التنزيل والترادف-1- بقلم:د.عزالدين أبو ميزر
تاريخ النشر : 2019-12-11
التنزيل والترادف-1- بقلم:د.عزالدين أبو ميزر


الدكتور عزالدين أبو ميزر
التّنزيل الحكيم
تمهيد....
سيجد القارىء أنّنا سنختصر في شرح بعض الكلمات، ونسهب في شرح البعض الآخر، وذلك حسب نظرتنا إليها، من حيث علاقتها بالناس، وعلاقة الناس بالله، وعلاقتهم ببعضهم، وبما يحيط بهم من أمم، وبما ينبني على فهمها من أحكام شرعيّة، وما يترتّب عليها من ثواب أو عقاب، او تقدم وارتقاء بالمجتمع، او تأخر وضياع.
علما أنّ التّنزيل الحكيم، لا حشو فيه ولا زيادة من غير ضرورة، فحتّى الحرف فيه، له معنى وهدف من وجوده في آية، وعدم وجوده في أخرى، لقوله تعالى: (وما فرّطنا في الكتاب من شيء) وقوله (وكل شيء أنزلناه بقدر).
والغاية الّتي من أجلها قمنا بهذا البحث، تبقى أمام أعيننا فلا نغفل عنها أبدا، وهي ذكر المعنى الخاصّ لكل كلمة والذي يميّزها عن مترادفاتها من الكلمات، أطال الشرح أم قصر. وذلك لتوخّي معرفة الفرق من جهة، وللصدق في نقل ما نعتقد' والله أعلم ' أنهُ الأقرب الى الحقيقة، إن لم يكنها بذاتها، ويبقى دائما وأبدا فوق كلّ ذي علم عليم، إلى أن تعود الكلمات لمن قالها وهو الأعلم بها سبحانه.
ونبدأ اليوم بكلمة ( آدم ) لأنّها أوّل كلمة أبجديّة في سلسلة كلمات التّنزيل الحكيم. ( آدم....إنسان....بشر )
آدم= أوّل مخلوق بشري أسجد الله له الملائكة (إنّي خالق بشرا من طين) (فإذا سوّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين).
إنسان= عندما أكمل خلق جسده، بخلق طاقته من العقل والعلم، ( وعلم آدم الأسماء كلّها)(لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم).
بشر= أوّل مخلوق حيواني عاقل مُنتصب القامة يمشي على قدمين،بشرته ظاهرة بلا غطاء من صوف أو شعر أو ريش، لتميّز مادّته من صلصال كالفخّار، (إنّي خالق بشرا من صلصال).
خلق الله آدم بيديه، وأسجد له ملائكته، وأسكنه جنّته، وخلق له زوجه( خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء). واصطفاه وكرّم ذرّيّته، (ولقد كرّمنا بني آدم)،
ثمّ ( وعصى آدم ربّه ).
بعد أن أعطاهما الأمن والأمان في الجنة والحريّة الكاملة، وحذّرهما من عدوّهما الشيطان أن يزلّهما، وألا يأكلا من الشجرة.
بعد ذلك (فازلّهما الشيطان عنها)( قلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو).
ولا تزال سنّة الله قائمة لم تتغيّر ،أنزلهما للأرض عقابا، وبقي العدوّ هو العدوّ وعدم العصيان قائما للعودة الى الجنّة والعقاب ليس النزول لأرض أخرى وإنما لشيء آخر سمّاه جهنّم.
"التّنزيل والترادف"
لا زلنا في حرف الألف والهمزة....
(أب..و..والد)(امّ..و..والدة)
الوالديّة= هي قدرة الله في خلق قانون الانجاب فينا...غريزة حفظ النوع. والوالدية منضبطة ومتساوية في جميع الخلق،مؤمنين وغير مؤمنين،عربا أم عجما ومن أيّ لون.
(الوالد) = هو سبب وجود الولد بعلاقته الجنسيّة مع الوالدة، بأيّ شكل وأيّ وسيلة، طبيعيّة، أم ميكانيكيّة علميّة.
(واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده شيئا).
(الوالدة)= هي التي تلد الولد ، ذكرا كان أم أنثى، ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) و لا تضارّ والدة بولدها ولا مولود له بولده)
(الأب)= هو سبب نشوء وظهور الولد واصلاحه وتغذيته، وإذا قام الوالد على تربية ولده ورعايته، فله الحقّ أن يحمل اسم الأب.
(قال أبوهم إنّي لأجد ريح يوسف).
(الأم)= إذا قامت الوالدة على تربية ورعاية ولدها فلها أيضا الحق بأن تحمل أسم الأم.
و (الأبوان)=كلمة تطلق على الأب والأمّ.
(ألأبوّة والأمومة) = هي مسئولية التربية والرّعاية والقيام على شئون الولد وهي غير منضبطة، وغير متساوية أيّ( مقيّدة )،
فهي تختلف من أب لأب آخر ومن أمّ لأمّ أخرى، وهي مسئوليّة نسبيّة في نجاحها وعدم نجاحها.
أما مجازا فقد سمّى الله تعالى النّبيّ أبا المؤمنين ولهذا قال: (النّبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمّهاتهم) فجعل حرمته كحرمة الوالد على الولد، وحرمة نسائه كحرمة الوالدات (بخصوصيّة). وأيضا مجازا( نعبد إلهك وإله آبائك) وتطلق كلمة الأب على المعلم ( وجدنا آباءنا على أمّة).( ربّنا إنّا أطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلّونا السّبيلا)
أمّا آية ما كان محمّد أبا أحد من رجالكم)، إنّما هو تنبيه أنّ التّبنّي لا يجري مجرى البُنوّة الحقيقية.وعلى المجاز ابو الأضياف، أمّ القرى، أمّ الرّأس. الخ..من المجازات وهي كثيرة...........................
و.......(أما من ناحية شرعيّة)= فقد قال الله تعالى: (وبالوالدين إحسانا) ، حتّى لو كانا سيّئين ، مؤمنين أو غير مؤمنين، فلا عذر في ذلك أبدا.
ولو فرضنا جدلا أنّ الله قال، (وهو لم يقل)، وبالأبوين إحسانا، لجَعَلَنَا في تساؤل منطقيّ وسؤال حقّ: كم هي نسبة الأبوّة؟ ومدى نجاحها؟ ليكون البرّ منّا على أساسها وبحسبها، ولكنه جعلها للوالدين بغير قياس ولا حساب، جل جلاله.
والله تعالى أقسم بالوالديّة ولم يقسم بالأبوّة في قوله : (ووالد وما ولد)، فأقسم بقدرته في خلق قانون الأنجاب.
وقال: (وبرّا بوالدتي ولم يجعلني جبّارا شقيّا) على لسان عيسى عليه السلام لأنّه لا أب له. وجاء في آية أخرى قوله تعالى: ،(وأمّه صدّيقة) في وصف السيدة مريم عليها السلام لأنها أحسنت تربية عيسى عليه السلام، وكانت رائعة ومتفانية في تربيته، فجاء بكلمة (أم) للدلالة على ذلك.
وعلى لسان إبراهيم الخليل قال: (قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنّك واهجرني مليّا* قال سلام عليك سأستغفر لك ربّي إنّه كان بي حفيّا).
وبر الإنسان بوالديه على حدّ سواء أمرنا الله تعالى به. ولم يحدّد سقفا لهذا البّر.