من حكايات المطر!!بقلم: محمود حسونة
تاريخ النشر : 2019-11-19
من حكايات المطر!!بقلم: محمود حسونة


1- من حكايات المطر!!
دفعهم المطر فاجتمعوا تحت مظلة واحدة ، عجوز بدينة بعكاز قصير، وشابة شقراء تغطي شعرها بقبعة مائلة، تقبض على يد طفل، ثمّ اندفع بينهم شاب يلهث بمعطف مبلل، ابتسم من هشاشته، ولم يلتفت لأحد ولم يتكلم!! هكذا كانت الصدفة…
أسندتْ العجوز رأسها على كتف الشاب، ربما شعرت بحنين لذكرى كانت فيها وردة رشقها أول المطر!!
هزّ الرعد المكان وزخّ المطر؛ فانتفض الطفل خائفا والتصق بجسم الشاب… هناك فرق الدهشة بين صناعتنا وصناعة المطر!!
أخذني المشهد وأنا أراقبهم من نافذتي وحبات المطر تتوهج بالضوء كآلاف النجوم في حكاية من حكايات المطر!! فأجمل المشاهد ما لم ننتظره!! والصدفة لها ألوان!!
أسرعت لألتقط لهم صورة، وحين تحركتْ الشابة الشقراء، أشرتُ لها أن تتوقف لأكمل التصوير؛ فضحكت فظهرت في الصورة وضحكتها واضحة في أوجها.
والمرأة العجوز تلقي برأسها على كتف الشاب، وكأنها تبحث في ذاكرتها عن أغنية تليق بالمطر!
كلما نظرتُ إلى الصورة، أسمع ضحكتها ترنُ؛ فتنتعش الصورة وأنا والمطر!!

2- أوراق جديدة!!
أمشي حافيا وديكتاتور الجغرافيا!! بدايتي البحر في شوارع متوازية مفروشة بزحاج منثور وجدران ازدحمت بالأسماء والثكنات!!
تطلّ نساء يغزلن بالدمع حكاية الذيب... وأُخريات ينظرن من خلفهنّ بأفخاذ عارية ويسرحن شعورهن، لماذا يتضاحكن؟!
أمضي كحومة النار كالأغنيات كدوامة الريح إلى شوارع الأحلام…
أقترب من قمر خجول أحمر الوجه ومغمض العينين، يحيطه فلاسفة يثرثرون عن أصله وفصله، ويعلو صهيل خيول!!
الشوارع صارت طويلة طويلة مع رياح وصحراء وسلاح، وكأني صرت من نوع آخر في عالم أخير!!
وسؤال الروح الكبير يرنّ: أين أنت الآن؟!
تتطاير أوراقي دفعة واحدة كعصافير تائهة، لها أصوات دامية كلحن الكمنجات!!

3- ملح!!
الذاكرة حُبلى تقف بالمرصاد… تلتصق بين عينيك كبصمة الجمر!!
الذاكرة ميراث شاسع، حريق كثيف… تنغمس في دمك و ترسم ما تشتهي!!
تلوّن زنديك كوردتين متوحشتين!!!
وتكتب على كتفيك أغنية النار:
إياك أن تنسى، أنّ الإله (مردوخ) قد مات!!
إياك أن تستريح وإلى الأبد؛ ستبقى كنخلة الصحراء المعذبة!!
وخطوتك ستكون زنبقة...
أيامك دائما… المسافة القاتلة في لعبة (الروليت)!!
بين ضَغطة الزند وثَقب الرأس!!
ربما تنجو من واحدة، ربما تنجو من اثنتين…
و ستبقى كل مَرّة مشغول بترميم روحك...
تهتف روحك: أنا الآن هنا في المسافة...!
ربما أنجو من الحياة في المرة القادمة!!!
بقلم: محمود حسونة (أبو فيصل)