صراع المراهقة بقلم:نبيل خليل الكويتي
تاريخ النشر : 2019-12-10
في المراهقة .. والتربية .. كيف تحكمون؟!

جلس احمد في احد مقاعد صالة الانتظار في مطار جدة ينتظر وصول ابنه العائد من احدى الدول الاوروبية بعد اكمال دراسته الجامعية.. حمل كوب الشاي ليرتشف منه ثم اعاده الى الطاولة.. لمح شاباً ملامحه وسحنته قريبة من ابنه.. اخذ ينظر اليه دون ان يلحظ الشاب ثم اخذ شريط ذكرياته يحلق بعيداً نحو الماضي.. تذكر ابنه ايمن وهو يدرس في المرحلة الثانوية وكان عمره حينذاك السادسة عشرة تقريباً في احدى الليالي حضر ابنه ايمن في ساعة متأخرة من الليل.. فتحت الباب بشدة لاسأله اين كنت.. تلعثم ثم اخذ يختلق قصة من صنع خياله ليبرر تأخره في سهره مع اصدقائه.. لحظتها صرخت في وجهه قائلاً انت تكذب.. بل وصفعته على وجهه وحين هممت لتكرار الصفعة امسك بيدي بكل قوته. صعقت لهذا التصرف ورمقته بنظرة غاضبة ثم هرول سريعاً نحو غرفته واقفل الباب ثم اخذ يحطم اثاث غرفته بطريقة هستيرية.. اخذت اقرع باب الغرفة وانا ازمجر واحوقل.. حينها لم يفتح الباب.. وحين اخذت اركل باب الغرفة بقدمي.. فتح الباب وهو ينتحب من البكاء والدماء تسيل من يده.. كدت لحظتها ورغم تصرفه الاهوج ان احضنه بل كادت الدموع تسيل من عيني.. لكن خوفاً يرى لحظة ضعفي نحوه.. ودخلت غرفتي وتركت امه معه.. حضنته امه رغم غضبها منه واخذ يجهش على صدرها من البكاء واخذ يردد لماذا يضربني.. انا لست طفلاً.. انتبهت امه لدمائه ثم ذهبت لتحضر له العلاج اللازم من صيدلية المنزل.. في تلك اللحظات واثناء سماع حديثهما أحسست بان الامر قد اسقط من يدي ولم اعد ادرك كيف اتعامل معه.. لا افهمه واخذت اردد مع نفسي ماذا حصل.. ما الذي غير ايمن.. لقد تحول فجأة من ذلك الطفل الوديع المتفوق في دراسته الهادئ في طباعه المحب لي انا بالذات..

الى ذلك الشاب المتمرد العنيد الذي لا يهتم بدراسته.. لا بد من دراسة هذه المرحلة من عمره.. ومعرفة الطرق التي يمكن التعامل بها معه.. اتصلت بدكتور امراض نفسية وراجعته في عيادته.. شرح لي هذه المرحلة الجديدة من عمره.. بين لي ان هذه المرحلة من المراهقة هي مرحلة المراهقة الوسطى وهي مرحلة اكتمال التغيرات البيولوجية ويتدرج فيها المراهق نحو النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي.. واوضح لي ان من اشكال المراهقة ،المراهقة العدوانية ويتسم سلوك المراهق فيها بالعدوان على نفسه وعلى غيره من الناس والاشياء. وهذا الشكل ينطبق على ابنك.. ثم سألته وما الحل.. فاجاب الحل انت تقرره حين تعلم سمات هذه المرحلة. ان الصراع لدى المراهق ينشأ من التغيرات المختلفة ففي الجسدية يشعر بنمو سريع في اعضاء جسده قد يسبب له قلقا وارباكا وينتج عن ذلك خمول وكسل وتراخ ومهارة حركة غير دقيقة مما يؤدي الى ضعفه في الدراسة والنوم وغيره.. وقد تعتريه حالات من اليأس والحزن لا يعرف لها سبباً. ونفسياً يبدا بالتحرر من سلطة الوالدين ليشعر بالاستقلالية والاعتماد على النفس وبناء المسؤولية الاجتماعية وهو في الوقت نفسه لا يستطيع البعد عن الوالدين لانهما مصدر الامن والطمأنينة ومنبع الجانب المادي. وهذا التعارض بين الحاجة والاستقلال وعدم فهم الاهل لطبيعة المرحلة وكيفية التعامل مع سلوكيات المراهق كل ذلك يؤدي الى خلخلة التوازن النفسي للمراهق ويزيد من حدة المرحلة والمشكلة.
اخبرني انه قد يرتفع صوته اثناء النقاش وهو لا يعني ذلك.. انما التغيرات البيولوجية التي حدثت له جعلته ليس لديه قدرة بالتحكم بنبرات صوته.. عشْ قليلاً داخل عالمه لتستوعب مشاكله ومعاناته ورغباته. غيرها من النصائح التي غيرت تعاملي معه.. وعاد لي ايمن واصبحنا صديقين تغار امه من صداقتنا.. ثم انفرجت اساريره وصحا من ذكرياته ثم هم للذهاب نحو مدخل صالة القدوم الخارجي واستقبل ايمن بعد عودته منتصراً بانهاء دراسته الجامعية فاخذ يحضنه ويحضنه.