ممالك النار بقلم: إياد جوده
تاريخ النشر : 2019-12-12
ممالك النار بقلم: إياد جوده


بقلم / اياد جوده
بثت الmbc مسلسلا تاريخيا مهما يتحدث عن فترة المماليك وكيفية احتلال العثمانيين للمشرق العربي . لا يمكن لنا الا ان نقر بضخامة العمل الذي رصد حركة تاريخية مهمة بسببها ساد
التخلف في العالم العربي كله .
لم تكن فترة المماليك بالفترة التي يمكن الافتخار بها فهم من استولوا على السلطة باسم الخلافة وجعلوا الخليفة رمزا يبارك للسلطان المملوكي سيطرته على مقدرات البلاد في ظل اقتتال داخلي مقيت . ولكن لم تكن سيطرة العثماني على الشرق بالحقبة التي يمكن ان نعتز بها .
الاحتلال العثماني الان يعيد نفسه عبر الاتفاقية التركية الليبية والذي عبر عنه سلطان تركيا الجديد بكل لا مبالاة وتحدي لدول الشرق الاوسط .
ان حديث اردوغان عن عدم تمكن بعض الدول المطلة على البحر المتوسط بالتنقيب على الغاز او النفط واول هذه الدول هي مصر هو جزء من التحدي الجديد الذي يسعى اليه أردوغان بكل عنجهية ويعبر عن ذلك دون أي مبالاة منه بأحد جاعلا نفسه واليا على البحر المتوسط .
لم تكتفي تركيا بهذا حتى اطلقت تصريحا مفاده ان على كل القوى الخروج من سوريا حتى تخرج هي منها وانها ستكون آخر الخارجين منها وليس أولهم بل ذهب للإعلان عن عودة مليون سوري الى المناطق التي أسماها محررة .
ممالك النار التي رعتها الدولة العثمانية ذات يوم باحتلالها الشرق الوطن العربي مستخدمة الدين والخلافة كجزء من تبرير ذلك الهجوم على المشرق اليوم يعيد نفسه من جديد ولكن بما يسمى اتفاقيات ثنائية .
الاتراك تحدثوا عن الغضب المصري وقالوا في احد تصريحاتهم التالي ( صحيح ان العلاقات ليست جيدة مع مصر ولكن رجال الاعمال هنا يتعاونون مع رجال الاعمال في مصر والامور جيدة ) . ربما كانت تلك الاشارة هي من زاوية عدم استفزاز او التقليل من شأن ما يحدث او رسالة اطمئنان بان العلاقات ستتحسن مع الوقت ، ولكن لا يمكن فهم هذا التصريح الا من باب ابرة البنج التي لا معنى لها في ظل التصرفات التي تقوم بها تركيا .
لا يمكن ان نقتنع للحظة بان هناك حسن نوايا بعد تصريحات رأس الهرم السياسي بأن اللحظة التي كانت تعيشها بعض البلدان من حرية في التنقيب والبحث بحرية او التصرف بحرية في المتوسط انتهت الان بعد ما قامت به تركيا من اتفاقية مع ليبيا .
لنقل ان الدول من حقها ابرام اتفاقيات مع بعضها البعض ولكن هذه الاتفاقيات لا يمكن ان تؤثر سلبا على الجوار والا كانت تلك الاتفاقيات جزء من اعلان الحرب على الدول الاخرى بطريقة او أخرى .
القانون الدولي والاتفاقيات الدولية ترفض اجراءات تركيا ولا ترى فيها الا عربدة سياسية وقالت العديد من الدول وعلى راسها مصر بان هذا الاجراء باطل كونه موقع من حكومة غير معترف بها ومختلف عليها دوليا من ناحية ومن ناحية اخرى ما استنتجه الاتراك من تلك الاتفاقيات بمنع دول معينة من حرية نشاطها داخل المتوسط .
لا أدري ان كان التاريخ سيعيد نفسه ولكن تركيا اليوم ليست هي الدولة العثمانية الناشئة سابقا وليست مصر هي دولة المماليك المفككة وبالتالي فان صراعا ما على المتوسط لن تجني منه تركيا الا خسارة فادحة فالجيش المصري ومصر لن تسمح لاحد بالعبث في أمنها وفي تجارتها وانشطتها التجارية .