أضرب وأهرب بقلم:رامي مهداوي
تاريخ النشر : 2019-11-20
أضرب وأهرب بقلم:رامي مهداوي


أضرب وأهرب...
رامي مهداوي

إذا ما قمنا بتحليل الخطط العسكرية للإحتلال الإسرائيلي في الآونة الأخيرة بالمنطقة بشكل عام؛ وعلينا كشعب تحت الإحتلال؛ نجدها تعتمد على استراتيجية محددة غير متغيرة منذ فترة الحروب الكبرى التي شهدتها المنطقة يمكن إختصارها: أضرب وأهرب.

تعتمد الإستراتيجية على مبدأ أساسي ووحيد، إسرائيل هي صاحبة الفعل الأول بتنفيذها الضربة الأولى من خلال خطط معدة مسبقاً ليس فقط من حيث الهدف وإنما توقيتها، وحجم دائرة المواجهة  على أن لا تكون طويلة الأمد، والأهم كيفية التعامل مع ما بعد الفعل الذي تقوم به على مختلف الأصعدة التي تتمثل في الخطوات التالية:

1_ توحيد البيت الداخلي في مواجهة العدوان الخارجي الذي يتم خلقه بشكل دائم ومُتتالي، وهذه أبجديات الصهيونية التي وضعها المؤسس "ثيودور هرتسل" عندما قال" إن لم يوجد لدينا عدو يجب أن نخلق عدو".

2_ توجيه الضربة و/أو الضربات المحددة بواسطة أقوى الأسلحة التي يمتلكها المتمثل بسلاح الجو المستندة على معلومات استخبراتية في الميدان وليس تحاليل واستنتاجات؛ هذا يعني بطبيعة الحال إختراقه الناجح للعديد من الجبهات وبمختلف المستويات وربطها مع بعضها البعض مثلاً في الضربة الأخيرة أصبحت دمشق وغزة ساحة معركة واحدة بالنسبة لجيش الإحتلال الإسرائيلي.

3_ التلويح الدائم بالقوة العسكرية التي يمتلكها جيش الإحتلال، بالتالي يفرض سياسة الردع المباشر وبقسوة كخطوة استباقية، بهدف سعيه امتلاك كافة مفاتيح الحلول التي يريد فرضها دون أي خسائر تُذكر.

4_ بعد ذلك ينجح الإحتلال وبجدارة بتحويل صورته عالمياً من الذئب المفترس الى الحمل الوديع، من القاتل الى الضحية، من الضارب الى المضروب، وينجح بتصوير حالة الذعر المفتعلة والخوف داخل مجتمعه بأنها غير مقبولة إنسانياً؛ أما نحن الضحايا الذين أصبحنا لا نشبه بعضنا البعض من كثرة القضايا الإنسانية التي تُبكي الحجر لا نستطيع أن نقنع العالم بأننا نحن الحمل الوديع الذي ذُبحه الذئب وهو نائم!!

بعيداً عن العاطفة والتصريحات الفارغة، ينجح الإحتلال الإسرائيلي في كل مرة يهجم بها علينا ببيروت، دمشق، غزة و رام الله، وحتى بغداد وطهران بقلب الحقيقة لمصلحته بشكل شبه كامل، والأخطر بأن الأغلبية تنساق مع الرواية الصهيونية، فننتقل الى دور رد الفعل بشكل غير مدروس وبعيداً كل البعد عن تحقيق ردع يناسب الفعل الذي حققه الإحتلال.

على العكس كلياً نسوّق الخسارة الى انتصار، ونحول الطفولة التي مزقها الذئب بأنيابه الى بطولة!! وبأن إختباء المستعمرين في ملاجئهم هو ما نطمح له، وتناسينا عائلاتنا التي تدفن بالرمال في أقل من ثانية ونفتخر بأننا من فرض التهدئة!!

في أكثر من مقال سابق ذكرت بأن الإحتلال لن يتوقف بقصف غزة أو أي عاصمة عربية، وهنا يجب ان يعترف الجميع بأنه وبرغم مرارة طعم الموت المجاني لأبناء شعبنا العظيم، إلاً أن غزة وبرغم جراحها مازالت هي الصدر الواقي الذي يتصدى وحده قدر امكانياتها؛ فمن المعيب أن لا يتكاتف الجميع بحماية ما تبقى لنا من كرامة عربية وإسلامية.

علينا إعادة التفكير بإستراتيجية جيش الإحتلال المتمثلة في أضرب وأهرب بخلق إبتكارات جديدة حتى ولو كانت سلمية بسبب ضعف مقدراتنا كفلسطينيين مواجهة الآلة العسكرية، من خلال التفكير بإبتكار أدوات نضالية توجع العدو بكشف اللثام عن وجهه لتعريته أمام المجتمع الدولي الذي مازال مقتنع بأنه الضحية، فهل نستطيع نحن أن نشتكيه ونضربه في ذات الوقت قبل أن يفكر بأضرب وأهرب وأن تكون استراتيجيتنا المضادة معتمدة على قاعدة ضربني وبكى.. وسبقني واشتكى؟؟! 
للتواصل:
 [email protected]