الومضة السوداء عند سمير التميمي بقلم: رائد الحواري
تاريخ النشر : 2019-12-10
الومضة السوداء عند  سمير التميمي  بقلم: رائد الحواري


الومضة السوداء عند
سمير التميمي
" ندورُ
في دائرةٍ مغلقةْ
تضيقُ
تضيقُ علينا
كما المشنقةْ
فكيفَ النجاةُ أيا موطني
من دائرةٍ
مُغلقةْ
ومن مشنقةْ؟"
السواد يعم القصيدة من خلال الألفاظ التي تكرر بعضها : "ندور، دائرة، مغلقة، تضيق، المشنقة" والقصيدة مكونة من مقطعين، المقطع الأول:
"ندورُ
في دائرةٍ مغلقةْ
تضيقُ
تضيقُ علينا
كما المشنقةْ" الذي يحدثنا عن فعل نقوم به الآن، أما المقطع الثاني:
"فكيفَ النجاةُ أيا موطني
من دائرةٍ
مُغلقةْ
ومن مشنقةْ؟"
يثير سؤال النجاة، يبدو وكأن القصيدة تحاصرنا، فنحن من يدور وتضيق عليه الدائرة المغلقة، لكن، هل يمكن للشاعر أن يكون بهذا السواد؟ وأن يضعنا نحن قراءه بهذا الوضع الصعب؟، بالتأكيد سيكون الجواب: لا، إذن: أين المخرج من الدائرة، أين المخففات التي أوجدها الشاعر؟، وأين النجاة/الفرح في الومضة غارقة بالسواد؟، فالقصيدة لا يوجد فيها إلا لفظ أبيض واحد "موطني"؟، وقد بدأت بفعل قاسي "ندور" وختمت ب"المشنقة!.
الشاعر الذكي الذي يخفف قدر المستطاع على المتلقي، الذي يقدم فكرة سوداء بأقل الأضرار، وإذا ما توقفنا عند الومضة سنجدها قصيرة جدا، وإذا ما حذفنا الألفاظ المكررة، ستكون أقصر، وهذا هو (التخفيف) الذي استخدمه الشاعر "سمير التميمي" في الومضة، فلم يرهقنا بطول السواد، ولم يزعجنا باستخدام ألفاظ سوداء كثيرة، بل ابقاءها محصورة في خمسة ألفاظ فقط "ندور، دائرة، مغلقة، تطيق، المشنقة" أليس هذا الاقتصاد بالألفاظ يحسب للشاعر، الذي قدم سواد بأقل الأضرار، حتى أن القارئ ما أن يترك الومضة، فلن يبقى عالقا في ذهنه إلا هذا العدد/الكم القليل من الألفاظ السوداء.
الومضة منشورة على صفحة الشاعر