ستُدرك لاحقًا بقلم: أ. حسام حمدان الرقب
تاريخ النشر : 2019-12-14
ستُدرك لاحقًا بقلم: أ. حسام حمدان الرقب


ستدرك لاحقًا:

- بعد انغماسك لفترة طويلة في الحزن وبكائك المرير لساعات طويلة وأيام عديدة أنّه لا أحد يستحقّ حزنك وبكاءك.

- بعد تعرّضك لخيبات قاسية، متتالية ونكسات من الّذين ظننت أنّهم أحبّاؤك وأعوانك أنّه لا أحد يستحقّ الحبّ سوى نفسك، وأنّ نفسك أولى بكلّ هذا الحبّ والاهتمام، وستدرك عمق هذه الجملة وصدقها "كن لنفسك كلّ شيء".

- بعد أن تُعطي كامل قلبك لشخص ما ويُجهز عليه بكامل قوّته وشراسته ولامبالاته ويحوّله إلى أشلاء ممزّقة، ونارٍ مستعرة، أنّه لا أحد يستحقّ قلبك، وأنّه لا ثمّ وفاء ولا تضحية ولا صدق في الحبّ ولا ما يحزنون، وحينها ستعضّ أصابعك العشر ندمًا وحسرة.

- أنّه لا أحد يشعر بك، ولا أحد يهتمّ لحزنك، ولا لبكائك في منتصف الليل، ولا أحد سيبقى معك، ستكتشف أنّك وحيد تمامًا ومنسيّ.

- كم أنّ الحبّ شيء ساذج ومقرف ومضيعة للوقت والنفس. أنّ الحبّ قاتل صامت، موتٌ بطيء. انتحارٌ بذاته.

ستحبّ بكلّ ما أوتيت من حُبّ، بعدها ستتلاشى الأحاديث تدريجيًا، ثمّ تنتهي وتتوقّف الكلمات، يعمّ البرود والسكون، وفجأة ينتهي كلّ شيء. (يبدأ الحبّ بقلبين وينتهي بواحد).

- ستدرك حجم الخطأ الذي ارتكبته في حقّ قلبك الطيّب حينما أعطيته دفعة واحدة لمن لا يستحقّ، ومن ثم ستبدأ رحلة الندم التي ستلازمك حتّى في منامك. (ستذوق مرارة حماقاتك، سينهشك الندم ليلًا، ستصفعك ذكرياتك ويُجهز عليك الحنين، ستعضّ
أصابعك العشر ندمًا).

- (بعد علاقة حبّ فاشلة) ستدركُ تمامًا لماذا سُميت عقارب الساعة (بالعقارب) حينما ينتصفُ الليل ويشتدُ سواده ويكشّر عن أنيابه، ويغيرُ عليك الحنين الغاشم من كلّ حدب وصوب ويطوّقك، وتُجن ذاكرتك، وتصابُ بالأرقِ والقلق.

- ستدرك حينما تثقل الهموم كاهلك وتضيق عليك الدنيا بما رحبت وتشعر بأنّ أثقالًا هائلة جاثية على صدرك، أنّ مهمتك في الحياة هي الشقاء والعناء وأنّه كُتب عليك المقاومة فقط، مقاومة جيش من الذكريات زاحف إليك كلّ ليلة، مقاومة الحنين الغائر، مقاومة الماضي بأسره.

ستظلّ تقاوم وتقاوم حتى تسحقك وترديك الحياة صريعًا.

- ( بسبب الإفراط في معاملة البشر بكامل طيبتك ونيّتك الحسنة) ستدرك أنّ قلبك الطيّب الليّن هو سبب لأغلب مشاكلك وشقائك في الحياة، كان يجب عليك أن تحمل قلبًا فولاذيًا، صلبًا.

- ( للصديق الّذي أحببته بكامل ما أملك من حبّ ثم جازاني جزاء سنمّار وقابل بالإحسان الإساءة):

ستدرك بعد فوات الأوان (ويوم لا ينفع الندم) أنني أحببتك بطريقة لم يستوعبها قلبك (لا طاقة له لكلّ هذا الحب) ولا يمكن لأحد أن يحبّها لك، وأنّه لا حد أحنَّ عليك مثل قلبي، وستدرك حينما تُحصي خساراتك الواحدة تلو الأخرى أنّني الخسارة الفادحة التي لا يمكن تعويضها. (سأكون في مقدّمة خساراتك).


- ستدرك بعد أن تصاب بشدّة، محنة ثقيلة، أنّك وحيد تمامًا وكلّ الجدران التي اتّكأت عليها وركنت بها مائلة وآيلة للسقوط ولا تقدر على حمل نفسها، ستدرك عمق هذا المثل: ( لا تتفاخر بأنّ لديك أصدقاء بعدد شعر رأسك، عند الشدائد ستكتشف
أنّك أصلع)، فعلًا أصدقاؤك الّذين توهمت أنّ أعدادهم كعدد خصلات شعرك ستدرك وقت الشدّة والحاجة أنّك أصلع وبلا نصف شعرة.

(أصدقاء مزيّفون).

- ستدرك في وقتٍ لاحق أنّ أغلب الانطوائيين الانزوائيين القابعين في زوايا الوحدة والمتشائمين من الحياة الذين سئموا تكاليفها كانوا أكثر النّاس سعادة وشغفًا إلى أن تمّ ضربهم وطعنهم في مقتل.

- حينما ترى هؤلاء الذين وضعتهم في قائمة الأصدقاء وهم يتساقطون ويتلاشون الواحد تلو الآخر عند أوّل محكّ. حينها ستدرك كم أنت أحمق وساذج (وعلى نيّاتك).

- ستدرك لاحقًا كم أنتَ أحمق.!