لحظة ضعف بقلم:أحمد علام
تاريخ النشر : 2020-01-14
لحظة ضعف بقلم:أحمد علام


لحظة ضعف 

إنهارت قوتي فجأة فتمسكت بالهواء ولكنه لم يسعفني فسقط جسدي على الأرض وحاولت فاشلاً أن أرفع يدي ورجعت تصرخ لا تستطيع ونظرت إليها يا يدي تحركي وهي ساكنة سكون اللاحركة ودمعت عيناي طالما حركتها بسهولة والآن تتمرد على إرادتي . 

حاولت ان أقيم قدماي لتحملني وكأنها اتفقت مع يدي على ألا تعمل فهي تبحث عن جسد لتحمله وأنا أبحث عنها فلا هي تسمعني وأنا لا أعرفها تنهدت من قلبي ياليتك تعدودي كما كنتي كم أنا فى حاجة إليك الآن ماذا سأفعل بدونك .

بحثت عن الهواء لأستنشقه فلم أجد أنفي كالعادة بل هى تمنع دخول الهواء لرئتي وأخذت كالمجنون أحرك الهواء أمام وجهي حتي يدخل عنوة فلا يدخل إلا من خلال فتحة ميكروسكوبية دقيقة لتبقيني فقط علي قيد الحياة أو شبه الحياة وأصبح لساني يبحث عن نقطة ماء لعلها تحمل أوكسجين الحياة لقلبي . 

أسدلت الستارة السوداء على عيني فوجدت أمواج من الظلام تتمايل يميناً ويساراً وتتسلل خطوط من النقاط المتلاحمة والمتفارقة وسط قلب الظلم فدمعت عيني علي عيني وأصبح وجهي يدور بكل إتجاه لعله يري شيئاً يريح النفس ويشبع الرغبة فى الرؤية حتي تسكن وسط الأنوار . 

تحركت الأذن باحثة عن أى صوت بالمكان تسمعه أو تعلق به حتي تعطي للعقل مفتاح  التفكير والخيال ورموز الطرق والعلامات الدالة على الإتجهات العقلية والحركات العاقلة المسترشدة بأى نقطة تولد نقاط ودوائر لا تنتهي فيهدأ العقل ويستلهم الراحة المرغوب فيها . 

وسقط لساني في حلقى ولا يريد أن يتحرك أو يدفع الهواء أمامه أو يلفظها وراءه وظل يدور حول نفسه بلا توقف يلهث وراء أي صوت يخرج منه مهما كان فلا يجد شئ ثم رويداً رويداً حتى خرجت من اللسان كل ذرة رغبة في نطق كلمة . 

طرقت جسدي طرقات حرب تنتحر علي رؤوس الشرايين وتعود مرتدة على أوتار القلب تضربه بالحجارة وكأنه يخرق جدار الحياة وتدق فيه بأعواد الحديد حاملة لهب الألم يلتف حول القلب وكأنه يتقلب على النار ليأكله عابر سبيل . 

والتفت أمعائي حول بعضها لتشد معدتي لأسفل وكأنه تعلق مئات الناس على حبل تمسكه من أطرافه إمرأة ضعيفة هزيلة تكاد تنقلب على وجهها لتسقط ببئر من الأشواك على كل جانب فكل حركة تخترقها خناجر تهتك كل أوصال الأمعاء فيتساقط منها نقاط غليان تحرق كل ما تنزل عليها . 

إحتار عقلي في الطريق فوجد نفسه وحيداً عارياً والرياح المدمرة تهب عليه من كل جانب ويلتفت عقلي يستغيث بمن يسانده من الجسد ويحنو عليه ويمنع تساقط الدموع من تلافيف عقلي ويخرس صوت المنشار الذي يصدع في كل خلية بعقلي وتجري الرغبة اليتيمة داخل عقلي تائهة تبحث عن أصلها وسكنها فلم تجد الملجأ الذي تصبو إليه والراحة التي طالما بحثت عنها حتى ماتت الرغبة ودفنت داخل الرأس ولم تجد من يحضر جنازتها أو يواسيها . 

وقفت خاشعاً أمام روحي من أنا ولماذا كل ذلك أهذا قدري ، هل ضاع كل شئ وأختنق الأمل وأصبحت الحياة جثة هامدة لا حراك فيها ولا إبتسامة تشرق ، أين ذهب الحب والحنان كله أنتهي كله أنتهي وكأن شيئاً لم يكن . 

جاءت يد الله الحانية المبعثة لتبث الروح فى ذلك الجسد المنهك المتهالك وترفرف حوله أجنحة لتحمله إلى أنوار الحياة وجمال الوجود وصحوة الأمل هنا وهنا فقط علمت أنا بدونك يا إلهي لا أساوى شيئ فلا قوة لي بدون دعمك وسندك ولا رغبة في شئ دون تحفيزك كي أري الجميل جميلاً والنور نور والمتعة لا تكون متعة إلا بحضورك يا صاحب الحضرة والتجليات القدسية في سبحات نورك ورحاب سترك الجميل . 

يا جسدي أستيقظ وأنتبه إلى صلاحك وسر وجودك ولا تتغافل عن ما كنت عليه يوم كنت تتجرع عصير الألم ، إياك أن تنسي هذه اللحظة لتحمي كرامتك قبل أن تهدر وأحضن نفسك للمرة الأخيرة لتلقي بها في أعتاب حضرته وسخر قلبك ليكون مستودع الحب كل الحب للإله العظيم الأمل الأخير والملجأ النهائي فهو الحل النهائي لكل ألغاز الحياة ومصائدها التى تكاد تنطق لا حول ولا قوة إلا بالله .