عقدة الوهم بقلم : سمير محمود شلايل
تاريخ النشر : 2019-11-16
عقدة الوهم
ليس بعيدا عن منال احلامنا ان نقوم بنسيج مشهد روائي نتحكم بتفاصيل التدفق الدرامي الخاص به حسب اهوائنا وشهواتنا لنحصد قمحا من بذور الذرة او نقطف ثمارا غضة ونتذوقها على انها أطيب الثمر .
لا ضير ان كنت كذلك فاصنع ما شئت فغيرك صنع صنما من عجوة ولما شعر بالجوع هوى الى قاع ماسلو واكل الرب وشرب عليه خمرا ...
ايدولوجيات الشعوب تشكلها الشعوب نفسها ثم تتمرد عليها وتخرج من عبائتها وترسم لوحات زيتية واغلب تلك اللوحات تلقى في حاويات القمامة وما تبقى منها يباع بملايين الدولارات بعد قرن من الزمان ...
ان صناعة المشاهد السينمائية تختلف بتكلفتها المادية عن بعضها البعض فمنها مشاهد تمتد لأكثر من خمس دقائق ولا تكلف المنتج سوى بعض الاحضان والقبلات وغيرها لا تتعدى الثواني المعدودة وقد تكلفنا الكثير من الدماء والاشلاء .
فكيف يمكن للمخرج ان يقنع المنتج بأن هذا المشهد ضروري للحبكة الدرامية وسوف يعزز من دور البطل في المشاهد الأخرى كل ذلك يمكن ان يكون سهلا اذا كان بامكاننا ان نروي بذور الوهم في عقولنا بدماء الآخرين لتنبت اشجارا متشابكة الاغصان يصعب علينا تمييز ثمارها المختلفة وكل ثمرة من تلك الثمار تحمل طعما مختلفا منها من يصل بنا صعودا للسماء وأخرى تصل بنا هبوطا في باطن الأرض .
عقدة الوهم تتمدد في كل مشهد حتى ظن البعض ان جسمه مفتول العضلات بعد اول ساعة قضاها في الجيم للتعرف على انواع الاجهزة الرياضية. وآخر اتصل بجملة من التجار لتسويق منتجاته بعد ان انتهى من دراسة الجدوى للتو وآخر فكر باسم مولوده الاول عندما اعجب بفتاة باول محاضرة جامعية.
السارق يتوهم النجاح فيحتفل عند اول عملية سرقة كبيرة والمجرم يحتفل مع اصحابه عند اول مطوى غرزها في صدر معترضيه والمدمن يشعر بسعادة غامرة عند اول لحظة يخرج بها عن الواقع ..فكل منا يعزز الوهم بداخله ويرسم به نجاحا زيفا .
اللهم ارزقنا نعمة الفهم يا الله...ولا تجعل وهم الغايةيبرر واقع الوسيلة .