المعادلة الرخوة ومستقبل الصراع في قطاع غزة بقلم:د. رياض عبدالكريم عواد
تاريخ النشر : 2019-11-15
المعادلة الرخوة ومستقبل الصراع في قطاع غزة بقلم:د. رياض عبدالكريم عواد


المعادلة الرخوة ومستقبل الصراع في قطاع غزة
د. رياض عبدالكريم عواد

تثير الصواريخ التي تطلق من غزة، بعد إعلان التهدئة بين الج هاد وإسرائيل، والتي لم يعلن عن تبنيها من أي طرف فلسطيني، تثير سؤالا هاما وتؤشر إلى مستقبل الصراع في قطاع غزة، ان لم يتدارك الجميع هذا الوضع المعقد والمتشابك.

كذلك فإن إخراج الجماهير المتعبة لتطالب بمواصلة القصف على اسرائيل، بعد أن تم الاتفاق على التهدئة وفي ظل الشكوى العامة من عدم مقدرة الناس على تحمل مزيدا من الالام والتدمير، بسبب تغول القصف الإسرائيلي وانذاره بمزيد من القصف والتدمير، كل هذا يطرح نفس السؤال عن الجهة/الجهات التي تقف وراء كل ذلك، وكيف سيكون مستقبل التعامل بين هذه الفصائل والاجنحة والمجموعات العسكرية داخل قطاع غزة والسلطة الحاكمة، بغض النظر عن من هو في الحكم؟!

هذا الذي يحدث قد يشير الى ان العديد من الأطراف الخارجية قد استطاعت نسج علاقات مباشرة، ليس فقط مع تنظيمات وفضائل فلسطينية، بل ومع مجموعات محددة داخل هذه التنظيمات، تتلقى تمويلها وتسليحها واوامرها مباشرة من هذه الدول، بعيدا عن السيطرة التنظيمية أو السياسية عليها. قد يؤدى هذا النهج في حال استمراره إلى وجود السلاح وتكدسه بين أيدي هذه المجموعات، غير المسيطر عليها تنظيميا وسياسيا، مما ينذر باشاعة حالة من العبث والفوضى والخوف في المجتمع، وتشتت القرار وعدم المقدرة على السيطرة عليه؟!

أنه من الصعب أن لم يكن من المستحيل استمرار ما أسميناه في كثير من المقالات بالمعادلة الرخوة، والتي تعني هدوء مقابل هدوء، أو هدوء مقابل مال، أو هدوء مقابل حكم وإمارة، أو أي صيغة أخرى من الهدوء دون حل جذري للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لن يكتب لهذه الصيغة النجاح أو الاستمرار وستواجه بثلاث تحديات، تتقاطع، وقد لا تتفق مع بعضها البعض:

أولا، هذه الصيغة لا تلبي الحد الأردني من الحقوق الفلسطينية، السياسية والحياتية، ولن تجيب على الأسئلة والمتطلبات الفلسطينية، لذلك سيستمر هذا الصراع حتى ولو خمدت النار تحت الرماد ردحا من الزمن.

ثانيا، هذه الصيغة ستصطدم مع مصالح الدول الإقليمية في المنطقة والتي لا ترغب في استمرار الهدوء في قطاع غزة وفقا لمصالحها، لذلك من السهل علي هذه الدول خربطت الاوضاع داخل القطاع من خلال علاقاتها مع حلفائها من الفصائل، أو علاقاتها المباشرة مع مجموعات داخل هذه الفصائل تستخدمها، بعد أن ربتها وسمنتها، لاهدافها الخاصة.

ثالثا، ستصطدم هذه المعادلة مع تطرف واطماع أحزاب اليمين واحزاب المستوطنين، التي يتنامى دورها وسيطرتها على الجيش والحكم والمجتمع داخل إسرائيل، هذا اليمين لن يتحمل استمرار هذه المعادلة، التي تسمح ببعض المناوشات والقصف المحسوب، من اجل اهداف استراتيجية كبرى، كما أن هذه المعادلة تتناقض مع مواقف وعنجهية هذا اليمين وخطابه غير العقلاني. لذلك فإن شن حرب على غزة هو الاقرب إلى تفكيره وايدلوجيته ومواقفه المتطرفة. سيستغل هذا اليمين القصف الذي يحدث من قطاع غزة، لاسباب كثيرة وأهداف غير معروفة، وما يسببه من قلق وعدم استقرار بين السكان الإسرائيليين، سيستخدمه في التحريض ضد تكتيك المعادلة الرخوة.

ان ما يجري داخل قطاع غزة لا يبشر بخير كثير أو استقرار او حلول سياسية على المدى المنظور، اذا لم يتصدى له الكل الفلسطيني على قاعدتين هامتين وواضحتين، مترابطتين، لا يمكن للاولى دون الثانية:

الأولى، وحدة النظام السياسي والقرار الفلسطيني والذي لن تتحقق بدون انتخابات، لذلك فإن مطلب تحقيق هذه الانتخابات هو مطلب محق وعاجل وهو أكثر إلحاحا الآن.

الثانية، توحيد وضم كل التشكيلات العسكرية في جيش وطني واحد تحت سيطرة القيادة السياسية المنتخبة، وقطع أي علاقة لأي من هذه التشكيلات مع الخارج، سياسيا وعسكريا وتمويليا.

علينا أن نفكر جميعا جيدا بالنقطة الثانية، بعيدا عن المزاودات، دون ذلك فهو الخطر المبين ليس فقط على الأمن الوطني بل والاخطر على أمن المجتمع وسلامته.

دون تحقيق ذلك فإن خطر الافغنة والصوملة، أو مصير ليبيا واليمن سيكون أقل وطئا مما ستؤول له حال البلاد والعباد؟!

المركب تمخر بين أمواج متلاطمة فاما ان ننجو جميعا أو نغرق جميعا، ان لم نتبع الحكمة المعروفة في مثل هذا الحال؟! من يعرف هذه الحكمة؟!