رحلةُ الليل بقلم: دانيا صابر أبو حليمة
تاريخ النشر : 2020-01-09
رحلةُ الليل بقلم: دانيا صابر أبو حليمة


رحلةُ الليل...

بدأت رحلة الليل الآن ، الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل ، أفكارٌ تنهش عقلي و قلبي ، أرقد هنا بجانب المدفأة لنحترق معاً ، يشِّعُ من كلانا لهيب ، لكن تختلف أسبابه.
أركان قلبي مشتتةٌ و فارغة ، يُسمع منها صدى الفقد و الخذلان ، أظُنُ ليلتنا لن تنتهي بخيرٍ و سلام حتماً ستقضي عليَّ تماماً ، أصوات عقارب الساعة تدق بقوة داخل رأسي ؛ لتربك جميع حواسي...كل ما يعبر بداخلي يترك أثراً لا شفاء منه ، يصفعني القدر بكل قواه و يسقطني بالهاوية لا أبس ببنت شفة ، و أجدني
محطمة لا أقدر على فعل أي شيء فأجلس أحتضن خيباتي و أنثر دموعي المحترقة في أرجاء غرفتي لتغرقني بلا قدرة على إنقاذ نفسي أو طلب النجدة ، رَباه كم هذه الحياة قاسية .
بدأت السماء بنثر دموعها أيضاً ، صوت المطر يعلو و يسرق هدوء الليل ، و أنا ألتف بغطائي الثقيل و أمسك كوب قهوتي و ارتشف القليل منها ،أصوات البرق تخيفني ، تخيفني بقدر خوفي من هذا الظلام الذي يسكن قلبي قبل كل شيء .
أدور بين متاهاتي التي لا هروب منها معلنةً استسلامي تارةً و قدرتي على تحمل الصبر تارةً أخرى...أتجرع علقم العجز كل ليلة بلا أي موافقة مني ، ليصدمني نفاد كأس القدرة و المكافحة ، لأركض حينها في كل مكان أبحث عن ذرة أمل أتمسك
بها بكلتا يداي و بكل ما أملك من قوة...
أسمع أصواتاً لا أعلم أين مصدرها ، فأركض من جدارٍ إلى آخر أطرق رأسي بقوة لامتناهية ، لعلي أتخلص من كل تلك الأصوات التي تثقب رأسي لكن بلا فائدة ، فما يكون عليّ بعدها إلا أن ألوذ داخل سريري و أدفن رأسي تحت الأغطية المتكومة فوق جسدي ، و أشد بيداي على آذاني ليذهب هذا الصوت بعيداً عني ، و يمر طيفك بلا أية مقدمات ، فأحس بشعور قاتلٍ باللجوء إليك ، و السكون بين يديك الحنونتين فوق كتفك الثابت دائماً ولا يمنعني من ذلك إلا أنك اليوم طيفاً لست حقيقة ، فيمسسني الخوف بكلتا يديه لأفقد القدرة على النجاة بنفسي ، ثم يبدأ صوتك يعلو داخل رأسي ، و يمر لون العسل بعينيك أمامي ليذكرني بنظراتك تلك التي كنت أخشاها ، و يمسس عطرك عمق أنفي و يستقر هناك كأنه يقول لي : ( لن تنجي منه ) .
فأقف أؤيده في هذا كله ، فينتصر عليَّ ، و أُهزم برائحة..!

الليلة أفقدتني صبري و لم يعد لي قدرة على المقاومة أكثر ، بُتُ كجثة في غرفة فارغة يملأ أركانها البرد ، ولا أحد يعلم بوجودها .