في سبيل الحب بقلم: المهدي نقري
تاريخ النشر : 2019-12-29
بينما هو متكئ على سريره بدأت تتراءى أمام عينيه مجموعة من الصور التي ما زالت تومض ذاكرته إلى يومنا هذا، وبدأ يسترجع ذكريات أول لقاء له بزوجته خديجة، كان ذلك اللقاء بشاطئ مدينة المحمدية بينما كانت هي تستمتع بالنظر إلى أمواج البحر وعذوبة السماء الزرقاء، قاطعها هو بصوته الخشن: السلام عليكم.
التفت إليه ولم تنبس ببنت كلمة ونظرة إليه نظرة لو تحولت إلى كلمات لفر المسكين هاربا لكنه ظل صامدا كمحارب شرس في ساحة الوغى وأعاد المحاولة من جديد: السلام عليكم، يا قمر، لماذا لا تريدين التحدث إلي.
فأجبته خديجة بصوتها العذب الطفولي: جئت هنا يا أخي لأستمتع بالنظر إلى أمواج البحر لا للتكلم لشخص لا أعرفه، أرجوك دعني وشأني.
أحس عزيز وكأن رصاصة اخترقت جسمه من جراء ما سمع، فلم يسبق له أن تعرض إلى مثل هذا الموقف قط، نظرا لجماله الباهر، عينان خضراوتان، وشعر أشقر حرير، وطول فارع، وجسم رياضي، كل هذا لم تعره خديجة أدنى اهتمام.
سار عزيز والشاطئ وفي نفسه خيبة أمل كمقامر خسر كل ما يملك في المراهنة على حصان هرم بلغ من الكبر عتية وبينما هو عائد إلى حال سبيله سمع صوتا نسائيا يصرخ بقوة فإذ هي خديجة تتعرض للسرقة من طرف بعض اللصوص، فرجع يركض لنجدتها وبينما هو يخلصها من اللصوص إذ بأحدهم يغرس في بطنه سكينا فطرح عزيز أرضا كالقتيل. فتح عزيز عينيه فوجد نفسه في المستشفى وإذ بيد تداعب شعره الحريري لم يستطع تحديد الملامح في الوهلة الأولى وبعد هنيهة بدأت تتضح له الملامح، إنها الفتاة التي بسببها تعرض لما تعرض إليه، أحس عزيز عندما رأها كأنما ولد من جديد وبدأ قلبه بالخفقان، وإذ بخديجة تبادره بالكلام بنبرة امتزجت بالفرح والأسى، فرح لأنه نجا من الموت وأسى لأن ما تعرض له كان بسببها.
أعتذر عما صدر مني فبسببي كدت أن تقتل.
لا مجال للاعتذار أي أحد مكاني كان سيفعل ما فعلت نحمد الله أنك لم تصابي بمكروه.
وعم بعد ذلك صمت رهيب بالغرفة وبدأ كلا الطرفين يرمق الآخر في صمت حتى نطق عزيز بكلمة كان وقعها على قلب خديجة شديدا جعلت الدمع يذرف منها.
أريدك يا خديجة زوجة لي.
أجابته ولبسمة تعلو وجنتيها: لن أجد أحسن منك.