حركة حماس والانتخابات ودولة غزة بقلم: محمد جودة
تاريخ النشر : 2019-12-12
حركة حماس والانتخابات ودولة غزة
كتب : محمد جودة

حالة فلسطينية مشوهة وتيه وعته إعلامي مفرط ، انتهي زمن المصالحة بعد إلهاء شعبنا في هذه الأحجية وحان دور الانتخابات للمزيد منإلهاء الشعب وقواه وسط تمرير مخططات إنفصالية في مقدمتها إدخال الأموال القطرية عبر بوابة الاحتلال إضافة لما يسمي بالمستشفيالأمريكي مرورًا بمحاولة البحث عن نمط جديد في العلاقة مع الاحتلال ، وبدلاً من أن تكون المفاوضات غير مباشرة معه ، ربما سنشهدمفاوضات مباشرة في قادم الأيام علي قاعدة إيجاد من يطرح نفسه البديل ولا غرابة في ذلك .

قبل ١٣ عاماً حدث الانقلاب الأسود في تاريخ الشعب الفلسطيني ومنذ ذلك الحين بدأ الحديث عن حوارات ومصالحات من أجل استعادةالوحدة الوطنية وإنهاء هذا الانقلاب الذي أرسي بضلاله علي الحالة الفلسطينية برمتها ، بل أساء وأضر بالقضية الفلسطينية ضرراً أشدقساوة من ضرر الاحتلال لفلسطين منذ عام ١٩٤٨ وحتي يومنا هذا ، حيث لم تستطع مكة ولا القاهرة ولا بيروت أو غزة ورام الله أو حتيالدوحة ولا كل العواصم من تطهير جرح الشعب الفلسطيني النازف نتيجة هذا الانقلاب اللعين، وبات الحديث عن المصالحة الفلسطينيةكالحديث عن وهم وسراب في بحر من النفاق والخداع والتضليل .

قبل عدة أشهر ومن علي منبر الأمم المتحدة أشهر الرئيس الفلسطيني محمود عباس إعلانه أمام العالم بالسعي لإجراء الانتخابات العامةفي فلسطين ، وبدأ حديث الشارع والفصائل والجماعات هو الانتخابات ، علها تكون مدخلاً حقيقياً لاستعادة الوحدة وإنهاء الانقلاب الدامي، حديث أعاد اشغال الرأي العام من جديد ، لتبدأ مرحلة جديدة وفصل جديد من الإشغال للمواطن الفلسطيني بعد فشل كل الجهود المبذولةلإتمام المصالحة الفلسطينية ، وبدأت مرحلة التداول والبحث والتقصي واستمزاج الآراء ، وانطلقت عجلة رئيس لجنة الانتخابات المركزية د. حنا ناصر تجول بين غزة ورام الله من أجل تذليل العقبات أمام هذه الانتخابات واقناع الجميع بضرورة اجرائها ضمن طروحات الرئيسعباس ، وبعد شد وجذب وافقت جميع الفصائل علي إجراء هذه الانتخابات وفق رؤية الرئيس الفلسطيني ، الذي يفترض أن يصدر مرسومهالخاص بها بعدما وافق الجميع عليها دون تلكؤ أو تسويف .

لكن يبدو أن الانتخابات بحد ذاتها ليست المعضلة ، وإنما عدم جهوزية البعض هي مشكلة والمشكلة الأخرى سلوك حركة حماس علي الأرضوهو أساس المشكلة ، فحماس التي يفترض أن تبرهن حسن نواياها تجاه الحالة الفلسطينية والدمار والخراب الذي لحق بشعبنا وقضيتنانتيجة هذا الانقلاب ، وبالرغم من موافقتها الصريحة علي اجراء الانتخابات ، إلا أن سلوكها علي الأرض يعكس غير ذلك ، خاصة فيما يتعلقبالإجراءات التي تنفذها والتي تتماهي مع الخطة الأمريكية للسلام وما يسمي بصفقة القرن ، والتي تقوم علي أساس فصل قطاع غزة عنالضفة الغربية ، والعمل علي إقامة دولة فلسطينية في القطاع .

وهنا لا بد من الاشارة ان ما سبق ذكره ليس من أجل اتهام حماس أو معاداتها بقدر ما هو حقائق موجودة علي الأرض تنفذها الحركة التيتحكم غزة، دون أي إجماع وطني أو شعبي تستند إليه ، ونذكر هنا كيف كانت حماس تهاجم السلطة وحركة فتح في أدائها وعلاقتها معالاحتلال بدءاً من المفاوضات والتنسيق الأمني مروراً بإنتهاك الحريات ومصادرة حقوق المواطنين وصولاً لفرض العقوبات وقطع رواتبالموظفين في غزة، لتسير حماس علي نفس النهج وربما بشكل أكثر قساوة ، فالمال القطري الذي يصل للحركة وعناصرها في غزة يمر عبربوابة جيش الدفاع الاسرائيلي ، تأمين الحدود مع الاحتلال ومنع أي مقاومة أو احتكاك معه تقوم به حماس ، في غزة لا يمكنك ان تغرد خارجسرب الحركة ، فلا حريات هنا ولا حقوق للمواطن غير أبناء حماس ، ما يسمي بالمستشفي الأمريكي المشبوه هو باتفاق مع حماس ، تركحركة الجهاد الإسلامي وحدها في مواجهة العدوان الاخير بعد اغتيال الشهيد بهاء ابو العطا هو بقرار من حماس التي تسعي لابرام اتفاقهدنة طويلة المدي مع الاحتلال الاسرائيلي من أجل تعزيز بسط نفوذها علي قطاع غزة المنهك والمثقل أهله بالخيبات ولا عزاء للمواطنين فيهاللذين أنهكتهم الجباية والضرائب وفرض الإتاوات ، حماس اليوم بدأت فعلياً تقدم نفسها بديلاً فلسطينيا عن منظمة التحرير ، وتحاول تهيئةكل الظروف والمناخات من أجل الوصول إلي ذلك ، ولن يوقفها أو يمنعها أي شيء ، وبالتالي إذا تحقق لها هذا الأمر، لن تمانع في أنتفاوض إسرائيل بشكل مباشر كجهة بديلة ومعترف بها من قبل إسرائيل وأمريكا والمجتمع الدولي ، وهنا الخشية و الكارثة الكبري ، التيستؤذي في نهاية المطاف لإنهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وتمرير الصفقة ، بإقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة ، وشكل من أشكالالحكم الذاتي في الضفة الغربية ، علي مرآي ومسمع العالم أجمع ومباركة وإسناد بعض العرب بشكل ذليل ومخزي .