زال متمسّكا برواية، بقصة، بحدوثة ، "بخرّيفية"، "بسواليف" قتل ثمانين عسكريا أمريكيا نتيجة إطلاقهم "الميمون" لخمسة عشر صاروخا باليستيا من ثلاثة مواقع داخل العمق الإيراني على قاعدتين عسكرييتين امريكييتين، قاعدة عين الاسد، القادسية سابقا، في الانبار، وقاعدة ثانية في كركوك في كردستان العراق.

ويزيدنا الجنرال الثوري من الشعر بيتا بقوله وتصريحه وإصراره على أنّه " سنتحدّث عن إنتصار كبير على الولايات المتحدة في الايام القادمة". مُضيفا، لا فُضّ فوه: " تحطّم الطائرة الأكرانية لم يسمح لنا حتى الآن بأن نكشف الأبعاد الكاملة للإنتصار الذي حققناه بقصف القاعدتين الامريكيّتين في العراق".

والله يا سيادة الجنرال، سامحنا، "مثل الجمل إلّي بيعرج من ذانه"!!! لماذا يمنعك سقوط الطائرة أو على الأصح إسقاطها عن إعلان هذا "النصر المؤزّر" الذي تعرفه أنت وتتحدّث عنه ولا يعرفه أحد آخر في هذا العالم!!! فلماذا لا "تبقّ البحصة" الآن وتفرحنا بكنه ما تقول وما تصرّح به عن "الابعاد الكاملة للإنتصار الذي حقّقته على الأمريكيين"!!! وربما هذا قد يخفف من مصيبة إسقاط الطائرة ولو عن طريق الخطأ. كما يُخفف من خيبتنا ومقتنا بنتائج ردّكم المزلزل!!!

ونرجوك يا جنرال قبل أن تبقّ البحصة أن تنسّق مع مندوبكم في الأمم المتحدة في نيويورك، مجيد تخت روانجي، الذي قال في لقاء مع صحيفة أمريكية، و بالحرف الواحد، بأن الهدف من إطلاق الصواريخ المذكورة كان لإثبات قدرة إيران على الرد فقط، فقط، ولم يكن لقتل أمريكيين!!!

 هل تتحدّث يا جنرال عن نفس الصواريخ الخمسة عشر التي قصدها الدبلوماسي الإيراني في نيويورك، أم أن هناك صواريخ أخرى لا نعرفها لبست "طاقية الخفاء" وباغتت الأمريكان على حين غرّة، "وقتلت 80 عسكريا منهم وجرحت ربما 150 آخرين" أم أن هذه الصواريخ الخفية، من قصص الف ليلة وليلة، تقتل ولا تجرح!!!

كما ظهرت رواية ثالثة اليوم بالصدد. هذه "السالوفة" صدرت عن سيّد المقاومة، سماحة السيد حسن نصر الله، الذي نكن له كل الإحترام والتقدير، والمعروف بمصداقيّته حتى لدى الجمهور الاسرائيلي. قال السيد نصر الله أن الضربة الإيرانية لم تكن "ردا وإنما صفعة للامريكيين"!!! صفعة؟؟؟ يبدو أن هذا تعبير جديد يضاف الى قاموس العلوم العسكرية!!! لكن لا يُعرف كم توازي "الصفعة" في ميزان الخسائر العسكرية بالأرواح أو بالمعدّات. ويا حبّذا لو أن احد الخبراء العسكريين أو الأمنيين من طرف إيران أو من طرف المقاومة أو حتى من طرف الأمريكيين يخرج علينا ويشرح لنا ماهية هذه الصفعة وكم تساوي من خسائر، وربما أيضا يُعلمنا هل كانت الصفعة على خدّ أمريكا الايمن أم الأيسر؟؟؟ لأنها أكيد "بتفرق" من اليسار أو اليمين!!!

وفي نفس السياق، ماذا يمكن أن نسمّي أو نطلق على الغارة الأمريكية التي قتلت الجنرال سليماني والمهندس ورفاقهما الثمانية؟؟؟ هل نسمّيها ركلة؟؟؟ أو لطمة؟؟؟ أو "بوكس"؟؟؟ أو "تكسير أنف"؟؟؟ أو ضربة "محرّمة من تحت الحزام"؟؟؟

لماذا نخترع ونختلق قصصا وحواديث بعيدة عن الواقع، ونوقع أنفسنا في تناقضات لا داعي لها، ونصرّ على أنها "عنزة ولو طارت"!!! "وقوم عنّي تا أفرجيك"!!! وأن نناطح السحاب وأن نناطح الحقيقة، البادية الظاهرة للقاصي والداني، ونسلك طرقا وعرة وملتوية بدل أن نسير على طريق سهلة ممهّدة راسخة. أعداؤنا يفعلون ويقتلون ويدمّرون بصمت ولا يتبجّحون، لا يقومون بردود مزلزلة ولا يفتحون أبواب جهنم أو أبواب الجحيم. هم فقط "يرتكبون حماقات" كما نقول وندّعي!!! فلماذا يا سادة يا كرام لا ترتكبون حماقات مشابهة لحماقاتهم، حماقات موازية لحماقاتهم، حماقات مقابلة لحماقاتهم، مساوية في النجاعة والدقة، معاكسة في الإتجاه. نرجوكم أن ترتكبوا حماقات مثل حماقاتهم، ولا تفتحوا عليهم أبدا أبواب الجحيم، ولا نريد ردودا مزلزلة وإنما ردودا مؤثّره. هل نطلب منكم الكثير؟؟؟!!!

أين الحقيقة؟؟؟ دائما نبحث عن الحقيقة. نريد الحقيقة والحقيقة فقط. ولكننا في بحثنا عن الحقيقة، الحقيقة المُرّة، يراها البعض "مثل إلّي بيشوف الذئب وبيقصّ في أثره"!!!    

والحقيقة الوحيدة الثابتة والمؤكّدة في هذا المجال، يا سادة يا كرام، هي أن إيران قد أطلقت ذلك الفجر الدامس الأغبر ستة عشر صاروخا وليس خمسة عشر صاروخا. واحد منها فقط كان "فالحا" ناجحا دقيقا سديدا، مع الاسف الشديد. ألا وهو الصاروخ السادس عشر الذي أطلق وأصاب الطائرة الأكرانية المأهولة المنكوبة، التي تحتضن في أحشائها 176 راكبا مدنيا أعزلا مسالما غافلا، ليس لهم لا ناقة ولا بعير فيما يجري ويدور على ايدي الجنرالات الجهابذة، الذين لم يدر في خلدهم إغلاق المجال الجوي، "المشتعل" بالصواريخ المتطايرة والمُتناثرة "كحب البوشار" "تحمل اللهب والموت والدمار لجنود العم سام الغدّار"؟؟!!

إسقاط الطائرة الأكرانية، ليس الأمريكية ولا الإسرائيلية، بالخطا، مؤكّد أنه كان بالخطأ، وإعتراف إيران المُتأخّر بإسقاطها، بعد إنكار ومراوغة ومعاندة ومكابرة وتسويف وتدليس وتأجيل وترحيل وتأويل و"تحميل وتنزيل"، زاد إيران مصيبة على مصيبة. بالرغم من أن الاعتراف بالخطأ فضيلة. وحسنا فعلت إيران بإعترافها وتحمّل المسؤولية وتبعاتها.

معظم ركاب الطائرة هم من الايرانيين. واحد وسبعين إيرانيا مواطنا وثلاثة وسبعين كنديا من أصل إيراني. إي أن أكثر من 140 راكبا منكوبا هم من أصل إيراني. رحمهم الله جميعا ورحم بقية الركاب من جنسيات متعددة وأفراد طاقم الطائرة الأكرانيين. إنها مصيبة وكارثة إنسانية لذويهم وأحبائهم ومصيبة مضاعفة وضغط وثقل على إيران حيث ستتكبّد ملايين ملايين الدولارات كتعويضات للخطوط الاكرانية ولذوي الضحايا، ونقطة سوداء في سجل إيران فيما يخص هيئة الطيران الدولي، الى جانب خسائر بملايين الدولارات نتيجة لعزوف شركات الطيران عن إستخدام المطارات الايرانية وحتى الطيران في مجالها الجوي وإنحسار مدى رحلات الخطوط الجوية الايرانية الى دول العالم.

قال الحق جل وعلا في كتابه العزيز: " وأعدّوا لهم ما إستطعتم من قوّة ومن رباط الخيل تُرهبون به عدوّ الله وعدوّكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم". صدق الله العظيم. لا صفعات تنفع ولا ردود مزلزلة وهمية تشفع ولا فتح عليهم أبواب جهنم أو أبواب الموقدة تمنع. "العين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص". ودمتم بألف خير.