الاغتيالات الصهيونية استراتيجية مركبة الأهداف بقلم:عبدالحميد الهمشري
تاريخ النشر : 2019-11-14
الاغتيالات الصهيونية استراتيجية مركبة الأهداف بقلم:عبدالحميد الهمشري


الاغتيالات الصهيونية استراتيجة مركبة الأهداف تحكمها أمزجة شخصية تنفيذ الشاباك .. الموساد .. أمان

* عبدالحميد الهمشري

ما أقدم عليه نتنياهو والشاباك في الدولة العبرية من اغتيال لـ " بهاء ابو العطا " القائد العسكري في سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي هو بمثابة الهروب ولكن إلى الأمام ، الهدف من ورائه تصدير أزمة الانتخابات في الكيان العبري التي لم تحسم فيها الأمور لصالحه بعد أن انجلت الأمور وتبين حسمها لصالح بيني غانتس بعد اتفاقه مع ليبرمان على تشكيل الحكومة ..

من هنا يتبين أن سياسة الاغتيالات التي تنفذها الدولة العبرية هي سياسة أجرامية عدوانية تحمل أهدافاً مركبة كمحاولة لاغتيال الشرعية الدولية أو تحقيق مكاسب سياسية دولية إقليمية أو تحقيق مكاسب شخصية ، لكنها تبقى عملية قتل إجرامية منظمة ومتعمدة تستهدف شخصية مهمة ذات تأثير فكري أو سياسي أو عسكري أو قيادي لأسباب عقائدية أو سياسية أو اقتصادية أو انتقامية ، شارك بتنفيذها منذ قيام الدولة العبرية أعلى الهرم فيها من أمثال إسحاق شامير، إسحاق رابين ، أرييل شارون ، شمعون بيريز، مناحيم بيغن، جولدامائير ، ونتنياهو .. وهي تستهدف كما ذكرت إما اغتيال الحقيقة والشرعية الدولية كما فعلت حين اغتالت الكونت برنادوت - الوسيط الدولي في القدس بفلسطين في أيلول 1948الذي سعى لإرسال رسالة إلى الأمم المتحدة فيها توصيف دقيق للممارسات الصهيونية وعمليات الطرد التي طالت آلاف العرب من قراهم ومدنهم في أنحاء فلسطين أو شخصيات مؤثرة في مجريات الأحداث يشكل استمرار وجودها خطراً على المشروع الصهيوني وأمن الدولة العبرية أو لخدمة مصالح خاصة .

فالدولة العبرية بتصور شخصيات في مركز القرار وكتاب وصحفيين واستخباريين غربيين أنها تملك أفضل وكالات استخباراتية في العالم وتختار من تعتبرهم أعداءها الأقوياء لتصفيتهم جسدياً ، مستندة في ذلك على هجمات مباغتة وسرية تصفوية ، لاعتقادهم بأنه كلما كان الردع الذي يلحقونه بخصومهم أكبر، كلما جنوا ثمار ما ارتبكوه في جرائمهم أكثر وجنبهم ذلك حروباً وصراعات ترهق كاهلهم ، ويمكن اعتبار ذلك بحرب وقائية من خلال التخلص من شخصيات مهمة على الصعد كافة ، فمنذ العام 1948 وحتى تاريخه أقدمت على اغتيال ما يقارب الـ 3000 شخصية فلسطينية من مختلف قياداتها البارزة والمؤثرة .. ليس ابتداء بالشهداء الرئيس ياسر عرفات ، الشيخ أحمد ياسين ،أبو علي مصطفى فالمبحوح وأخيراً قائد الجناح العسكري في سرايا القدس التابع لحركة الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا .

لكن في الوقت ذاته، فإن القادة اليهود يرون في الاغتيال “أداة” تمكنهم من تحقيق أهدافهم بالاستخبارات والعمليات الخاصة، بالحنكة السياسية والخطاب السياسي.. معتبرين أن العمليات السرية والاغتيالات التي تتجاوز حدود العدو أداة مفيدة لتغيير التاريخ دون اللجوء إلى الحرب. أي أن يكون لديهم العقلية القادرة على تنفيذ عمليات الاغتيال هذه حتى لا يحتاجوا إلى أن يكون الجيش بأكمله، والاحتياطيات، منتشرة بالكامل على طول الحدود كل وقت .

فديفيد بن غوريون أنشأ مؤسسة الإستخبارات العبرية في حزيران 1948 منذ البداية ، وفي خضم الحرب كان واثقا جداً من أن اليهود سيفوزون،في الوقت الذي كانت فيه السي آي إيه ترى ذلك مستحيلاً ، وهذا جعله يدرك أن الحاجة تدعو لوجود مؤسسة استخبارات قوية ومتماسكة حفاظاً على أمن البلاد، وبناء الجيش استعداداً للصراع.. وفي الختام أود القول إلى أن مسلسل الاغتيالات سيبقى بابه مفتوحاً ومستمراً ما دامت دولتهم قائمة وما دام لم تجر محاسبة القائمين عليه وإدانتهم دولياً وقانونياً بالجرائم التي ترتكب بالإغتيال والتصفيات الجسدية.

[email protected]