في ذكرى الانتفاضة.. النظام السياسي الفلسطيني إلي أين؟ بقلم: د.هشام عبد الرحمن
تاريخ النشر : 2019-12-11
في ذكرى الانتفاضة المباركة _ انتفاضة الحجارة لابد لنا ان نقف مع أنفسنا , وقفة جادة وصريحة , لمراجعة جادة لكل مايحدث على صعيد المشهد الفلسطيني الممزق, هده الذكرى
وهده الانتفاضة التي أربكت الاحتلال , وحطمت أسطورة العدو الذي لا يقهر إلي الأبد ,
بوحدة الشعب كل الشعب على أرض المعركة والمواجهه , وبالحجر ذلك السلاح الذى اعاد اسم فلسطين الي كل العناوين الرئيسية في كافة الفضائيات والصحف اليومية المحلية والعربية والعالمية , ولاول مرة في التاريخ كل أحداث في فلسطين تنقل واقع جديد للعالم لم يكن يعرفه , لأن العالم كان يري ما تراه إسرائيل ويصدق دوما أن دولة الاحتلال مظلومة ومحاصرة في الشرق الأوسط , في الحقيقة تغير كل هذا , الفلسطيني البسيط يرسم خارطة جديدة بحجرة المبارك وبدأت القيادات الإسرائيلية ووسائل اعلامها المسموم عاجزة تماما أمام السيل الهادر من المتظاهرين الذين يتلقون بصدورهم العارية رصاص الاحتلال الغاشم على مرأى من العالم أجمع , ما يدعونا إلى محاولة استخلاص الدروس والعبر من تجربة الأعوام الماضية، إذ لا يكفي أن نتغنى ببطولات وتضحيات الانتفاضة رغم أهمية ذلك لشحن الروح المعنوية لدي ابناء شعبنا , ولكن المشهد كما قلنا ممزق والفصائل والقيادات اما عاجزة او منخرطة في مخططات التسوية القادمة , لذا فإن المراجعة تستوجب ممارسة النقد الصارم بدءا من القراءة الدقيقة للمتغيرات بأبعادها المختلفة وفي المقدمة منها الحالة الدولية او العربية , فالوضع الدولي مر بأحداث كبيرة مرت ما بين دعوة الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب إلى « إقامة نظام دولي جديد» في أعقاب حرب الخليج الثانية سنة 1992 وبين الحديث الحالي والنقاش والأطروحات القائمة حول انهيار هذا النظام وإعادة بنائه, بل وربما يُعاد رسم حدود العديد من البلدان المجاورة بالقوة. ومن المؤكد أن الكارثة الإنسانية الهائلة بالفعل تتفاقم” وكما نعلم ستظل المنطقة العربية كما كانت منذ فجر التاريخ، مصدرًا للانعطافات الكبرى في تاريخ البشرية برمتها. لذا فإن أي فعل بحجم الثورات العربية ستكون له ارتداداته الطاحنة عاجلا أم آجلًا، هنا في المنطقة وفي أي مكان آخر في العالم. بل سيكون من العبث النظر إليها بمعزل عما يجري في العالم, وكما نعلم فان الوضع العربي مابعد الربيع المزعوم وما شهده من انتفاضات اسقطت بعض الانظمة المستبدة تتجه في مسار " مشروع الشرق الاوسط الكبير , وهي مؤامرة كبرى غايتها انتاج ثقافة جديدة في السياسة والنظم الاقتصادية والتعليمية والثقافية تسعى امريكا لتثبيتها عبر ما سمي بثورات الربيع العربي التي احتضنتها ومولتها بشكل خفي حتى بدات خيوط المؤامرة تتضح واللمسات الغربية الامريكية الخبيثة تظهر على السطح ..
إن إستعادة المشهد الملحمي للإنتفاضة ، في يومنا هذا، يكتسي أهميته من زاوية القناعة
بضرورة المراجعة السياسية النقدية لأوضاع النظام السياسي الفلسطيني، بمختلف تجلياته، عبر سلسلة من المحطات المتتابعة التي تؤكد، من ضمن ما تؤكده، ضرورة تحويل هده المراجعة النقدية للحالة الفلسطينية إلى عمل وطني جماعي، تشارك فيه القوى الفلسطينية كافة، وربما قوى من خارج الدائرة الفلسطينية، بعدما وصلت الأمور إلى مرحلة لم يعد فيها بالإمكان الحديث عن رابح وخاسر في معمعة الخلافات الداخلية الدائرة رحاها بلا توقف. مثل هذه الخلافات والإنقسامات تعيق إخراج الحالة الفلسطينية من أزماتها المركبة والمقعدة , مطلوب فلسطينياً الخروج من عنق الزجاجة والتخلي عن المصالح الحزبية والشخصية الفئوية الي المصالح الوطنية والجمعية للشعب الفلسطيني , فصفحة الانقسام البغيضة يجب ان تطوى لنخرج من كل الازمات العالقة بالمؤسسات الوطنية , مع ضرورة إطلاق عملية تطوير للبنى الثقافية ترقى بالوعي وتوسع مداركه، من خلال تبني سياسات جديدة وبديلة، في الحقل السياسي البحت وفي المضمار الإقتصادي والإجتماعي، كما وفي مجال البناء التنظيمي لأطر التعبئة والحشد للكفاح الوطني لمواجهة مؤامرات العار التي تستهدف قضيتنا بل وكينونتنا الوطنية ,
الانتفاضة وذكراها تستوجب ان يتنازل الكل عن امتيازاته وقناعاته الضيقة والعمل بكل ما امكن لتحقيق وحدة شعبنا وقواه الحيه , من خلال الدعوة لحوار وطني شامل على قاعدة عدم الاقصاء او الاستثناء لاى مكون او نخبه اكاديمية او قيادية حزبية ,هذا الحوار بات أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، وقد لا تكون هذه المرة الأولى والأخيرة لمناقشة هذا الموضوع من كافة اتجاهات الطيف السياسي الفلسطيني بهدف الانتقال من محاولة الدفاع بإحباط المخطط الأمريكي – الإسرائيلي إلى مرحلة الهجوم لفرض ما نريد كشعب فلسطيني مناضل ومقاوم ، وهو إزالة الاحتلال والاستيطان وعودة اللاجئين وتجسيد الدولة المستقلة وعاصمتها القدس العربية.
نحن اليوم واكثر من اي وقت مضى بحاجة لانتفاضة حقيقية (انتفاضة وعي – انتفاضة فعل ثوري ) تعيد ترتيب الاوضاع في حال تعثروصول اطراف النزاع القائم حالياً لاتفاق يعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية بكل مكوناتها.