أنا وهو!!بقلم: محمود حسونة
تاريخ النشر : 2019-12-11
أنا وهو!!بقلم: محمود حسونة


1- أنا وهو!!
في هذه الساعة المتأخرة، في هذا الليل، على هذا الرصيف ومع رائحة البحر تأتيك أصوات من رغبات غامضة كأنك تقاسي مرضا!! كأن تلامس بيدك سقف السماء!! أو تمشي فوق الماء!! أو تقطع البحر نصفين!! أو تجعل القمر يقترب أكثر!!
تهرب من داخلك لتراقب البحر فترى بريقا تكرهه!! بريقا صلدا معدنيا يلتمع متكسرا كانهيار متتالي تراه أمامك وتسمعه كأزيز ذبابة يدوي في رأسك!!
وفجأة وكأنّ شخصا آخر نبهني وجعلني أحرّك يدي وأهشُّ بها عن وجهي كأني أطرد تلك الذبابة!!
من هذا الآخر الذي نبهني؟!
هو من جعل القصة مختصرة جدا في لحظات بين غفلة ويقظة فيها الرؤية والشعور والذكرى والنسيان والرغبة والاغتراب وأنا وهو!!

2- نسيت أن أنسى!!
كان قد حدث قصف في هذا المكان!! وجئت أنا لهنا مسرعا لشيء تذكرته…
سأحاول ترتيب الركام في مخيلتي!! فأتذكر بيتا كان هنا، و في كل مرة أستبعد من أمامه سيارة إسعافٍ تعوي…
يا إلهي، نسيت أن أتذكر طفلة كانت تطل من بابه تهديني كل مساء عرق ياسمين وابتسامة!!
في المرة الأخيرة قالت لي كلاما لم أفهمه كأنه حلم…
وطلبت مني أن أفسّره!! وصار كأنه سر في الحكاية!!
فعلت كثيرا لأبدد الخوف من حلمها في ليلة قصف قاسية… وفي اللحظة الأخيرة، نهضت من مكاني لأنقذها، لكني نسيت أنها بعيدة!!
لو تنتظرني مرة أخيرة؛ سأهديها شيئا تذكرته!! سأهديها سرب حمام يمرُّ كل يوم فوق مثواها ويطرح السلام!!
وبقيت أتساءل: هل كنت فاقدا الوعي؟! أو لعلّني كنت أحلم في منام؟!

3- يسافر بطريق أخرى!!
المطر الدافئ ينهمر على السهول ويغرق الأودية…
والرعد موال يصرخ… الغابة المتوحشة تنتعش والفتنة الكبرى!!
مدَّ يده وأخذ يمسح بإصبعه متمهلاً ضبابَ الزجاح الكثيف ... ثم توقف فجأة وتراجع للخلف!!
لا يريده مجزئا وبطيئا!! فثمة أشياء لا تقبل التجزئة!!
كان يريد أن يقتحم الضباب فيمسحه بكفٍ عنيفة وسريعة
فيرى رعب الجمال دفعة واحدة كالاصطدام...
كان يريده مباغتا كوثبة الافتراس!!
في لحظة لزجة كصرخة… كانفجار جنونٍ يُشظّي الفراغ والصمت وكفه العنيفة…
كان يريد الإحساس بجمال الكنز غير مجزأ!!
الرعد موال مازال يصرخ!!
بقلم محمود حسونة (أبو فيصل)