الصقر تغتاله الخفافيش بقلم:فرج الجطيلاوي
تاريخ النشر : 2019-12-16
قصة قصيرة "في زمن صارت فيه الخيانة عقيدة ،وذكرالخفاش المخنث صار دليلا لمسيرة الصقورالمغفلة فاءن" :
الصقر تغتاله الخفافيش
(1)
الصقور امة كباقي الأمم، منها ألأصيل وفيها الوضيع الذليل تتوزع على أمتداد الكرة ألأرضية، تسكن الجبال وتبني أعشا شها في سوامق ألأشجار. رزحت الصقور الجنوبية حقبا وقرونا تدفع ضريبة بقائها فى موطنها. تعرضت للإذلال والإهانات من الدخلاء . مرغت مناقير الكثير منها في التراب ، وأبى القليل الركوع لغير الله صابرة على جراحها، فطاردها الغازي في السهول الخضراء ولجأت إلى ألأكنان في اعالي الجبال أو أرتحلت إلى الغابات المطرية والصحاري الرحبة حاملة صغارها . لم تترك هياثمها عرضة للضيم والتنكيل تحت أي مسمى . إنها كائنات تعشق هواء الله . سلالة من هذه الصقور تقطن بقعة على الخليج الجنوبي من البحر ألأبيض المتوسط.. شاطئه يمتد في عمق الصحراء . تشعرهذه الجغرافيا بأن علاقتها مع البحر ليست على مايرام. هذا التوتر انعكس على التواصل بين الصقور الشاطيئية وصقور ألأودية . تروي بعض الأساطير أن عمق البحر أخاف تلال الشاطئ ، فهي دائمة التوجس من القادم عبر متونه وامواجه فيما تتهم صقور ألأودية الصقارين الذين يعتاشون على نبلها في التودد إلى السلالة الشاطيئية للزج بها في حروب بينها. اتجهت حكايات أخرى أن شياطين الشمال أمتلكت مقادير ألأمور وسعت إلى ابتداع عداوات بين البحر وكائيناته وألأودية وقاطينيها .
في تلك البقعة من ألأرض من الوادي المتشاطئ في غمرة يوم في أواخر قصل الصيف افقست فيه البيوض التي وضعتها أنثاه ، فيما انهمكت الشيها نة الأم في رعاية الفراخ التي رأت الضؤ للتو. قرر صقر من سلالة الشاهين تمزيق قطعة من قماش سميك مختوم قي وسطه نجمة خماسية يطل عليها هلال ربطت حول رقبته كوصمة لعبوديته وشهادة لمهنته كعوال في زمن ألإضطهاد والتهميش والترويض والإستئناس.
شرع في تمزيق هذا الربق وهو يحلق في أعالي السماء مغقغقا برغبة شديدة كأنما يمسك بطريدة غير أنه تافف عن اكلها. ادهش هذا المشهد الغير مألوف نوارس البحر ودلآفينه قبل أمة الصقور وسلالاتها المختلفة من الغواسقه، والشها ينة، وغيرها القريبة والبعيدة القاطنة في أقاصي الشمال .
لم يتبادر إلى أي نوع من سكان المدن وألأرياف والصحاري والكا ئينات المتشاطئة أن يتجرأ طائر من يكون على تكسير قيوده . كان فقط عليها أن تلبي ألأوامر أو تدفع ألأوتاوات مقابل بقائها في موطنها.
كيف يكسر عبد وإن منحه سيده لقب الشهامة والبسه اياه في رقبته دون أن يخاف مغبة رد الفعل ؟
شاع النبأ "أن صقرا أنعتق من تبعيته دون أن يدفع لسيده ثمنا كان يسلبه منه سلبا تحت الشمس وفوق أالشواهق".
سرت أحاسيس قوية في ألأمم ألأخرى من عقبان و نسور والصقور البحرية والجبلية أن تحذو حذو
هذا الشاهين الجسور الذي برهن للكون ان التمائم التي تعلق في الرقاب مزينة بالنجوم وألأهلة هي خرافة وأن الشاهين وغيره من الطيور الحرة ، لايمكن أن ترضى بحياة تأكل فيها رزقها مقابل عبوديتها . كما أن النجوم التي تتلالأ في السماء هي نبراسا وأن بدا بعيدا ينير المسارت التي تحلق فيها ساعية في ترحال المواسم. وإن ألأهلة هي مواقيت وليست رمز هيمنة.
عجت أ لوهاد والصحاري بالغبطة.ابتهج البحر للنبأ وأستقبل الصقر وهو يحلق مزهوا. حياه البحر بموجة عالية مهنئا. تبادل الكا ئينان حوارا يعلم سره الخالق.
(2)
ادى الحوار بين تبديد المخاوف الموروثة ، تعاهدا على الرفقة والصداقة ، افضى الصقر الجرئ للبحر "إننا أمة الصقور وأمم الصحاري لطلما راودنا الحلم والحنين للشراكة معك ، كما اننا نريد عندما تتدفق امواجك بين مد وجزر عند شواطئك تنعم اليابسة في الوادي بنسا ئمك العبقة ، وأن لا تحرمك ألأودية من مخزون أشواقها.
"هدرت أمواج البحر "نحن ندرك المخاوف التي تنتابكم عن طغيان الشيا طين الكبار و أتباعهم ممن بختفون خلف النجمة والهلال".
رحبت الصقور ذات النوايا الطيبة بهذا الحلف المقدس الذي مد جسور التواصل بين البحر والصحراء العطشى.
حذر الصقر الجوارح القمامة من أستحسان البلادة والركون إلى الخوف من شياطين الشمال كسبيل للحصول على القوت وأستجداء السيادة.
على نحو غير مألوف في ذات الجغرافيا التي اعلن منها الصقر أنعتاق رقبته وقوته من التميمة الوهم ، حطمت سلالة من بني أدم اسوار حبسها . تبنت الجموع ألأدمية غقغقة الصقر ، أو هي تظاهرت بذلك، فيما كشف البحر اسرار ملفات مختومة بذات الختم الذي كان معلقا في رقبة ألصقر تحتوي على جرائم ألإستعلاء ضد الصقور الجنوبية التي حاولت في الماضي فضح ممارسات إختراق الجينات في ازمنة المواجهة الغير متكافئة ، لاسيما وأن هناك سلالات تتلذذ بالخضوع السادي.
لبت هذه الجموع صحو ألإنعتاق . تجرأت على لعن التاريخ المستكين، والتبريرات الفاجرة التي جعلتها تقدس " النجمة والهلال" . ردد احد ألأدميين " لقد رأيت الصقر يتكلم".
تداخلت وسائل التواصل المتاحة حينئذ ، نشرت فيضها وغيضها . تأهب الصقر للرد على أي أعتداء تشنه الذئاب أو الثعالب أو الدبابير على الهياثم التي مازلت تحبو. فلقد القي القبض على جرذ ذي نفس شيطاني يحاول قهر هيثم غافل . أنضمت السلالآت النقية من أمة الصقور إلى اتفاقية الندة والصداقة مع أمة البحر.
أبتهجت ألأودية التي حرمت من نعم البحر المترامي والشواطي الحبلى بالنسائم. تحررت ذاكرة ألأمواج عندما استنشقت أشواق الصحراء . في غمرة زخم الحب هذا لم يغفل البحر عن توجساته القديمة ، ولم تتنازل ألأودية عن حرصها في البقاء وفية لطموحات الصقر .
هاهي ألأودية تبني عشا بهيا مزدانا كخيمة ربيعية للشاهين وعائلته ،كل حراسه من الصقور التي تربت امام ناظريه ومن سلالته.حرك هذا المشهد حفيظة صقور القصور التي روضت على ممارسة طقوس الخضوع، شرعت في بث دعاياتها المغرضة "شاهين أهوج تحالف مع البحر يبنى له عشا على ضفة واد مجدب لا تسكنه إلا الزواحف والثعالب والذئاب".
لم يتأخر رد الشاهين طويلا :" ماذا فعلت صقور الحدائق الخلفية بقضايا سلالتها وكل الكائنات القاطنة في الوهاد والأزقة الضيقة والقرى وألأرياف والمدن العريقة، لقد حرمتها حتى من تنفس الهواء وشربة ماء صافية نقية".
أسدى البحر نصيحة "ياأيها الصقر لا ترفع رأسك إلى الفوق طويلا ولا تسرف في البوح كثيرا."
لم يمر أتفاق الود والمصالحة بين الصقر والبحر دونما شروط كما تروي الحكاية . اشترط الصقر في نص الوثيقة " على البحر أن يسمح لنا با التعرف على هوية الرواسي فيه والعابرات متونه. لأننا أمة الصقور لن نسمح للعربدة التي كانت تمارس ضدنا ولا ضد النوارس والدلافين ألأمنة" .
افضى البحر بموافقته على شرط الصقر وقد علت أمواجه" سنتصدى معكم نحن امة البحر لكل العابثين".
تنادت الأودية والشواطئ وزقزقة العصافير والنوارس مباركة هذا الزمن . لم يكتف البحر بالتأييد، بل أزدادت تحذيراته " يا أيها الصقر : لاتامن جانب المغفلين من سلا لتك ، قد تقود بغباء الدبابير فتتسلل إلى عشك المزدان وتنكل بالبيوض أو ألهياتم و....... ".
أدعت صقور الحدائق الخلفية أن ألآمة الصغيرة التي أتخذت من الوادي جغرافيا تتنفس فيها صارت تشكل خطرا على ولاءات كل صقر تباع أو يربوع منافق أو نسر جياف لثنائية النجمة والهلال المعلقة في أي مكان من جسمه.
أمعن الصقر الثائر في ألإنصات لتراتيل أمواج البحر"يايها الصقر العزيز لا تأمن الذئاب التي تصلي، وأياك ان تحسن إلى خنافس الروث." هذا النوع من الكائنات يكره نسائمي وتغريد نوارسي وحسن ادب دلافيني.
كما أفضت التراتيل " كم من نورس صغير لوعه ذئب لئيم تظاهر بتقديم الشكر للنسائم في يوم قائض ، ومن ثم انقض على بيض النوارس وافراخه التي تحاول التحرر من قشرتها .
" يا أيها الصقر المحلق في ألأعالي: إذا أراد الله ستكون أمواجي عواصفا ترافقك في ألأجواء لتصد عنك عدوك وعدوي".
أنطلقت سلالة الصقور المدجنة في بث الشائعات " أن الصقر الجنوبي بكسره لقيده في ذلك اليوم وفي ذاك المكان من البقعة المتشا طئة ، إنما كفر برب نعمته الذي منحه بصرا حادا وجناحين قويين، واتجه إلى كائن غبي لايستطيع التحكم في أمواجه التي تعربد وتغرق من تشاء، هذا الغبي قد يؤدي بحياتك أيها الصقر الجاحد لشرف أرتداءالنجمة والهلال.
أرتعدت بعض الفرائص من السلالة ألأدمية من تهديدات صقور القصور المدجنة ، لاسيما عندما تعرض الشاهين ا لشجاع لعملية قنص أثمة، بأت بالفشل. تأ هبت أمة الوادي وكل ألأمم التي تسكنها جينات ألإعتزاز لحمايتة من هكذا د سائيس .
(3)
كأنما يستمد عزيمته من هذا الوادي الذي أحتفظ بأسمه الوادي العبقري أو" العتعت" كما تحب أن تسميه سلالة من الصقور. لم يابه هذا المقدام للهمز واللمز والتهديدات، غير ان صديقه البحر لم يتوقف عن إرسال امواج التحذير" إحذر الصقور التي كانت تعتاش على خنافس الروث وتمكنت يوم أن نزعت من أعماقها الخوف فأضحت تأكل الطازج من الملذات".
وأردف موج البحر " لا تأمن جانب الصقور اللقيطة وألأخرى العبيطة".
هذه ألإطلالات على خفايا نسب الصقور التي تحيط بالصقر صديق البحر ، قوبلت بحملات شعواء وممارسات غريبة ، فبينما يجوب الصقر الصحاري ومنخفضات الخليج في رحلة بعيدة عن العائلة الصغيرة التي تسكن الوادي العبقري، تعرض إثنان من الهيا ثم لعملية صقرنة تم فيها وضع قرص معدني في رجل كل واحد منهما مختوما بكلمة مبهمة في كل قرص .
سربت مقاطع عدائية وجدها البحر تطفو على سطحه" العلاقة بينك وبين هذا الصقر الجنوبي أ لمتهور والذي أدعى أنه تحرر من النجمة والهلال هي علاقة مشبوهة ، أنت ايها البحر ألأهوج تقيم علاقة كاذبة فأنت شيمتك الغدر وهو مهنته القنص".أيها البحر لا يمكن ان يلتقي الهدير بالغقغقة.
تمكن الصقر من كظم غيضه وقد أستقبلته الهيا ثم المغبوطة بعد إطلاق صراح ألإثنين منها ، كما أن ما طفى على سطح البحر أستفزه كثيرا ، فك شفرة ماكتب على القرصين المختومين .
(4)
توجس الصقر من صمت الوادي، الذي تجرأت الزواحف السامة تذرع جيئة وذهابا جحورها مرورا بظلال ألأشجار المحيطة بعشه دون إستئذان ، على غير عادته لم يمارس ضدها أي فعل، أو لعله تعمد تركها بل حذر أي صقر من التحرش بها. أوصى فقط بمراقبتها.
علم البحر بهذا التغير المفاجئ في سلوك حليفه. ارسل نداء وكثف من هدير امواجه لعل الصقر تصله التحذيرات" يايها الصقر الهيبة أنا لست النبي سليمان يخاطب الهدهد في مملكة الطيور ، نحن أمة البحر لا يتسلل ألنفاق إلى اعماقنا، يبدو أنك نسيت أتفاقية المودة التي أبرمت بيننا، أنت الزمتني بأشياء ، نفذت أمتي كل العهود .وها أنت تهادن ألأفاعي !". "كما أنك لم تفصح لي عما وجدته في رجلي صقريك اليافيعين ." ومن يواجهك في الخفاء ! .
لطالما وفقنا الله نحن امة البحر في حسم الصراع لصالح ألأنبياء . تذكر أيها الصقر مواجهات:"الطود العظيم والطوفان والفلك المشحون" ، ولن أفصل كثيرا .
أحس الصقر بغضب صديقه قرر أن يرتاد ألأفاق لعله يجد عزاء وسلوى أو يختبر توازنه تجاه ما انتابته من ريب بعد ألإعتداء ألسافر على الهيثمين وقضية الشريطين الملصقين والتعبيرات التي فك غموضها.
تعرض في هذه الرحلة لمخاطر لم تكن تصادفه بهذا الغموض من ذي قبل، فبينما اتخذ مهجعا فوق أغصان ألأشجار الكثيفة وتغطى بنجوم الليل ، تسللت شعاعات كاللهب من أتجاهات متعددة ، كادت ان تقضي على عينيه، شعر بخطر يحيط به ، أعتصم برباطة الجأش، اكتفى بالحذر وهو يتفقد مرافقيه بعينيه النافذتين. .عندما أنبثق الفجر أنطلق عائدا ، أفرد جناحيه ، غاب في أعالي الكون ،لم يتوقف حتى أفرد جناحيه ومسح بهما وجه صديقه وكاتم اسراره.
لم يتأخر البحر في ألإفضاء بسر من ألأسرار كان يكتمها عنه الصقر "لم تهتم بنصائحي ، هل تريد أن أخبرك من كان دليل قافلتك المسافرة ؟، ومن هو حارسك؟، ومن هو الذي أشار لك بالمبيت وسط ألأشجار المتشابكة حيث تعرضت لسهام ألأشعة المحرقة؟". غقغق الصقر وهو يمسح وجه محدثه بلطف.
أرتطم البحر بالشاطيء وترك لأمواجه البوح:
" ما تعرضت له في جولتك أيها الصديق المغتر عبر الفضاء ألأرحب له علاقة بالشفرة "زهرة التوليب" التي الصقت برجل احد الصقرين وألشفرة الرديفة" روز" في رقبة ألأخر!.
اردف البحر: "حذرتك من اللقيط والعبيط والمغفل".
"لقد كنت طيلة رحلتك مكشوف التطلعات ، ومراقب حتى في أحاسيسك، أنت ربما تجهل الخارطة الجينية لهذه السلالات الثلاثة" .
"أيها الصديق الذي أرتبط بصداقته دون علم ولا حذق من أمواجي، ولم يكن لي سلطان ذاتي ،أنت تخفي عني أسرارك وترفض ان تبوح لي بمسببات أوجاعك أنا سأكشف لك أسرارا من وسط عشيرتك ولا تمارس معي ألإنفعال وتغيب في ألأعالي".
غقغق الصقر وقد توجس خيفة.
أضاف البحر :
" أعلمك أيها العزيز أن الكثيرين ممن يدعون ألإنتماء إلى أمة الصقور بسلالاتها المختلفة ليس لها غيرة فهي لا ترى بأسا أن تمارس الخفافيش الفاحشة مع أنثى صقر أو شيهانة".
غقغق الصقر ,وانتفض بغضب شديد ،غمرته موجة باردة هدأت من روعه.
" تريث أيها البحر أنت تعني صقور القصور وليس صقور الوادي العبقري ، نحن نغاروا من نسائمك على الإناث من سلالتنا، ،نأب أن يدنس شرفنا"
أصطخبت أمواج البحر " الصقور التي تحرسك ليست هي تلك التي أطعمها أبوك أمام الشيهانة أمك في لحظة حميمية، خذ حذرك من الفروع الماكرة ، والملامسة الناعمة لجناحيك".
(5)
أنكفأ الصقر على نفسه من هول ما أسمعته ألأمواج عن بعض من اسرار سلالته، غير أن البحر أسرع في ترضية صديقه، قدم له وليمة من ملذاته الكامنة. رمق الصقرمعاتبا و رفض الوليمة المزجية.اخذ يغقغق"عرى الصداقة لآزالت كما هي".
رد البحر : نحن لا نبيع النعم نحن نتواصى باالصحو ونلعن الغفلة، يمكنك أن تهدي الحرص ولأمان لنوارسي ودلافيني إن شأت. خذ حذرك من ألأفاعي التي سمحت لها بالتجوال في الوادي.
يا أبن الهواء والصحراء ٍسأفضي لك بسر وأشكو إليك بعضا من هواجسي وهمومي.غقغق الصقر مرحبا بهذه النجوى ، افرد جناحيه مزهوا . حلق قليلا وأستقر مرهفا السمع
تعا لت ألآمواج كعواطف جياشة : "النوارس والدلافين وكل الجموع التي تنتمي إلى الشواطئ الضحلى ,وألأعالي الموغلة في القاع تتعرض للإبادة من الكائنات ألأدمية. يرغموننا على أبتلاع السموم والمخدرات،والتلذذ بالخضوع السادي، يثأرون لملاحم الطود العظيم والطوفان وا صحاب السفينة".
أستغرق الصقر في فك عواطف ألأمواج نحو خنادق التاريخ وضفاف الجغرافيا. أستراح قلبه بعد هذه المناجاة ألودية، غقغق متوعدا بردع هذه ألكائنات العابثة.
(6)
أفاق البحر على أسراب مسومة من الصقور كطيورألأبابيل تغطي وجه الشمس، تهاجم ألأجسام التي تسمم كائناته. رسمت الصقور خطا وخدقنا جغرافيا أسماه البحر " خط العتعت". تحقق الحلم والحنين للشراكة وأيقنت الجوارح القمامة التي تتخذ من الحدائق الخلفية ملاذا نوايا هذه الشراكة.
صحت كل كائنات البحر ، أغتسلت بالفرح ، عادت الصقور المنتصرة إلى أكنانها في ربوع الوادي العبقري. أ ختفت تحركات ألأفاعي من الوادي.لم يترك البحر صديقه الوفي دونما يذكره بالحيطة والحذر مما قد يقدم عليه ألأعداء المنهزمين ." أحذر الفروع الماكرة التي يتناسل وسط ظلالها الشيا طين والبعوض، وخنافس الروث التي توغلت في الوادي وجعات من الديدان بيوتا لتفقس بيوضها .
(7)
مالم يكن في الحسبان لكل من البحر والصقر والكائنات الشريفة أن تدعي نورسة مراهقة أن الصقر صديق البحر أغتصبها اثناء حملة التطهير التي قادها ضد أعداء البحر والبر.
عجت شبكات التواصل البشرية والتغريدات المغرضة مؤيدة خبر هذه الواقعة. أرتبك الصقر وأعلنت حالة النفير في أرجاء الوادي تحسبا لردة فعل كائنات البحر حليفة ألأمس . انحسرت قليلا ألإبتهاجات التي رافقت ألإنتصارات التي لم يمض عليها إلا القليل من الوقت.
أدرك البحر على نحو سريع مكمن خطر الدعاية السافرة ، استدعى كل النوارس والدلافين الراشدة، وأصطحب الأمواج إلى حملة للبحث عن النوارس الداعرة التي أنقادت إلى ممارسة الفاحشة مع الخفافيش في أندية المنكر على مقربة من الشواطئ. اسفر ا لتحري عن وجود علاقات اثمة بين ذكور الخفافيش وثلة من عوانس الصقور والنوارس.
على نحو مغاير هدرت ألأمواج وغردت نوارسه الوفية ودلافينه الطيبة والطيور المهاجرة ، وهكذا شقشقت البلابل واللقا لق في الوادي وأكنان الجبال راقضة لهذه الفرية المارقة. ،وصفت جميعها الحادثة بأنها ابتهاج خفافيش . أمتدت نسائم البحر تهدي من غضب الوادي.
التقى الصديقان الصقر والبحر ، اندفع البحر هادرا وقد غمرت امواجه ريش الصقر : يايها الصقر أخبر المغرضين الذين يجهلون ما في خنادق الذاكرة . يأيها الصقر أرفع رأسك وأفضح المستور" قل لهم من أباد القمل الذي كان يعشعش في ريشكم وكان يجركم وأنتم نيام".
" من صفع ألأجساد اللعينة التي كانت تمارس الدعارة على هذه الشواطيء فوق ألآرض وتحت الشمس،
وتنكل بنوارسه وبلابله المهاجرة".
غقغق الصقر بحزن شديد " لم يتبادر إلى عقلي أن تمزيق ربق التبعية من رقاب عشيرتي وسلالا تي سيؤدي إلى الطعن في شرفي ونبل مقاصدي".
أنطلقت سلالة الصقور الحرة رافضة تشويه سمعة الشاهين صديق الصحراء والبحر، بينما تحالفت العديد من السلالات البشرية تقودها الصراصير الطائرة للأنتقام من الصقر.
هدد البحر من مغبة المساس بهذا الشاهين الشهم الذي فشلت كل سهام الصيد في إقتناصه ، منذ اليوم الذي تمكن فيه من الغقغقة متحديا الولاء للنجمة والهلال، ولم يرعبه فحيح الأفاعي.
سيطر إحساس غريب على ذاكرة الصقر واشتعلت خلايا الصحو في دمه وريشه وكل حواسه غير أنه فضل عدم بث هذه ألأحاسيس لصديقه البحر كعادته. في تلك البقعة من ألأرض من الوادي المتشاطئ في غمرة يوم من ايام الربيع انتابته وعكة صحية مفاجأة. تبين أنه قد يكون تعرض لحالة تسمم من وليمة أعدها احد رفاقه عقب رحلة تفقدية أثر فرية ألإغتصاب التي دبرتها الروابط الخفية.
قبل الفجر سمعت غقغقات حزينة وتغريدات معزية، وأصوات أنفجارات طالت مسارات ألأودية والممرات المؤدية إلى شواطئ البحر.تردد وسط سلالة النوارس والدلافين ان مليشيات من الخفافيش وصقور القصور والصراصير الطائرة كانت قد تسللت إلى عشه وسممت عشأه.
ثملت الخفافيش والصراصير الطائرة وخنافس الروث والصقور اللقيطة والعبيطة بفرح التشفي، تبادلت الشياطين ألأنخاب، وعادت ألأفاعي مرسلة فحيحها ، فيماعمت ألأحزان ألأودية الوفية وأمة البحر التي صلت صلاة الغائب على روحه ، بكته بحرقة النوارس والدلالفين وكذلك الطيور المهاجرة.
26-11-2011 فرج الجطيلاوي