حكاية اللاجئون الفلسطينيون مع الأرقام بقلم: عماد عفانة
تاريخ النشر : 2019-12-10
حكاية اللاجئون الفلسطينيون مع الأرقام  بقلم: عماد عفانة


حكاية اللاجئون الفلسطينيون مع الأرقام

كتب: عماد عفانة

في ظل هجمة قوية تُمارس ضد اللاجئين الفلسطينيين من قبل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومحاولاته تصفية قضيتهم عبر ما يسمى "صفقة القرن"، آثار حديث رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة تيجاني محمد بندي، بأن 43% فقط من أبناء الشعب الفلسطيني لاجئون، الريبة والشك، لأنه لم يشر إلى الرقم الحقيقي للفلسطينيين وأغفل وجود 18% تقريبا من اللاجئين الفلسطينيين في باقي دول العالم.

لا تنفك القضية الفلسطينية عن قضية اللاجئين الفلسطينيين في كل دول الشتات، حيث تعد هذه القضية أحد أبرز الثوابت الفلسطينية التي يرفض الفلسطينيون التنازل عن حقهم فيها، أو المساس بها، خاصة مع المحاولات الأمريكية الأخيرة للتخلص منها وإنهائها.

بسهولة يمكن ربط تصريحات رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة محمد بندي، مع رؤية سابقة لترامب، حول نيته تحديد عدد اللاجئين الفلسطينيين بما يقارب نصف مليون فقط، أي حوالي عُشر الرقم المسجل في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".

 لا نعرف بعد على وجه التحديد السبب الذي دعا بندي لإغفال 18% من اللاجئين، هل سقط سهوا أم تعمد ذلك ليتماشى مع الرؤية الأمريكية الإسرائيلية الهادفة لإلغاء صفة اللاجئ عن عدد كبير من الشعب الفلسطيني!

لكن التوقيت الذي قيل فيه هذا الكلام وخلال احتفال الأمم المتحدة السنوي باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، يمكن أن يحمل دلالات وأبعاد سياسية مقصودة، تتماشى واهداف "صفقة القرن" الأمريكية التي تهدف فيما تهدف تصفية حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

إذا كانت النسبة التي ذكرها بندي، يقصد فيها المسجلين لدى "الأونروا" فقط، فانه وكممثل أممي لا يمكن أن يقبل منه تجاهل 8 مليون لاجئ فلسطين آخر حول العالم، منهم نصف مليون لاجئ في الأراضي المحتلة عام 1948، وأعداد أخرى في مصر والعراق وهم غير مسجلين في سجلات الأونروا، وآخرون من فاقدي الأوراق الثبوتية.

لكن آخرون فسروا هذا التلاعب بالأرقام مساً في عمل "الأونروا" الأساسي، لأنه يوحي بأن عدد اللاجئين يمثل أقلية بالنسبة لمجموع الشعب الفلسطيني.

 علما أن احصائيات مستقلة موثقة تفيد بأن العدد الإجمالي للفلسطينيين في الداخل والخارج وصل إلى 15 مليون، منهم 10.5 مليون لاجئون، أي أكثر من 60% من الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.

فهل تعرف الأمم المتحدة من هو اللاجئ الفلسطيني بالتحديد، ففي حين تزعم (إسرائيل) والأمم المتحدة، أن اللاجئين هم الذين خرجوا من أراضيهم المحتلة عام 1948 فقط، فماذا عن ملايين اللاجئين الذي طردوا من ديارهم بعد 1948 وبعد حرب 1967.

إن "إسرائيل" واعوانها الذين يثيرون معركة الأرقام حول أعداد اللاجئين الفلسطينيين يريدون تجريد هذه القضية من بعدها الإنساني، فاللاجئون ليسوا مجرد ارقام، إنهم قصص وحكايات، أنهم مآسي حية وذكريات، إنهم تجسيد حرفي للحلم العالق في فضاء الرجاء بالعودة، إنهم بيوت هدمت، ومزارع نهبت، وأراضي اغتصبت، واحلام انتهكت، وإنسانية وئدت، ومقدسات دنست، وحياة صودرت.