ملاحظات على رسالة حماس بقلم:عمر حلمي الغول
تاريخ النشر : 2019-12-02
ملاحظات على رسالة حماس بقلم:عمر حلمي الغول


نبض الحياة 

ملاحظات على رسالة حماس

عمر حلمي الغول 

أرسلت أخيراً حركة حماس رسالة يوم الثلاثاء الموافق 26 تشرين ثاني/ نوفمبر الماضي (2019) مع رئيس لجنة الإنتخابات المركزية، د. حنا ناصر، وإتسم الطابع العام للرسالة بالموافقة على إجراء إنتخابات متدرجة برلمانية ثم رئاسية من خلال إصدار مرسوم رئاسي واحد. غير ان الرسالة شابتها متطلبات تحمل في ثناياها عقبات، وخاصة  في النقاط الواردة تحت سادسا، أولاعادت لطرح لقاء بيروت التحضيري (التشاوري) يناير 2017، وكأن ما دار فيه بمثابة وثيقة وسند قانوني سياسي، مع انه لم يحمل هذا الطابع وفق المعطيات الرسمية الفلسطينية؛ ثانيا إثارتها موضوع حقوق نواب المجلس التشريعي، والمقصود هنا نواب كتلة التغيير والإصلاح التابعة لها. وهذا الموضوع يفترض ان يعالج بعد إجراء الإنتخابات لا قبلها. لإن الإصرار عليه يشي بمحاولة وضع العصي في دواليب الموافقة على إجراء الإنتخابات؛ ثالثا عدم الألتزام بالمحكمة الدستورية، أو اية محكمة شرعية، والمطالبة بتشكيل محكمة جديدة، وهو يمثل طعنا بأهلية المحكمة الدستورية، ونزوعا نحو منطق المحاصصة في تشكيل الهيئات القضائية، وهو نزوع ليس جديدا، إنما هو خيار قيادة حماس؛ رابعا رغم انها اوردت في نهاية رسالتها إعترافها وإقرارها بإتفاقي المصالحة 2011 و2017، غير انها لم توضح إلتزامها ببرنامج منظمة التحرير، الذي تضمنته مقدمة إتفاق 2017؛ خامسا لم تشر إلى ما هية النقاط، التي تلتزم بها من الإتفاقين المذكورين، هل تلتزم بهما كما جاء نصهما جملة وتفصيلا، أم إلتزام إنتقائي، ويحتاج إلى مداولات جديدة بشأنهما؟ وهل ستقبل بنتائج الإنتخابات، أم لا؟  

من المؤكد من حق كل فصيل ان يدون ما يراه مناسبا من وجهة نظره، وأن يدافع عن حقوق اعضاءه وانصاره. لكن طالما هناك رغبة بإجراء الأنتخابات المتدحرجة التشريعية ثم الرئاسية والمجلس الوطني، فإن الضرورة تملي منح فرصة إجراء الأنتخابات حقها في الترجمة على الأرض، والدفع بالعملية الديمقراطية قدما للأمام. دون ان يعني ذلك عدم الوضوح في المسائل ذات الإهتمام المشترك، والتي تخدم وحدة الشعب والقضية والنظام السياسي. وتأجيل القضايا الخلافية المرتبطة بإفرازات الإنتخابات. 

من المؤكد ان أولويات الفصائل والقوى والأحزاب السياسية ستحسمها العملية الديمقراطية، وصناديق الإقتراع. لإنه في اعقاب النتائج يفترض ان يجلس الجميع القيادات السياسية وأعضاء البرلمان لمناقشة القضايا المثارة، وحالة النظام السياسي الفلسطيني برمته، وبحث كل القوانين،التي تم إقرارها بمراسيم رئاسية  بعد إنقلاب حركة حماس على الشرعية الوطنية اواسط 2007، اي خلال ال12 عاما الماضية للبت بها بعد مراجعتها، والتدقيق فيها، وتعديلها، أو إلغاء بعضها ... إلخ.

مع ذلك يمكن ايضا تسجيل العديد من الملاحظات ذات الصلة بالإنتخابات، والتي تعيق ترميم الجسور بين جناحي الوطن، فمن الملاحظ، ان حركة حماس مازالت تلعب لعبة الإستغماية مع حركة فتح وقيادة منظمة التحرير عموما وشخص الرئيس محمود عباس خصوصا، ومنها: أولا المضي قدما في حملات الإعتقالات لكوادر وقيادات حركة فتح؛ ثانيا رفضها منح تنظيم حركة فتح وفصائل العمل الوطني الإحتفاء بالمناسبات التنظيمية والوطنية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، منع فتح من إحياء ذكرى رحيل الرمز القائد والمؤسس ياسر عرفات دون اي مسوغ سياسي أو قانوني أو تنظيمي، سوى التأكيد على ان خيار الإمارة الحمساوي، هو الخيار السائد والرئيس عند قادة حركة حماس؛ ثانيا مواصلة سياسة التحريض والتخوين حتى اللحظة لقيادة السلطة الوطنية عموما وشخص الرئيس ابو مازن خصوصا. ليس هذا فحسب، بل ودفع كوادرها ومحازبيها وانصارها لإفتعال معارك وهمية في الضفة الفلسطينية، ومحاولة تشويه صورة أجهزة الأمن الفلسطينية من خلال حملة مغرضة ومرسومة جيدا للتأثير على المناخ الإيجابي المطلوب لإجراء الإنتخابات؛ رابعا المضي قدما في موضوع التهدئة بشكل مخالف للإصول الوطنية، ودون التنسيق والعودة لقيادة الشرعية الوطنية؛ ثالثا الإصرار على إقامة المستشفى الأميركي بالإتفاق مع إسرائيل وأميركا وعرابوا الإتفاق الباهت والمذل. والإدعاء أن الموافقة على إقامته تم بالإتفاق مع فصائل العمل الوطني، وجميعها بإستثناء حركة الجهاد الإسلامي نفضت يدها، ونفت ان تكون جزءا من تفاهماتها مع دولة الإستعمار الإسرائيلية ورعاة الهدنة المذلة. ومع ان المستشفى بمثابة وكر للمخابرات الأميركية الإسرائيلية، ومركز لتجارة الأعضاء البشرية، وهو جزء اساس من صفقة القرن الأميركية. ولا يخدم المواطنين الفلسطينيين، بقدر ما هو مركز لتعريض حياتهم للخطر المنهجي ... إلخ من الممارسات والإنتهاكات المعطلة لترطيب الأجواء الإيجابية في الساحة الفلسطينية. 

النتيجة ان حركة حماس، سعت من خلال إرسالها رسالتها المذكورة ان تقول الشيء ونقيضه، حتى تعفي نفسها امام الشارع والعرب والعالم من المسؤولية عما يمكن ان ينتج عن عقباتها وإرباكاتها الجلية، ولتشير من جهة، انها مع الإنتخابات، ومن جهة ثانية تعمل على تعطليها دون ان تعلن عن ذلك، مع ان سلوكياتها، والألغام، التي تضعها تشير إلى انها تحاول تحميل القيادة الفلسطينية الشرعية المسؤولية عن اي تداعيات لسياساتها هي. ولا اريد ان اتحدث عما خلف مواقفها، واترك للإيام القادمة أن توضح الحقائق أكثر. واتمنى ان أكون مخطئا، وأن تكون حركة حماس جادة وصادقة في إجراء الأنتخابات. وأن تتخلى عن كل ذرائعها التعطيلية. 

[email protected]

[email protected]