نتنياهو وسياسة الأرض المحروقة ضد خصومه
تاريخ النشر : 2019-11-22
نتنياهو وسياسة الأرض المحروقة ضد خصومه


بقلم:مصطفى ابراهيم

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من مشتبه الى متهم مع وقف التنفيذ، على الرغم من إعلان المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية افيحاي مندلبليت عن تقديم لوائح اتهام ضده، بتلقي الرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال، إلا أن هذه التهم لم تقدم إلى المحكمة، ولديه وقت حيث انه من المرجح ألا تقدم هذه التهم إلى المحكمة قريباً.

القانون لا يجبر نتنياهو على الاستقالة من رئاسة الحكومة، ويسمح له الترشح مرة أخرى في الانتخابات القادمة، والاستمرار في منصبه رئيسًا للحكومة، لكنه لن يستطع تولي وزارة الصحة والزراعة والشتات والرفاه الاجتماعي، التي يتوالها حالياً.

إلا إذا قرر المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت النظر في ذلك وفقا لخبراء قانونيين، ومن المتوقع لن ينتظر التماسات مطالبة باستقالة نتنياهو، ونظر المحكمة العليا فيها، وإنما يتوقع أن يصدر مندلبليت وجهة نظر، الأسبوع المقبل، يقول فيها إن نتنياهو ليس مؤهلا لتشكيل حكومة.

القانون يسمح له الحصول على الحصانة البرلمانية من المحكمة إلى لجنة الكنيست، وأمام نتنياهو مهلة مدتها 30 يومًا ومن حقه طلبها من الكنيست بصفته عضو كنيست، والتي تحولها للجنة الكنيست البرلمانية للبت فيها، ومن ثم التصويت على قرارها في الهيئة العامة.

وهي مضمونة حيث ان كتلة اليمين القوية والتي ظلت صامدة رغم لائحة الشبهات، ورغم الخصومات المريرة، ورغم الإغراءات التي وضعت أمام أحزاب الكتلة وفي تحالف مع نتنياهو والمشكلة من أحزاب اليمين والحريديين التي تتشكل من 55 عضوا وتمتلك أغلبية ستمنحه إياها، بما فيهم افيغدور ليبرمان. لذا من غير المرجح أن تقدم لوائح الاتهام في القريبة للمحكمة لغاية النظر في قضية الحصانة، وما يجري الان فان محاكمة نتنياهو تجرى اعلامياً.

في إسرائيل توقعوا أن نتنياهو لن يطأطئ رأسه إزاء لوائح الاتهام ضده، والتجربة المتراكمة من تهجماته السابقة ضد سلطة القانون، وبدا خلال خطابه مثل “حيوان جريح”، وأنه لم يظهر عهد نتنياهو أبدا أنه أقرب من نهايته، من هذه اللحظات التي كان يحارب فيها على استمرار عهده.

وهو لم يستسلم وافتتح حملته الانتخابية 2020، بإعلان الحرب وسياسة الأرض المحروقة، مثل نيرون وقيصر سيقف ويشاهد الدولة المحترقة بنيران الكراهية والتحريض، قبل أن يخلي هو وعائلته المنزل في بلفور كما ذكر بعض المحللين الإسرائيليين.

ودشن حرب شعواء على معارضيه خاصة حزب ازرق ابيض والنيابة العامة والمحققين والمستشار القضائي لزعزعة الثقة بالجهاز القضائي وبالتهم ضده فالجهاز القضائي خاصة المحكمة العليا وقضاتها مستهدفون من نتنياهو وتكتل اليمين منذ سنوات، وستتركز دعايته الانتخابية التحريضية على القضاء والنيابة العامة والشرطة وفلسطيني 48 وقيادتهم السياسية وأعضاء الكنيست من القائمة المشتركة، وهذا سيصيح خط الكثيرين في اليمين.

محللون إسرائيليون يحاولون التكهن بكيفية سير الأمور خلال الفترة المقبلة، وتوجه إسرائيل نحو انتخابات للكنيست للمرة الثالثة خلال عام، بعض المحللين ذكروا أن حزب أزرق أبيض يعيشون نوع من الوهم، الذي بموجبه عندما يقرأ الجمهور الكلمات دولة إسرائيل ضد بنيامين نتنياهو، فإن شيئا ما سياسيا حقيقيا سيحدث، والكتلة اليمينية ستتصدع، وسينهض الليكود إلى فجر جديد ويؤدي إلى الإطاحة بنتنياهو.

هذا لن يحدث. وشعار “دولة إسرائيل ضد بنيامين نتنياهو” لم يعد صالحاً وستكون في صلب حملة الانتخابات للعام 2020، وقد انطلقت. وفي كاحول لافان سيزعزعون الجمهور بمساعدة هذه الكلمات، لكن الليكود سيجد الطريق لتحويلها إلى كلمات جوفاء بنظر الجمهور، بواسطة حملة سلبية ضد جهاز إنفاذ القانون.

يعتبر محللون أن خطاب نتنياهو مقلق من كافة النواحي واستباحة دم، ودعوة لإشعال الأرض، لشن حرب ضد أهم مؤسستين، الشرطة والنيابة العامة، وأن الفترة المقبلة ستكون صعبة، وأن عائلة نتنياهو لا تعتزم الاستسلام من دون قتال، وان نتنياهو اعتاد على التباهي في خطاباته بأنه حارب من أجل إسرائيل، وأصيب من أجلها وسعى إلى تحصين أمنها واقتصادها ومكانتها الدولية. وأعلن أنه يعتزم هدم الدولة ومؤسساتها، وبنظر نتنياهو، استمرار حكمه فوق كل شيء، ومن يشكك بذلك هو خائن ومتآمر.

وفي حين توقع بعض المحللين عن بدأ المعركة قريباً داخل الليكود على انتخاب خلف لنتنياهو، رأي أخرون من المؤيدين لنتنياهو، ان الليكود لن يطيح بنتنياهو، وأنه لن يستقيل في حال لم يقرر المستشار القضائي للحكومة وجوب حدوث ذلك.

وأنهم في الليكود وخلافا لليسار كانوا على ما يبدو سيطيحون بالزعيم منذ الأمس، فإنه في الليكود يفضلون رص الصفوف والحفاظ على الزعيم الملاحق من جانب قوى خارجية ومكروهة مثل جهاز القضاء ووسائل الإعلام، ولذلك فإن انتصار نتنياهو على (خصمه داخل الليكود) غدعون ساعر وأي أحد يتحداه، يكاد يكون مضمونا.

ومن وجهة نظر بعض المحللين فان الأمر الأخطر هو أن نتنياهو لا يمكنه التمتع بثقة الجمهور حيال أي عمل يقوم به، وبضمن ذلك في المواضيع الأمنية، المتعلقة بتشكيل خطر على الدولة ومواطنيها وجنودها (أي اتخاذ قرار بالحرب أو عمليات عسكرية).

حتى الان نتنياهو باق وهو يتحدى الجميع ويقوم بسياسة الأرض المحروقة، برغم كل ما يحيط به من تهم ويقول أن المتهم بريء حتى تثبت ادانته، وهو يقاتل على مستقبله ومصيره.