الاقتصاد ورقة التحالف الرابحة.. سورية وإيران مثالاً بقلم:د. خيام الزعبي
تاريخ النشر : 2019-11-09
الاقتصاد ورقة التحالف الرابحة.. سورية وإيران مثالاً بقلم:د. خيام الزعبي


على الرغم من أن الاعتبارات السياسية هي المحرك الرئيسي لسياسة إيران تجاه سورية، غير أن المصالح الاقتصادية باتت تلعب دورا أكبر من أي وقت مضى، فبعد أن دمرت الحرب قسماً كبيراً من البنية التحتية والقطاعات الإنتاجية السورية، قامت إيران، وبخلاف بقية دول المنطقة، بإبرام الكثير من اتفاقيات التعاون والعقود الاقتصادية مع الحكومة السورية من اجل إعادة تشييد تلك القطاعات.

كنت دائماً أقول بتمتين العلاقات السورية الإيرانية وربما يعود ذلك للسياسة التي تنتهجها كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط، حيث إنهما تعتبران سورية و إيران هما العائق والسد المنيع ضد تحقيق خارطة الشرق الأوسط الجديد ، و بذلك فان الكثير من الأحداث و الوقائع برهنت على هذه العلاقة إلى حد ما على إنها أكثر ثباتاً و استمراراً من أي علاقة أخرى بين دول المنطقة.

اليوم يوجد بين سورية و ايران علاقة قوية جعلتها تختلف عن غيرها من علاقات ايران بالدول العربية الأخرى، حيث سيتم ربط ميناء الإمام الخميني الإيراني بميناء اللاذقية السوري بسكة حديد عبر العراق، هذا الربط بين سورية و إيران والعراق سيسهم في تعزيز العلاقات التجارية بين الدول الثلاث، وتطوير الشحن عبر السكك الحديد وزيادة الترانزيت وتنمية الاستيراد والتصدير. بالتالي توفر هذه السكة فرصة لنقل النفط الإيراني براً، وهو أمر مهم لكل من طهران ودمشق المحرومة من الوصول إلى حقولها النفطية في شمال شرق البلاد، ومن المعروف أن النقل البحري للخام الإيراني صعب بسبب الضغوط الغربية، بمعنى إن مشروع إنشاء سكة حديد تربط بين ميناء الإمام الخميني واللاذقية ضروري للقيادة الإيرانية من أجل مواجهة العقوبات الأمريكية العابرة للحدود الإقليمية.

كما تبقى عين إيران على مرحلة ما بعد الحرب، وتحديداً على عملية إعادة الإعمار، حيث يوجد حالياً ملايين المنازل والمنشآت والبنى التحتية المدمرة في سورية، وسوف تكون إيران مستعدة بدورها، للعب دور كبير في عملية إعادة الاعمار، وهي التي تصنف كأكبر منتج للأسمنت والحديد في منطقة الشرق الأوسط.

في هذا السياق تعد العلاقات السورية- الإيرانية ذات طبيعة خاصة، نظرا لأهمية المصالح الاقتصادية التي تعد إحدى مرتكزات السياسة الخارجية الإيرانية تجاه سورية قياساً بالمسائل الأخرى نظراً لحاجتها إلى شركاء اقتصاديين وأسواق تجارية وفرص استثمارية، كما كان للحضور الإيراني في ملف الأزمة السورية الأثر الكبير في إحداث التحولات الكبرى في مسارات الأزمة وفي دعم الدولة السورية في الحرب على الإرهاب، لذا اتصفت العلاقات السورية – الإيرانية من الناحية السياسية بالثبات والاستقرار النسبي وبقيت هذه العلاقات قوية ومتينة على الرغم من المؤثرات الدولية الكثيرة التي عصفت بالنظام الدولي، والتي انعكست إيجابا على العلاقة الاقتصادية بين البلدين

مجملاً….شكلت الأزمة السورية نقطة تحول في العلاقات التجارية والاقتصادية بين سورية وإيران، فمنذ الأيام الأولى لبدء الأزمة أعلنت إيران وقوفها إلى جانب سورية قيادة وشعبا، فإيران لم ينكفئ دورها ولم يقل دعمها لسورية بالمطلق، بل زاد عن ما كان عليه الحال سابقاً، والمتابع لتحركات وزير الخارجية الإيراني في المنطقة، وسفره إلى عدة إقليمية وغربية وتصريحاته الأخيرة يدرك تماماً أن التنسيق قائم على قدم وساق بين دمشق وطهران، وأن الهدف هو إفشال المشروع الأمريكي في المنطقة بعد أن تراجع قدرة البيت الأبيض عن فرض إرادته بالقوة على دول وشعوب الشرق الأوسط.

وأختم بالقول: إن العلاقات السورية – الإيرانية وفق هذا المنظور وعلى أساس هذه المنهجية فإنها أسست لعلاقات مصيرية صادقة في التعامل والتي أثمرت نتائج واضحة المعالم في مواقفها ما يعطي صورة رائعة عن مستوى العلاقة الذي يجعل الكثير من الدول تنظر إلى العلاقة السورية -الإيرانية على أنها أنجزت على مبادئ وأسس سليمة ومتوازنة، كما تشكل هذه العلاقة واحدة من أقوى علاقات الدعم والإسناد في تاريخ الشرق الأوسط.