سيناريوهات حماس لخوض الانتخابات التشريعية بقلم:معتصم سهيل عدوان
تاريخ النشر : 2019-11-12
سيناريوهات حماس لخوض الانتخابات التشريعية

أعلن يحيي السنوار - رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة- يوم الاثنين الموافق  28/10/2019 جهوزية حركته لإجراء الانتخابات الفلسطينية بالتتابع على أن يتم عقد الانتخابات التشريعية ثم يليها بثلاثة أشهر الانتخابات الرئاسية، ويمثل إعلان السنوار قفزة نوعية قد تجعل من الانتخابات أمرا واقعا بعد ان كان عقدها ضربا من ضروب المستحيل، وعليه وبعد تجاوز أكثر النقاط الخلافية بين حركتي حماس وفتح والمتعلق بتوقيت إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية يمكن القول : أن احتمالية عقد الانتخابات قد باتت مرتفعة، وعليه فقد باتا من الملح على حركة حماس التفكير في كيفية خوض الانتخابات ورسم السيناريوهات وتحديد السيناريو الأمثل والذي يمنح مشروع المقاومة الفرصة الأوفر في حصد أصوات الناخبين، ويمكن حصر هذه السيناريوهات في أربع سيناريوهات رئيسة سنقوم باستعراضها  في هذا التقرير مع إبراز تأثيرات كل سيناريو على حظوظ حركة حماس في حصد أصوات الناخبين :

السيناريو الأول : خوض الانتخابات بقائمة مشتركة تضم تيار دحلان :

قد يبدو هذا السيناريو غريبا للوهلة الأولى ولكن في حقيقة الأمر يعتبر هذا السيناريو من أفضل السيناريوهات التي يمكن للحركة اتباعها لحصد أكبر عدد من أصوات الناخبين وذلك انطلاقا من اعتبارات عدة لعل أبرزها :

أولا : سيؤدى التحالف بين حركة حماس والقيادي المفصول محمد دحلان إلى تشتيت أصوات ناخبي حركة فتح بين تيارين رئيسيين أحدهما داعم للرئيس عباس والاخر داعم لمحمد دحلان وهو ما قد يسهم في تفتيت النواة الصلبة من ناخبي حركة فتح وهو ما قد يؤدي إلى تراجع حظوظها الانتخابية.

ثانيا : سيؤدى تحالف حركة حماس مع القيادي محمد دحلان إلى إزالة مخاوف الشعب في قطاع غزة من إمكانية استمرار الحصار في حال فوز حركة حماس مجددا في الانتخابات التشريعية، حيث عُرف عن القيادي محمد دحلان علاقته الواسعة على المستوى العربي والدولي وهو ما قد يسهم في ازالة خوف الناخبين من امكانية استمرار الحصار حال فوز قائمة تضم حركة حماس في الانتخابات التشريعية.

ثالثا : قد يسهم اشراك محمد دحلان في قائمة مشتركة مع الحركة الى اضفاء صفة شرعية عليه، وهو ما سيؤدي حتما إلى إضعاف وزعزعة مكانة الرئيس محمود عباس وربما اسقاطه في حال منح دحلان صفة تمثيلة رفيعة مثل رئيس المجلس التشريعي، ومن المتوقع أن يعمد الرئيس عباس الى إلغاء الانتخابات التشريعية في حال تم التوصل إلى تفاهم بين حركة حماس ومحمد دحلان يقضي بدخولهما الانتخابات بقائمة مشتركة، وبذلك تكون حماس قد ألقت الكرة في ملعب الرئيس عباس وحملته المسؤولية أمام الشعب عن إلغاء الانتخابات التشريعية.

رابعا : قد يمثل تحالف حماس – دحلان نهاية الانقسام، بدعوى أن الانقسام بداء من غزة ويجب أن ينتهي فيها وأن الاطراف المسئولة عن الانقسام هي من يجب أن تنهيه وأن الرئيس عباس لم يكتو بنار الانقسام ولم يعان مرارته لذلك لن يقدم خطوات عملية لأنهائه.

وبعد الإشارة إلى المكاسب التي يمكن حصدها من هذا التحالف تجدر الاشارة إلى أن تحالف حماس – دحلان لا يخلو من المخاطر، اذ عُرف عن الأخير دهائه السياسي وتمركزه الدائم حول مصالحه الشخصية، بالإضافة إلى علاقته الاستثنائية بدولة الإمارات العربية المتحدة ، ناهيك عن مناصبتها العداء المطلق للإخوان المسلمين حول العالم، وعليه يجب الحذر في التعاطي مع القيادي محمد دحلان وعدم إشراكه في أي حكومة يتم انشاءها في حال فوز القائمة المشتركة، ويمكن الاستعاضة عن ذلك بمنحه مكانة مميزة في المجلس التشريعي كمنصب رئيس المجلس في مقابل عدم توليه أي منصب وزاري وشريطة أن تكون الأكثرية التشريعية في القائمة لحركة حماس بما يكفل تقييده بهذه الاكثرية.

السيناريو الثاني : خوض الانتخابات التشريعية بقائمة مشتركة مع تيارات عدة :

يشكل هذا السيناريو النموذج الأمثل والذي يمكًن حركة حماس من حصد أكبر عدد من أصوات الناخبين، حيث يتم دخول الانتخابات التشريعية بقائمة مشتركة تضم حركة حماس و تيار دحلان بالإضافة الى تيارات يسارية أخرى مثل : الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية وغيرها من فصائل اليسار، وذلك ضمن تيار وطني واحد يشابه في تركيبته تيار الـ 8 من اذار اللبناني والذي يضم حزب الله اللبناني بخصوصيته كحركة مقاومة، بالإضافة الى تيارات أخرى تسهم في إدارة البلاد كواجهة أمامية بينما يملك حزب الله الثقل الأكبر في هذا التيار والذي يمكنه من توجيه التيار والبلاد بالطريقة التي تخدم مصالحه الحيوية.

وعليه يمكن لحركة حماس إنشاء تيار مماثل يضم في جنباته تيار دحلان بالإضافة الى تيارات يسارية لها قبول خارجي ودراية واسعة في العمل السياسي، حيث يتولى أحد قيادات التيارات اليسارية رئاسة الوزراء كواجهة إعلامية للحكومة الفلسطينية، بينما تسيطر حركة حماس على مفاصل الحكم من خلال أكثرية برلمانية بالإضافة إلى السيطرة على وزارات محددة مثل وزراتي الداخلية والمالية.

السيناريو الثالث : انشاء حزب سياسي جديد :

قد يكون لنا في تجربة الرئيس التركي طيب رجب أردوغان أسوة حسنة في هذا المجال، اذ عمد أردوغان إلى إنشاء حزب العدالة والتنمية عام 2001 للخروج من حالة الحظر المفروضة على الاسلاميين في تركيا وما رافق ذلك من رفض خارجي  للتعامل مع أي حكومة يقودها الإسلاميين في تركيا، حيث كان حزب العدالة والتنمية حزباَ سياسياً مدنياً بعيداً عن المرجعية الدينية التي تميز بها حزب الفضيلة والتي فرضت عليه الكثير من القيود وجعلته مجرداً من المرونة السياسية المطلوبة، وبناء على ما سبق وأخذاً بعين الاعتبار التجارب السابقة يمكن لقيادة حركة حماس انشاء حزب سياسي مدني بعيداً عن الخلفية الدينية، بحيث يكون أكثر مرونة في التعاطي مع القضايا الجوهرية وأكثر قدرة على التعامل مع شروط الرباعية الدولية، بالإضافة الى الاعتراف بالاتفاقيات التي عقدتها منظمة التحرير وهو شرط أساسي فرضه الرئيس عباس على أي حزب يريد خوض الانتخابات التشريعية وفقا لتعديل 2007 المدخل على قانون الانتخابات الفلسطينية، وهو ما قد يوفر لحركة حماس مخرجا من كثير من الاشكاليات التي قد تقيد أ داءها في الحقل السياسي.

السيناريو الرابع : خوض الانتخابات بقائمة منفردة :

إن سيناريو خوض الانتخابات بقائمة منفردة ستكون عواقبه وخيمة في قطاع غزة، اذ ليس من المتوقع أن يميل أهل القطاع الى انتخاب قائمة الحركة بعد كل هذه السنين التي عاشوه تحت ويلات الحصار، وستبقى المخاوف من استمرار الحصار - في حال فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية مجددا - قابعة في عقلية الشعب في قطاع غزة وهو ما سيحرم الحركة من كثير من أصوات الناخبين، وبناءً عليه يتوجب على قيادة الحركة أن تدرك أنها لن تنجح في الانتخابات القادمة في قطاع غزة على أقل تقدير في حال خاضت الانتخابات التشريعية بقائمة منفردة.

خلاصة تقدير الموقف

بناءً على استعراضنا للسيناريوهات السابقة وبالنظر إلى ما عايشه الشعب الغزي من حصار وظروف اقتصادية صعبة على مدار الأعوام التي تولت فيها حركة حماس حكم القطاع، تجدر الاشارة الى أن دخول حركة حماس الانتخابات التشريعية بقائمة منفردة قد يحرمها من أغلبية أصوات الشعب الغزي وذلك بسبب خشية عوام الشعب من احتمالية استمرار الحصار على قطاع غزة في حال فازت حركة حماس في الانتخابات التشريعية مجددا، وفي المقابل فان سيناريو خوض الانتخابات ضمن تيار وطني واسع - يضم في جنباته التيار الاصلاحي بقيادة محمد دحلان بالإضافة الى قوى اليسار – بالإضافة الى سيناريو انشاء حزب سياسي جديد يُزيل عن حركة حماس الكثير من القيود السياسية قد يمثلان السيناريوهات الأمثل لحصد أكبر عدد ممكن من أصوات الناخبين والخروج من حالة الانقسام الفلسطيني.