ثلاثية الانتخابات الفلسطينية بقلم:د. ناجى صادق شراب
تاريخ النشر : 2019-11-12
ثلاثية الانتخابات الفلسطينية بقلم:د. ناجى صادق شراب


                                       ثلاثية الانتخابات الفلسطينية !

لن يصدق احد ان هناك انتخابات ينتظرها الشعب الفلسطينى ، الكل يفقد الثقة بها، بل ان العديد من المراقبين يرون ان الدعوة للإنتخابات اقرب للوهم السياسى ، وأن ما يجرى مناورة سياسية جديده بين الفصيلين الكبيرين حماس وفتح  ،وهما من بيدهما مفتاح حل عقدة الانتخابات. والمشكلة ان للإنتخابات مفتاح واحد يفترض بيد الشعب الفلسطيني..ومع التسليم بعدم مصادرة النوايا والرغبة كما تم التصريح بإجراء الانتخابات ، والتعهد من قبل كل منهما بتوفير الضمانات الكفيلة بعملية إنتخابية ناجحة ، فهذا مجرد تصريح وإعلان لا قيمة له في ظل غياب ثقافة الثقة السياسية ، وسيادة ثقافة التشكيك والإقصاء ورفض فكرة التعايش المشترك في إطار نظام سياسى ملزم للجميع، لأن الهدف في راى من الانتخابات ليس فقط المشاركة السياسية وتجديد الشرعية السياسية لمؤسسات غير شرعية في تركيبتها، ولا فوز فتح او حماس ، بل الهدف الرئيس ان يكون لدينا نظاما سياسيا ملزما تحكمه مؤسساتيه قوية وشرعية أي برنامج عمل سياسى ملزم أيا كان الفائز بالإنتخابات، وضمان لعملية تداول السلطة عبر انتخابات دورية تسمح بمشاركة جميع القوى والفصائل في صناعة القرار والسياسة العامة ، وان يكون اقوى الخيارات الموصلة لإنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية ، ورسالة قويه للعالم يقول فيها الشعب نستحق دولة لأننا ديموقراطيون ولسنا إرهابيون كما يروج، واننا شركاء حقيقيون للسلام مبنى على الحقوق وتوازناتها . هذه الانتخابات على أهميتها وحتميتها ، ورغم كل المراهنات عليها تبقى حتمية ـ لأنه لا بديل ثان لها تواجه اليوم ثلاثة تحديات صعبة أشبة بعقدة غوردون الشائكله وتحتاج لإستئصالها من جذورها، أولا القضية دائمة الطرح الإنقسام، فكيف يمكن إجراء الانتخابات في ظل إنقسام بات شاملا لكل مكونات البيئة السياسية ، فالإنقسام ليس مجرد قرار، بل اصبح بيئة ، والإنتخابات بيئة ، والبيئتان نفس البيئة ، الإنقسام يطال منظومة القيم والسلوك، والبنية الوظيفية والإدارية والقانونية، وأخطرها ما يتعلق بسلاح المقاومة ، لأننا بعد الانتخابات ومع إفتراض نجاحها من سيخضع لمن سلاح المقاومة ام سلاح الشرعية وهو سلاح السلطة الجديدة، وقرار من سيكون ملزما قرار المقاومة أم القرار السياسيى، لا احد يتصور نجاح الانتخابات في ظل هكذا بيئة لا تقبل ليس فقط بالإنتخابات بل بنتائجها. وهنا يبدو ان تفكير صانع القرار يحكمه انه طالما غير قادرين على معالجة الإنقسام بالأطروحات القائمه فلنسمح للإنتخابات وبما تفرزه من حكومة وسلطة ان تعالج كل هذه الملفات، لأننا سنكون عندئذ أمام حكومة وسلطة قوية لها صفة الشرعية ولا يمكن ألإنقلاب عليها، رغم فرضية أن ألإنقلاب قد حدث قبل ذلك. اما التحدى الثانى الحرب ، وهى التى تلوح في سماء غزة دائما، وان هذه الحرب يمكن أن تقع في اى لحظة ، ولأسباب كثيره داخليه وخارجيه, ويمكن ان تصطنع كخيار لعدم إجراء الانتخابات.الحرب تعنى نسفا للإنتخابات، لأن تداعياتها قد تأتى عكس ألأهداف المرجوة من الانتخابات. ودائما الحرب لها أهدافها السياسية ، وهنا قد تكون أطرافا خارجية لا تريد للمصالحة ان تتم، فأسرع الطرق هو الذهاب للحرب بصاروخ واحد. واما القضية الثالثه لا انتخابات بدون إسرائيل، وهذا لأسباب كثيره تتعلق بعضها بالقدس والسماح بإجرائها من باب التمسك بالقدس عاصمة لفلسطين، وقد تصبح القدس ورقة لتمرير الانتخابات من عدمها. وإسرائيل من تتحكم بكل البيئة السياسية الفلسطينية في الضفة وغزة .وهل هي على إستعداد لتوفير الأمن ، وعدم الإقدام على إعتقال مرشحين لحماس او لغيرها، وماذا عن الموقف من البرنامج السياسي للفصائل الفلسطينية وكيف ستتعامل مع إسرائيل؟ وهل تقبل إسرائيل ان تكون مرجعية الانتخابات الدولة الفلسطينية ، وإلغاء مرجعية أوسلو ؟، إسرائيل تقع في قلب الانتخابات الفلسطينية على عكس الفلسطينيون وعلاقتهم بالإنتخابات الإسرائيلية. وهذه العقدة تحتاج لرؤية فلسطينية في التعامل ، وقد نذهب بعيدا بان هناك قضايا تتعلق بإسرائيل وحماس كقضية الأسرى ، هل سيتم التعامل معها ثنائيا قبل إجراء الانتخابات لتجنى حماسا شعبية وتأييدا جديدا بصرف النظر عن موقف السلطة منها. هذه القضايا الثلاث تلقى بظلالها على كل مراحل الانتخابات ـ وبدون رؤية توافقيه للتعامل معها وحلولا لها ستبقى الانتخابات في عالم الغيب السياسي، وستكون نتائج عدم إجرائها الآن بعد الإعلان عنها اكثر خطورة من قبل عدم الإعلان، وأول هذه النتائج إلغاء سيناريو ألأمر الواقع ومنه لخيار الفصل السياسى. ولهذه الأسباب بات خيار الانتخابات حسما لكل الخيارات.

دكتور ناجى صادق شراب
[email protected]