دور القوة الناعمة فى مواجهة الارهاب بقلم: د. محمد حجازى
تاريخ النشر : 2019-12-13
دور القوى الناعمة فى مواجهة الارهاب :
-------------------------------------------------
ان مجريات الأحداث الاخيرة التى تمر بها مصر تقتضى توجيه الجهود الوطنية على كافة الأصعدة التربوية والتعليمية والاعلامية والدينية والأمنية ومنظمات المجتمع المدنى والأحزاب السياسية نحو المصلحة العليا للدولة المصرية .

ان الارهاب هو احد الإشكاليات التى تواجه مصر فى المرحلة الراهنة سواء كان مصدره منظمات سياسية او منظمات غير سياسية ...كيانات رسمية ام كيانات غير رسمية ..ام جماعات ضغط.

لقد اثبتت التجربة ان التغلب على الارهاب ومواجهة الجماعات الارهابية يحتاج الى الجمع بين القوة الصلبة والقوة الناعمة معا.

ولقد برز مصطلح (القوة الناعمة ) فى مطلع تسعينات القرن العشرين على يد عالم السياسة الامريكى (جوزيف ناى ) بالتزامن مع ظهور مصطلح العولمة وسقوط الاتحاد السوفيتى وانفراد امريكا بقيادة النظام العالمى الجديد واعلان جورج بوش الاب الحرب على الارهاب ..وعرفها (ناى ) بانها ( القدرة على الجذب والضم ليس بالاكراه وإنما بالاقناع ).

ومنذ ذلك التاريخ استحوذ هذا المصطلح على اهتمام كثير من المحللين السياسيين..ثم تطور المصطلح ليصبح ( قوة النموذج وجاذبية الثقافة وسمو القيم والمبادئ والمصداقية فى الالتزام بذلك ) .

فى السنوات الأخيرة تمت شيطنة مصطلح القوة الناعمة من قبل كيانات ومنظمات رسمية وغير رسمية والانحراف به عن مضمونه الحقيقي من اجل تحقيق مكاسب سياسية رخيصة والتأثير فى الاخرين بجعلهم يتصرفون بطريقة لم يكونوا يقومون بها لولا اخضاعهم لاثر القوى الناعمة الاقل شفافية ..ويستدل على ذلك بوجود منصات دعائية عبر قنوات تليفزيونية تستضيفها تركيا للنيل من شخصية المواطن المصرى وزعزعة ثقته فى نفسه ...ثم زعزغة ثقته فى مؤسسات الدولة ولاسيما المؤسسة العسكرية

ان القوة الناعمة تخاطب تطلع الشعوب نحو السمو والامتياز ..وقد تجلت مظاهر القوة الناعمة فى عدة دول على النحو التالى :
- تمسك الشباب بسروال الجينز الامريكى ( قوة ناعمة )
- الدقة التى يتسم بها الشعب السويسرى ( قوة ناعمة )
- سمعة الدانمارك لكونها اقل دول العالم فسادا ( قوى ناعمة )
- التطور الحضارى المذهل فى دبى ( قوى ناعمة )
- موقع مصر الجغرافى ( قوى ناعمة ).

اما القوة الصلبة فى تقوم على الاكراه ..وهى تأخذ مظهرين هما :
١- القوة العسكرية
٢- القوة الاقتصادية .

ركائز نجاح القوة الناعمة الى جوار القوة الصلبة :
------------------------------------------------------------
يجب استخدام القوة الفكرية الجديدة ( القوة الناعمة ) فى تحطيم قدرات تطور الجماعات الارهابية ...وهذا يقتضى :
١- تعظيم الاهتمام بقطاعات التعليم والصحة والثقافة .
٢- محاربة الفقر
٣- ضمان تكافؤ الفرص
٤- محاربة الفساد
٥- تحقيق الامن الاجتماعى الذى يقود الى تحقيق العدالة الاجتماعية وحراسة القيم والمبادئ ...ومن ثم تحقيق الأمن السياسي.
٦- الحيلولة دون حدوث انسداد فى الافق السياسي
٧- تجديدالخطاب الدينى.
٨- تجديد الخطاب فى كافة مؤسسات الدولة
٩- مجتمع مدنى مساند يتصدى للجريمة المنظمة ومواجهة الفساد
١٠- اعلام حر ناقد ومستنير ..

ان القوة الناعمة لن تنجح فى مواجهة الارهاب دون وجود ( قوة عسكرية ) ودون وجود ( قوة اقتصادية ) معا...خاصة مع تطور قدرات الجماعات الارهابية وجمعها بين القوة الصلبة والقوى الناعمة من خلال امتلاك منابر دعائية للتأثير على عقلية من يستمع اليهم .

المجتمع بحاجة الى قوة عسكرية متطورة واقتصاد قوى وجهاز سياسي مستقر واطار تنظيمى كفؤ الى جوار قوة ناعمة حتى يتحقق الهدف العام وهو القضاء على الارهاب من منابعه.

نحن بحاجة الى توظيف استراتيجى صحيح للقوى الناعمة الوطنية ينطلق من منصات وطنية اعلامية بوجوه جديدة غير ذات الوجوه البغيضة الكريهة وتجييش كافة المتخصصين فى الشئون التربوية والتعليمية والثقافية والفكرية والدينية فى هذا السياق.