عرض كتاب (سلمان قبل أن يصبح ملكاً) بقلم: د. عبد الرحيم جاموس
تاريخ النشر : 2019-11-14
عرض كتاب (سلمان قبل أن يصبح ملكاً) بقلم: د. عبد الرحيم جاموس


عرض كتاب / (سلمان قبل أن يصبح ملكاً)
بقلم د. عبد الرحيم جاموس
تحت هذا العنوان الكبير (سلمان قبل أن يصبح ملكا) صدر كتاب الكاتب والصحفي المخضرم سليمان نمر عن دار رياض الريس للكتب والنشر في بيروت في خلال شهر أكتوبر 2019م، (علما أنه قد كتب على الكتاب (الطبعة الأولى) كانون ثاني يناير 2020م)، وجاء هذا الكتاب في مئتين وسبعين صفحة من الحجم المتوسط، توزع هذا الكتاب على عشرة فصول غطت مائتين وخمس صفحات، وملاحق متعددة شارحة ومؤكدة على ما ورد في فصول الكتاب غطت خمسة وستون صفحة، قبل أن نبدأ في عرض ما طرحه الكتاب عن شخصية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أثناء عمله أميراً لمنطقة الرياض والتي يعنيها الكاتب في كتابه القيم، لابد أن أسجل للكاتب جرأته وشجاعته في تناول هذا الموضوع الهام والكبير والبالغ الخطورة، لما للشخصية التي يتناولها الكتاب من اهمية سعودية وعربية ودولية على مدى ستة عقود من توليه المسؤولية الحكومية، ولما يتمتع به من صفات قيادية وإنسانية متعددة، وموهبة وفراسة قل أن تجدها لدى غيره من شخصيات الحكم، وهنا تكمن صعوبة مثل هذا البحث في هذا الموضوع والتي من الصعب أن يحيط كاتبٌ بتفاصيل الدور الكبير والمتشعب الذي شغله الملك سلمان بن عبد العزيز قبل أن يكون ملكاً، فقد كان ركناً أساسياً من أركان الحكم في السعودية، خلال العهود التي سبقت توليه الحكم في المملكة، وصاحب علاقات محلية وعربية ودولية متنوعة ومتشعبة، وأرتبط بالصداقات العديدة مع زعماء ورؤساء ومسؤولين عرب وأجانب، فمثل هذه الشخصية المحورية وفي دولة مهمة على المستوى العربي والإسلامي والدولي وخبرته الطويلة في الإدارة والحكم، تحتاج إلى أكثر من كتاب وإلى أكثر من باحث للوقوف على صفاته وتأثيراته السياسية والإجتماعية والإنسانية المحلية والعربية والإسلامية والدولية.
إلا أن الكاتب والصحفي الأستاذ سليمان نمر الذي أقام في مدينة الرياض مدة أربعة عقود متواصلة، يزاول فيها مهامه الإعلامية المتنوعة المكتوبة والمسموعة والمرئية، وما بناه من علاقات واسعة مع المسؤولين ورجال الأعمال والإقتصاد ومع العديد من الأمراء وفي مقدمتهم الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وفرت له الإمكانية والشجاعة ليقدم لنا كتابه هذا (سلمان قبل أن يصبح ملكا) عاكسا تجربته الشخصية المهنية والإنسانية التي ربطته بالأمير سلمان قبل أن يصبح ملكا وكذلك بالعديد من الأمراء المسؤولين مثل المرحوم الأمير سلطان بن عبد العزيز والمرحوم الأمير نايف بن عبد العزيز والأمير المرحوم سعود الفيصل، وبالعديد من الوزراء والسفراء العرب والأجانب المعتمدين في الرياض.
وفي إطار ما اشتمل عليه الكتاب تصدره (الإهداء إلى الملك سلمان بن عبد العزيز الذي عرفته أميراً ..)
ثم مقدمة حاول أن يبين فيها الكتاب ولمَ هذا الكتاب ..؟، فيجيب على السؤال من أجل تسليط الضوء على فكر هذا الرجل المسؤول أميرا ثم ملكا من خلال رؤيته للعديد من القضايا والأحداث التي عاصرها سموه، والتي ركزها الكاتب في عشرة فصول.
فكان الفصل الأول تحت عنوان (الأمير ودوره السياسي في معادلة الأسرة الحاكمة)، (ونبض الشارع) أو وضع دوره الهام على مستوى الأسرة والمجتمع السعودي، وقد وفق فيه إلى حد كبير لما حظي به من ثقة أشقائه وأبناء الأسرة وأبناء الشعب السعودي بصفة عامة فقيرهم وغنيهم مثقفيهم وعامتهم.
أما الفصل الثاني فقد جاء تحت عنوان (عروبة سلمان، إنتماء وليست مشروعا سياسيا)، مؤكدا أنه يؤمن أن العروبة إنتماء وهوية ومن هنا يأتي التأكيد على مسمى المملكة (المملكة العربية السعودية) منذ التأسيس وهذا يفرض على المملكة دورها العربي الرائد في كافة المواقف والمحطات والقضايا العربية.
وقد جاء الفصل الثالث تحت عنوان ( سلمان والحاجة إلى مصر) والذي يبرز أهمية مصر في الواقع العربي في مختلف العهود، وإدراك الملك سلمان لهذا الثابت في السياسات السعودية والعربية.
أما الفصل الرابع من الكتاب تناول (سلمان ولبنان ورفيق الحريري) حيث أبرز الكاتب حب الملك سلمان للبنان وما ارتبط به من علاقات واسعة مع مثقفيه وإعلامييه ومع زعاماته التاريخية والمعاصرة، وخصص لعلاقاته بالشهيد رفيق الحريري حيزا كبيرا أولا لإزدواج جنسية رفيق الحريري ودوره كرجل أعمال ثم كرجل سياسة وحكم وزعيم، مبينا حجم العلاقة التي ربطت الرجلين وتسخيرها في خدمة لبنان والمملكة العربية السعودية على السواء، ومقدار الثقة التي كان محلها المرحوم رفيق الحريري وبالتالي أهمية لبنان وإستقراره ونموه وإستقلاله لدى الملك سلمان.
أما الفصل الخامس من الكتاب فقد جاء تحت عنوانه الأول (القدس شقيقة مكة والمدينة) والعنوان الثاني (أمير فلسطين) وإحتل هذا الفصل من الكتاب عشرون صفحة لما لفلسطين والقدس وقضيتها من مكانة لدى المملكة العربية السعودية وحكامها وشعبها بصفة عامة ولدى الملك سلمان بصفة خاصة والذي لقبه الفلسطينيون بلقب (أمير فلسطين) لما أسداه ولا يزال من دعم وتأييد للشعب الفلسطيني وقضيته وإرتباطه بها وجدانيا وإنسانيا ودينيا وقوميا، فقد ترأس اللجان الشعبية لمساندة الشعب الفلسطيني، وارتبط بعلاقات ود وصداقة مع القيادات الفلسطينية وخصوصا منها قيادات "فتح" التاريخية وعلى رأسها الشهيد ياسر عرفات والرئيس أبو مازن والتي تكن له بالغ الإحترام والتقدير لدوره الشخصي ولمواقفه الثابتة والداعمة والمستمرة دون أن تؤثر عليها المؤثرات السلبية، مبرزا دور الملك سلمان في رعاية حملات التبرعات التي كان يشرف عليها وشعاره التاريخي (إدفع ريالا تنقذ عربياً) ونحن (رفاق مصير لا رفاق طريق)، ونحن نقبل ما يقبله الفلسطينيون ونرفض ما يرفضه الفلسطينيون إلى آخره من المواقف والسياسات التي تحظى بها القضية الفلسطينية لدى القيادة والشعب السعودي عامة والملك سلمان بصفة خاصة مقدماً الشواهد الكثيرة على ذلك.
الفصل السادس في الكتاب جاء تحت عنوان (سلمان وقطر .. أزمات متكررة) حيث تناول العديد من الأزمات والخلافات التي مرّت بها العلاقات القطرية مع المملكة العربية السعودية، ودور الملك سلمان في علاقاته المتعددة لإحتواء تلك الأزمات والخلافات وسعيه لحلها وإزالة آثارها السلبية عن العلاقات الأخوية التي لابد أن تربط قطر بالمملكة وببقية دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية، وعتبه الكبير على حكام قطر في إفتعال تلك الأزمات التي عرضت أمن المملكة ودول الخليج والدول العربية للمخاطر.
أما الفصل السابع فقد تناول فيه المؤلف (الأمير والمؤسسة الدينية .. وعلاقة التبعية) حيث أبرز فيه العلاقة المباشرة التي ربطت العلماء ورجال الدعوة بالأمير شأنهم شأن مكونات المجتمع والدولة من مثقفين ووجهاء ورجال مال وإعلام في الدولة والمجتمع السعودي، فقد لعب الملك سلمان دوراً محورياً في توجيه هذه المؤسسة وغيرها من مؤسسات المجتمع والدولة، مؤكدا على أن دور المؤسسة الدينية يقتصر على الدعوة والإرشاد فيما يخدم الدولة والأمة والمسلمين بصفة عامة، وأبرز فيه أيضاً دور الملك سلمان في إرساء مناهج الوسطية والإسلام المعتدل والبعيد عن الغلو والتطرف، بل ومحاربة الغلو والتطرف، مؤكداً على رأي الملك سلمان بإعتبار الوسطية طريقنا، وإيمانه بالحوار بين الأديان والتعايش بين بني البشر على إختلاف أعراقهم ومعتقداتهم، وتأكيد منهج الدعوة الإسلامية بالموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن.
أما الفصل الثامن فقد جاء تحت عنوان (سلمان والرياض .. وعشق المدينة) أبرز الكاتب في هذا الفصل ما تمثله مدينة الرياض ومنطقتها للملك سلمان الذي تولى إمارتها لستة عقود متوالية كما تولى الهيئة المسؤولة عن تطويرها، فكان الأمير سلمان وفياً للرياض لسكانها والمقيمين فيها، ولعمرانها ونهضتها وتطورها، فهي المدينة الأوسع عربيا من حيث المساحة والتي تحولت خلال خمسين عاما من مدينة صغيرة لا يزيد عدد سكانها عن خمسين ألفا لتصبح اليوم على مساحة تزيد عن عشرة آلاف كيلو متر مربع ويسكنها حوالي عشرة ملايين من المواطنين والوافدين، وتزخر بنهضة عمرانية وتجارية وصناعية قل نظيرها، ويصف الكتاب علاقة الملك سلمان بمدينة الرياض بعلاقة العشق، وتجلى ذلك في المعارض التي أشرف عليها في العديد من العواصم العربية والدولية تحت مسمى (الرياض بين الأمس واليوم) وكيف كان يحرص على مرافقة هذه المعارض للتعريف بالرياض وبالمملكة وبالنهضة التي تعيشها المملكة العربية السعودية.
أما في الفصل التاسع فقد تناول الكاتب فيه (سلمان والإعلام .. صداقة متعبة لكن مقبولة)، فعرض فيه لإهتمام الملك سلمان بالإعلام والإعلاميين ومتابعته الحثيثة لوسائل الإعلام المختلفة، وهنا يكتب المؤلف عن تجربته الشخصية كإعلامي مارس المهنة في الرياض على مدى أربعة عقود وإرتبط خلالها بعلاقة مهنية إعلامية وصداقة بنيت على أساس الثقة والإحترام، التي كان يحرص عليها الملك سلمان كل الحرص مع الإعلاميين والتي يعتبرها صداقة المتاعب إمتدادا لمهنة المتاعب.
أما الفصل العاشر والأخير في الكتاب فقد خصصه الكاتب لعلاقته الشخصية والمهنية مع الملك سلمان، فجاء أشبه بمذكرات شخصية يبرز فيه كيف كانت علاقته بالأمير كنموذج لعلاقات الأمير مع رجال الصحافة والإعلام، ومتابعتهم وإهتمامه بهم لما لمهنتهم من أهمية سواء في نقل التقارير الإخبارية وشرح العديد من القضايا التي يجب أن توضح للعامة، وقد حظي الكاتب برعاية خاصة من قبل الأمير سلمان طيلة فترة عمله الإعلامية في المملكة بصفته صحفياً عربياً يغطي أخبار وأحداث المملكة لوسائل عربية وأجنبية، وكيف كان محل ثقة الأمير وتشجيعه لأداء مهمته في أفضل الظروف.
وقد ختم المؤلف كتابه بمجموعة من الملاحق من التقارير والمقالات والخطابات الرسمية والوثائق والصور التي تدعم ما عرضه في فصول كتابه عن الملك سلمان.
وكخلاصة بعد قراءة هذا الكتاب وتقديمي لهذا العرض الموجز لما حواه، فقد غلب على الكاتب صفة الصحفي على الباحث، وحاول أن يضع بين يدي القارئ الكثير من الأحداث والأخبار ذات العلاقة التي تكشف عن دور وشخصية الملك سلمان وتأثيراته المختلفة، وعن الجوانب الإنسانية في شخصيته، وعن فكره السياسي ونظرته ومواقفه لكثير من الأمور والقضايا المحلية والعربية والدولية، والدور البارز الذي لعبه في القرار السعودي تحت قيادة أشقائه الملوك الذين عاصرهم وتولى المسؤولية الحكومية في عهدهم وخصوصاً في عهدي الملك فهد والملك عبد الله رحمهم الله وما أحاطوه به وفوضوه فيه من ملفات وقضايا وصلاحيات ذات أهمية بالغة.
هذا الكتاب إجتهد فيه المؤلف ليقدم للقارئ إضاءات بالغة الأهمية عن شخصية غير عادية ومتميزة، ولعبت دوراً مهماً في الحياة السياسية والثقافية والإعلامية في الإدارة والحكم، قبل أن يصبح ملكاً، مقدما قراءة متميزة لفكره، جلية واضحة، تهم المواطن السعودي والعربي، وتهم السياسي والإعلامي والباحث في علم الإدارة وعلم السياسة والعلاقات الدولية وخصوصاً في شؤون الدولة السعودية.
هذا الكتاب يمثل إضافة نوعية للمكتبة العربية، في قراءة رجل السياسة والحكم والنموذج الملك سلمان بن عبد العزيز ... قبل أن يصبح ملكا.
كل الشكر والتقدير للكاتب والصحفي المخضرم سليمان نمر على هذا الجهد المميز، وعلى وضعه هذا المؤلف بين يدي القارئ العربي، والذي يستحق القراءة والتبصر فيه للوقوف على تجربة نوعية متميزة ومزدوجة تجربة الملك سلمان قبل أن يكون ملكا، وتجربة المؤلف الخاصة في ممارسة مهنة الإعلام وإستثمار علاقاته المتميزة والمتنوعة في أداء وظيفته الإعلامية، وقد عنيت نفسي بقراءة وعرض هذا المؤلف القيم لما تحظى به شخصية الملك سلمان من مكانة وشعبية بارزة لدى شعبه أولا، وأمته ثانيا، ولدى الشعب الفلسطيني ثالثا، الذي يكن له وللمملكة كل ود ومحبة وتقدير، على مواقفه ومواقف المملكة الثابتة من القضية الفلسطينية، حفظه الله وحفظ على المملكة أمنها ورخاءها في ظل عهده الميمون ملكا وعاهلاً للمملكة العربية السعودية.

د. عبد الرحيم محمود جاموس
عضو المجلس الوطني الفلسطيني

E-mail: pcommety @ hotmail.com
الرياض 12 /11 / 2019م