النظام الأسري استجابة للتحديات وتحقيق الاستقرار والتوازن بقلم: د. ثورة انجاص
تاريخ النشر : 2019-12-02
النظام الأسري استجابة للتحديات وتحقيق الاستقرار والتوازن
بقلم: د. ثورة انجاص

يرى Kenneth أنه على الرغم من أن الزواج والحياة العائلية هي أكثر المواضيع عرضة للانتقاد، إلا أنها ستبقى أفضل طريقة لحياة معظم الناس، وستبقى الأسرة مؤسسة لا بد وأن تتكيف وتتلاءم مع التغيرات الموجودة في المؤسسات الأخرى.

أما Duval فقد تحدث عن تطور النظام الأسري الذي يبدأ بالزواج وهو مرحلة التأسيس على التأقلم للحمل والتهيؤ للأمومة والأبوة، ثم مرحلة تنشئة الطفل والتكيف مع الوضع، يليها عمر ما قبل المدرسة ويصاحبها التكيف للحاجات واهتمامات ما قبل المدرسة مع مراعاة خصوصية الزوجين، ثم مرحلة عمر المدرسة وتطوير مهارات تدريس وتشجيع الطفل على الدراسة والتحصيل، بعدها تأتي مرحلة المراهقة وهنا لا بد من موازنة الحرية مع المسؤولية، ثم مرحلة العمل والاختبار المهني، ومرحلة الاباء في منتصف العمر. وهنا لا بد من إعادة بناء العلاقة الزوجية واستمرارية التواصل مع الكبار، والمرحلة الأخيرة هي كبر السن ويصاحبها التهيؤ للتقاعد وعيش الزوجين لوحدهم والتكيف مع الشيخوخة والجيل الأصغر.

نجد أن الأسرة خلال دورة حياتها تواجه تحديات تتمثل في حالة التوتر بسبب الانتقال من مرحلة إلى أخرى والتطور، وما يرافقها من تغيرات وضغوطات وتفاعلات يتخللها الأوقات الجيدة وأخرى الصعبة التي قد تظهر على شكل الخلافات الزوجية، والصراعات العائلية نتيجة الفروقات السيكولوجية والاجتماعية والثقافية بين الزوجين، وبينهما مع الأبناء كمراحل عمرية مختلفة.

وهنا لا بد أن تتعايش الأسرة وتبحث عن استقرارها من خلال اتخاذ شكل للبناء الأسري تقوم فيه بتنظيم شؤون العائلة وتوزيع الأدوار والمسؤوليات تمكن الزوجين من التعامل مع الاختلافات والخلافات من خلال التكيف والتعديل والتقبل، وتكامل الأدوار بينهما ثم مع الأبناء، وإشراكهم في المسؤولية واستقرار العائلة في جو من المحبة والاحترام والتعاون.

وحتى تتمكن الأسرة من تحقيق ذلك يجب أن تكون مستعدة للاستجابة للتحديات والتغيرات فتعمل على إشباع الحاجات الفيزيولوجية والنفسية، وغرس القيم والمبادئ والمعايير الإنسانية والاجتماعية التي تتبناها، وكذلك العادات السلوكية والمخزون الثقافي والفكري، وتنمية سلوكيات الأبناء وضبطها من خلال الأساليب الوالدية والتنشئة الأسرية السليمة نفسيا وتربويا، وتنظيم العلاقات الأسرية الداخلية بين الزوجين، وبينهما مع الأبناء، ثم المحافظة على الحدود الخارجية للأسرة من خلال تنظيم علاقاتها مع الآخرين والمحيط ووضع القوانين والمعايير التي تضمن استقرار الأسرة وراحتها وفاعليتها الداخلية والخارجية.

ولا يمكن للأسرة تحقيق ذلك دون العمل على تطوير مهارات أفرادها في التواصل الفعال والتفاعلات الأسرية والاجتماعية. فسلوك أي فرد في الأسرة يتأثر ويؤثر على سلوكيات الآخرين فيها ومع الاخرين، وعلى التوازن الأسري.

لذلك يجب على الأسرة أن تضع لنفسها حدودا واضحة ومرنة بحيث تحفظ لها هوية مستقلة في ظل مرونة الحدود والتعاون بين أفرادها ومع الاخرين سواءا الأسرة الممتدة أو العائلات الأخرى والعلاقات الاجتماعية. كذلك الاهتمام بالحوار والنقاش والثقة والتشاور من خلال إشراك أفراد الأسرة في القرارات العائلية وكل ما يتعلق بشؤونها، والتواصل الإيجابي والفعال بين أفرادها والاحترام المتبادل مع مراعاة الفروقات الفردية والمراحل العمرية المختلفة، ورفع الوعي فيما يتعلق بالأدوار والحقوق والواجبات.وهذا يساعد الأسرة على تمتع أفرادها بدرجة عالية من الصحة النفسية والجسدية والاجتماعية، وامتلاك مهارات حياتية جيدة كتحمل المسؤولية واتخاذ القرارت والتواصل الإيجابي وضبط النفس والوقت والقدرة على حل المشاكل والتعامل مع الضغوطات والتحديات. وبالتالي يكون الأفراد اتجاهات إيجابية نحو ذواتهم والاخرين ويتمتعون بفلسفة واضحة للحياة فيكون لديهم أهداف ومعنى للحياة.