لا أعَلمُ مَنْ بَاعَ الَوطَنْ، ولَكَّنِنِي رَأيتُ مَن دَفعَ الثمَنْ!!بقلم:جمال عبد الناصر أبو نحل
تاريخ النشر : 2019-11-18
لا أعَلمُ مَنْ بَاعَ الَوطَنْ، ولَكَّنِنِي رَأيتُ مَن دَفعَ الثمَنْ!!بقلم:جمال عبد الناصر أبو نحل


 الشهداء هُمْ الأكرم منا جميعاً؛ ولكن عندما يستشهد قائد فلسطيني، وبالأخص في قطاع غزة، تقوُم الدُنيا، ولا تقعد، ونأخذ معنا 2 مليون فلسطيني في مرمي نيران الاحتلال، وتحت حرابهِم وهُنا لنا همسة عِتاب للأحباب للقيادات؛ وإن كان قول كلمة الحق صعبُ استيعابها وتقبلها، ومُرٌ، وعلقمُ!. ولكن رَحِم الله من أهدي إلي عيُوبي!!؛ لذلك نقول إنهُ ليس من المنطق، أو الصحيح، أو المقبُولْ، ومن غَيِرِ المعقُول أن يتم جَّرْ شَعب بأكمله ليكون أسير، ورهينة لمجازر الاحتلال البشعة، وارتكاب عدوان جديد، بالطائرات، والدبابات يحرق الخضر، واليابس، فَلا يبُقي، ولا يدر!؛ صحيح أن الوطن يستحق منا الكثير، وبذل الغالي، والنفيس حتي يتحقق لنا النصر، والتحرير. ونحنُ علي مدار 13 عاماً من عُمر الانقسام البغيض، والشعب الفلسطيني يقدم الشهداء، تلو الشهداء، ويدفع ضريبةً غالية، وعالية، وكبيرة، وأليمة، ومريرة؛ شلال من الدِمَاء النازفة؛ حيثُ يتم سحق، وقصف، وقتل عائلات فلسطينية، وابادتها بالكامل عن بكَرةِ أبيهِا، وتدمير البيوت فوق رؤوس ساكنيِها، وذلك من خلال المجازر البشعة الاجرامية التي ترتكبها عصابة قُوات الاحتلال الاسرائيلي الارهابية الفاشية!؛ ومن المعروف أن هذا العدو الصهيوني مُجرم بطبيِعته يعشق القتل، والتدمير والتخريب؛ ولا يحتاج مُبرر لارتكاب مجازرهِ، وجرائمهِ ضد الشعب الفلسطيني الأعزل!؛ بل إن جرائمهُ مستمرة، ومتواصلة مداً، وجزراً، منذ زُهاء القرن من الزمن!؛ ولكنه لا يقوم بأي عدوان بشكل عاطفي، أو غير مدروس، أو بشكل غوغائي، وغير منظم، ومخطط ومعُد له مُسبقًا، بل الأعداء يعتمدون علي التخطيط المسبق، والمدروس، والبحث العلمي، وعلي نبض الشارع عِندهُم، وكذلك يضعُون مصالحهم الحزبية، والانتخابية، والشخصية في الحُسبان؛ حتي نكون منصفين.

إن الشعب الفلسطيني في القُدس، والضفة، والشتات، ودول المهجر عموماً عانوا، ولا يزالون يعانون الأًمَرين!؛ وأما الشعب في غزة خاصةً، فحدِث عنهُ، ولا حرج فيعشون منذ عقد من الزمن، ونَيِّفْ، وحتي الأن، أياماً سوداء حالكة السواد مثل دياجير الظلام!؛ أياماً فيها حُروباً، وانقساماتٍ، أخلتْهُم، وأخَلتهُم، وأخزّتَهُمْ، وهَّجَرتهُم، وخدَعتهُمْ، وفرقتَهُم، وأضرّتهم، وأغرتُهمْ فأغَرقّتهُمْ، وأحزنتهم، ودمرتهُم، وأثقلتهُم، وأتعبتهم، وأنهكتهُمْ، وأهلكتهم، وأعجزتهُمْ، وقتلتّهُمْ، وأماتتهُم فأقبرتهُمْ!؛ والسبب أننا نتواكل، ولا نَتوُكل، ونأخذ الأمور أحياناً بشخصانية، ومصالحة ذاتية، أو حزبية، أو متبوعةً لأجندات خارجة غير وطنية!؛ وقد ننجر لخطط الاحتلال من غير تفكيرٍ حكيم، أو حكمة في التصرف؛ ومن غير اعداد خطط مدروسة مُسبقاً، ولا تستند للقرار الجمعي، أو للوحدة الوطنية، وَكُلٌ يغني علي ليلاهُ، فلا نرتكز لتخطيط دقيق استراتيجي، أو تكتيكي، وهكذا حالنا، وأحوالنا شائكة!؛ ودماؤنا نازفة، وأرضنا مستباحة؛ وطالما أننا مُتفرقون، ومنقِّسمون، فالشعب ضائع وضحية لِكُل عدوان احتلالي جديد علي غزة؛ بسبب ترهُل وارتباك المشهد الوطني، وضعف الأداء الفلسطيني، ونخرج بعد كل عدوان، وقد ارتقي منا عشرات، ومئات الشهداء، والجرحى ودمرت مئات البيوت، لنُعلن الانتصار المجيد المظفر العظيم علي الأعداء!؛ ونعلم أننا انِتقمنا لدماء الشهداء سواء القائد الكبير الفلاني أو العلاني!!. ولم نسأل أنفسنا، ولو لمرة عن عيِشّةَ الشَعب المُرة كالَعلقم!!؛؛ أو أين نحنُ أصبنا؟، أو أين أخطأنا؟؛ فهل الرد علي جرائم الاحتلال كان في سبيل الله مثلاً؟؛ أم في سبيل الثأر لدم قائد ثم اغِتالهُ الاحتلال؟ أم نثأر لأجندات خارجية؟؛ أم نجاهد في سبيل القدس وفلسطين ضد المحتلين؟!. كان يتوُجب، ويتطلب علينا أن نخط لرد موجع للاحتلال رداً علي عملية اغتيال الشهيد القائد بهاء أبو العطا رحمه الله ليس رداً عشوائياً، وأن لا نّجُر الشعب كلهُ لمربع الاستهداف من الاحتلال فكان أفضل، ويستحسن، وأعظم رد هو علمية ثأر نوعية، ومنظمة مثلاً كما فعلت الجبهة الشعبية حينما اغتال الاحتلال المجرم القيادي الكبير الشهيد أبو علي مصطفي رحمه الله بالقصف، كان الرد موجعاً، ومفجعِاً للاحتلال وهو اغتيال وزير من عصابة كيان الاحتلال ( زئيفي)، وكذلك كانت عمليات حركة فتح في تاريخا النضالي العريق، والكبير، والطويل، وحرب الأدمغة في سبعينيات القرن الماضي، مع الاحتلال، وجهاز الموساد، فكان يتم الرد علي اغتيال القادة من حركة فتح مثل شهداء (عملية الفردان)، الكمالين ناصر وعدوان، وأبو يوسف النجار، وغيرها بعمليات نوعية رائعة أوجعت، وأفجعت العدو في عقر ديارهم، وأصابتهم في المقتل، مثل عملية ميونيخ، وعملية دلال المغربي، وقناص عملية وادي الحرامية في آذار/مارس 2002 في عملية قام بها القناص الفدائي الفلسطيني البطل، وحيد يدعى ثائر كايد حماد من قرية سلواد، واستهدفت حاجز عسكري احتلالي إسرائيلي في واد عيون الحرامية شمال مدينة رام الله، استخدم فيها بندقية قديمة من الحرب العالمية الثانية ونحو ثلاثون طلق ناري وعملية الأسير الأردني ثائر خلف اللوزي منفذ عملية الشاكوش في أم الرشراش (إيلات) المحتلة؛ وعمليات كثيرة لا يتسع المقام هُنا لذكرها. لقد كان من الممكن بدلاً من التسبب بتدمير غزة في كل مرة، والتضحية بكل الشعب!؛ التخطيط، المُحكم، والثأر من خلال عمليات نوعية، قنص وغيرها تُوجع قوات الاحتلال، فأي عملية نوعية ستكون أقل تكلفة بكثير من اطلاق مئات الصواريخ علي الاحتلال والنتيجة عندنا مئات الشهداء، وعندَهم لم تُقتل أحد!؛ ناهيك أن الاعلام للعدو نجح بامتياز، وفشلنا اعلامياً بامتياز!؛ فلقد جعل اعلام الاحتلال الموجه للعالم أنهُم هم الضحية، وأن المدنيون منهم يتعرضون للعدوان من صواريخ الفلسطينيين (الجلاد)!؛ انعكاس تماماً للحقيقة والسبب نحن عنتريات كذابة والعدو يبين نفسه الحمل الوديع المظلوم!؛ ولذلك كان أغلب دُول العالم في هذا العدوان واقف مع الجلاد المحتل ، ومؤيداً له؛ بل ويدُينْ الضحية الفلسطيني، الذي يتعرض للموت والقتل الاجرامي من الاحتلال!. إن بحاجة لتقيم شامل وللعمل، والعمليات المنظمة، والنوعية، والمخطط لها بحنكة، وسرية ودكاء، وبتوافق الجميع، من خلال الوحدة الوطنية، والتي لها وقعْ الحُسام المهُند في هذا العدو المحتل؛ أما كلما يستشهد قيادي نّجر البلد لحرب، والبعض منا مشارك في التصدي للعدوان، والبعض الأخر لا؛ " أكُلتُ يوم أُكل الثورُ الابيض"؛ ولكن خيراً فعلت الفصائل الأخرى حينما لم تقوم بالرد علي عدوان الاحتلال، حتي لا يكون ذريعة لزعيم عصابة الاحتلال نتنياهو ومن معهُ، والذي كان يتمني تدمير، وحرق غزة عن كاملها!؛ وهنا لابد لنا من وقفة ضمير، مع الذات؛ وقفة فكرية، تقييمية، ونقدية، فّبَدلا من أن نجعل الشعب حقلاً للتجارب كل عشيةٍ، أو ضُحاها بدون فائدة!! نحن بحاجة ماسة لخطط استراتيجية، وبرنامج، وقرار طني موحد جمعي جامع للكل، الفلسطيني، يوافق عليه الجميع للمقاومة؛ ولسنا بحاجة لردات الفعل، وللعمل العشوائي غير المنظم أو المنضبط؛ وأن لا يكون الرد خاضعاً لأجندات، وأهداف شخصية، أو حزبية، أو خارجية غير وطنية؛ وعلينا أن لا ننجر كل مرة، ونقع في فخاخ الاحتلال، ومصائدهِ الحزبية أو الانتخابية، وأن لا نكون مُنجدًا ومخلصاً بجهالة، من حيث ندري، أو لا ندري لبعض قادة أحزاب الاحتلال الاسرائيلي؛ ونُخرج زعماء عصابة الاحتلال من المأزق الانتخابي الذي كانوا يمرون فيهِ وعلي، وشك اجراء انتخابات للمرة الثالثة ولهم ما يقارب نصف عام مختلفين، فنأتي بسوء تخطيط نجعلهم يتوحدوا ضدنا!؛ ومخلصاً لهم بجهالتِنا!؛ فَعّلينا أن نستخرج، ونستنبط، ونبتكر، ونبدع في حلول وطنية جديدة لمقارعة العدو، مع أهمية تعزيز صمود الشعب المذبوح من الوريد إلي الوريد. نحن مع المقاومة، ومع مقارعة الاحتلال بكل الوسائل المتاحة، والمشروعة كشعب تحت الاحتلال، ونؤيد ذلك ؛قلباً وقالباً ولكننا لسنا مع أي فعل غير محسوب جيداً؛ وغير موفق، فلقد أصبحت ردّاَت الفعل غير المحسوبة غير مُجدية، وكلمة "محور المقاومة" كذبة سياسية واضحة، بل نغمة مشروخة، وقديمة، فنحنُ نَحتاج لابتكار أساليب مقاومة جديدة، واحتضان الشعب ومساعدتهُ، لا العكس!؛ لأن الشعب هو الحاضنة للمقاومة، وبحرها؛ وهو دوماً من يدفع الثمن غاليا؛ لذلك فالحل يبدأ بناء خارطة طريق للمقاومة، وذلك بإعادة البوصلة الوطنية لتتجه نحو الهدف الاسمي تحرير القدس، وليس للدولارات المُسيسة!؛ أو لحلول ترقيعيه انسانية هنا، أو هناك!؛ علينا بالتعاضد، والوحدة، والتماسك، والتوافق، وخاصة علي القضايا الجوهرية المتوافق عليها من الجميع، وهي الثوابت الوطنية الفلسطينية، وإنهاء الانقسام فوراً، وتجديد الشرعيات عبر الانتخابات، وصندوق الاقتراع، واستعادة اللحمة، والوحدة الوطنية، وبناء خطط نضالية جهادية فلسطينية، عبر استراتيجية موحدة، وبرنامج سياسي توافقي من خلال رؤية بعيدة المدَى، تخدم القرار الوطني الفلسطيني المستقل، والحرية، والاستقلال، ولا يتبع لأي أجندات وحسابات خارجية، ويبقي السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ، في حدهِ الحدُّ بينَ الجدِّ، واللَّعبِ، بيضُ الصَّفائحِ لاَ سودُ الصَّحائفِ، في مُتُونِهنَّ جلاءُ الشَّك، والريَبِ، والعِلْمُ في شُهُبِ الأَرْمَاحِ لاَمِعَة بَيْنَ الخَمِيسَيْنِ لافي السَّبْعَة ِالشُّهُبِ" كما قال الشاعر "أبي تمام"؛ وختاماً الاحتلال إلي زوال وتحت النعال طال الزمان أم قصر، وفلسطين ستتحرر، وستنتصر، يرونها بعيدة، ونراها قريبة وإنا لصادقُون..